تنشر بوابة "الهلال اليوم" الجزء السابع من الفصل السابع لكتاب "أحجار على رقعة الأوراسيا"، للكاتب عمرو عمار، والصادر عن دار «سما» للنشر والتوزيع:
ثورة ملونة من تشافيز إلى مادورورحل هوجو تشافيز عن الحياة وهو على كرسي الحكم، نتيجة مرض السرطان، في الخامس من مارس عام 2013. وبعد أن تباكى العالم بأسره على رحيله، كان نائب الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو على موعدٍ جديدٍ مع النضال، فقد تسلم راية تشافيز، كرئيسٍ منتخبٍ للبلاد، في 14 أبريل من نفس العام، بعد أن أوصى به تشافيز شعبه وهو على فراش الموت.
كانت الوكالات الأمريكية المتخصصة في زعزعة الاستقرار، قد نجحت بعد عقودٍ طويلة من المحاولات، في التوغل بالحياة السياسية، خاصة في السنوات الأخيرة من حكم تشافيز.
وبعد سلسلةٍ من الأزمات السياسية والاقتصادية الطاحنة، داخل فنزويلا، خاصة مع الانهيارات المتتالية في الأسعار العالمية للنفط، منذ عام 2015، لم تجد واشنطن صعوبة في استدعاء النسخة الخاصة بفنزويلا من الاضطرابات بصبغة الثورات الملونة، ما بين أنصار المعارضة اليمينية المدعومة من واشنطن، وقوات الأمن الفنزويلي، في أبريل 2017.
طالبت قوى المعارضة الإطاحة بمادورو، وإجراء انتخاباتٍ رئاسية فورية، بعد أن نجحت في حشد الآلاف في الشوارع باحتجاجات واضطرابات، رفعت شعارات العصيان المدني؛ بدأت بحرق مقر محكمة العدل والمساواة، مرورًا بقطع الطرق الرئيسية، نهاية بعمليات النهب والسرقة، وسقوط الأبرياء بين صفوف الجماهير.
لم ينسَ غلمان جين شارب، تنفيذ تعليمات معهد ألبرت آينشتاين، وإرشادات منظمة كانفاس الصربية، للحفاظ على أدبيات الثورات الملونة، بتنظيم برامجٍ للتسلية تضم عزفًا للفرق الموسيقية، وأغاني مشاهير الغناء، والألعاب المسلية، نهاية بإعداد الأطعمة والوجبات الساخنة للمعتصمين، يحدث بالطبع كل هذا خلال عمليات الحرق والسرقة والقتل، لإضفاء روح السلمية على حرب اللاعنف، التي هي مقاومة مسلحة عنيفة.
وفي إطار الإطاحة بالرئيس الفنزويلي، الرافض للدوران في الفلك الأمريكي، قام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في أغسطس 2017، بفرض عقوباتٍ مالية قاسية على ما أسماه بالنظام الديكتاتوري للرئيس نيكولاس مادورو.
دخلت فنزويلا في حالة فوضى عارمة منذ فاعليات هذه الثورة، وحينما أفصح مادورو عن نيته بيع نفط فنزويلا على أساس الأبعاد الإقليمية، وسلة عملات تتضمن اليوان الصيني والروبل الروسي واليورو والدولار، قام الرئيس الأمريكي بإشعال حرب العملات على فنزويلا، مثلما فعلها في إيران، ومن بعدها تركيا، كما صادر أصول وأرصدة (شركة النفط الوطنية الفنزويلية) في بنوك الغرب.
ونتيجة ارتفاع معدلات التضخم إلى مستوياتٍ غير مسبوقة تاريخيًّا، وصلت إلى مليون بالمائة وأصبح كل 5.9 ملايين بوليفار يساوي 1.7 دولار أمريكي في السوق السوداء؛ اضطرت حكومة فنزويلا في أغسطس من عام 2018، إلى إصدار عملةٍ جديدة محذوف منها خمسة أصفار، في محاولةٍ لإنقاذ اقتصاد البلاد من حالةٍ ميؤوس منها، بعد أن هجر الآلاف من الفنزويليين مدينة الأشباح للعيش في الخارج، وحتى الآن لا يزال الرئيس الأمريكي مصرًّا على الإطاحة بتلميذ تشافيز دون جدوى.