الأحد 9 يونيو 2024

القطريون يمولون حزبه.. وانشقاقه عن الجماعة «تكتيكى» الانتهازى عبد المنعم أبو الفتوح .. الأسواء

3-5-2017 | 13:09

تقرير : مروة سنبل

أثيرت حالة من الجدل والتكهنات حول زيارة د.عبد المنعم أبو الفتوح، رئيس حزب "مصر القوية"، المرشح الرئاسى الأسبق مؤخرا إلى العاصمة البريطانية لندن، وربط البعض بينها، و بين ما تردد عن لقاءاته قيادات من التنظيم الدولى لجماعة الإخوان الإرهابية، وتحديدا راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة التونسية "إخوان تونس" و إبراهيم منير أمين التنظيم الدولى للجماعة.

فيما سارع حزب مصر القوية بالنفى أن يكون "أبو الفتوح" التقى أحدا من قيادات الإخوان خلال زيارته للندن، قائلا : "لم يلتق خلال الزيارة بأى من أعضاء التيارات السياسية المختلفة ولا صحة لما نشر حول لقائه بالسيد إبراهيم منير"، بينما أعلنت الصفحة الرسمية لأبو الفتوح أنه سافر للندن بدعوة من معهد تشاتام هاوس، لحضور ندوة عن الإسلام والديمقراطية، يشارك فيها زعيم حزب النهضة بتونس راشد الغنوشى .

فى المقابل رأى المراقبون أن زيارة رئيس حزب مصر القوية، الأخيرة للندن حاول خلالها الحصول على دعم ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة وتسويقه عربيا وخليجيا، فى حين أكد "أبو الفتوح "( ٦٦ عاما ) لدوائر المقربين منه أنه لم يحسم قراره النهائى بالترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، ولكن فى ذات الوقت لم ينفى عدم خوضها .. فمازال موقفه متأرجحا.

القيادى الإخوانى السابق الذى دخل عالم السياسة مبكرًا من باب العمل الطلابى والنقابي،انضم للجماعة فى ريعان شبابه، وتدرج فى مناصبها الداخلية إلى أن أصبح عضوا لمكتب الإرشاد لأكثر من ٢٠ عاما حتى عام ٢٠٠٩ قبل أن ينشق عنها، واشتهر عنه بأنه كان رائد جيل التجديد داخل الإخوان، وبحسب المصادر كان "أبو الفتوح" أول من حمل على عاتقة أفكار الجماعة الإرهابية لطلبة الجامعات ، وكان صاحب فكرة التمكين والاستيلاء على النقابات المهنية فى مواجهة التيارات السياسية.

يؤخذ عليه مواقفه المتأرجحة ؛ بل يصفه بعض المراقبين بـ "الرجل المتناقض" .. هذا ما أكده سامح عيد المتخصص فى الحركات الإسلامية بقوله: أبو الفتوح يعتبر المؤسس الثانى لجماعة الإخوان، فالجماعة التى أنشأها حسن البنا فى العشرينيات وشهدت ازدهارها بداية الخمسينات ، ثم دخلت مرحلة تراجع وشتات ، أعاد إحياءها من جديد فى السبعينيات شباب عائد من الجماعة الإسلامية فى الجامعات، كان نجمهم عبد المنعم أبو الفتوح.

وبصفته كان مشاركا فى حملة أبو الفتوح الرئاسية عام ٢٠١٢ ، يتحفظ " سامح عيد " على الكثير من الصفات فى شخصية المرشح الرئاسى السابق، التى يرى أنها انكشفت له من خلال تعامله معه عن قرب حيث قال : على الجانب الآخر نجد أن أبو الفتوح رجل غير مثقف فهو لا يحب القراءة، وثقافته كلها "سمعية " ، ويستعين ببعض الأشخاص بمثابة مستشارين له يحددون له مواقفه فى ضوء الأحداث دون إدراك منه، كما أن الرجل يعاب عليه أنه ليس لديه أيديولوجيه واضحة، فهو يريد تقديم خطاب ليبرالي، وفى نفس الوقت لم يتخلص فى ميوله الإسلامية وبالتالى يفتقد صياغة استراتيجية فكرية يؤمن بها بشكل حقيقي، هذا على عكس "الغنوشي" الذى حسم مواقفه لأنه مقتنع بأفكاره ومتسق معها سواء اتفقنا أو اختلافنا معه، لكن أبو الفتوح يبقى متأرجحا فى مواقفه كونه يفتقد صياغة تفكير يكون على قناعة تامة به، وموقف ثابت وواضح.

وعن مواقف حزب "مصر القوية"، قال "عيد" : إن أبو الفتوح متقلب المواقف وتصريحاته مائعة، لم يستطع عمل الخلطة التى سعى لتقديمها من خلال إنشاء حزب مصر القوية كتيار إسلامى ليبرالى وبناء عليه انهار الحزب بعد انتخابات الرئاسة ٢٠١٢، وكثير ممن شاركوا فى حملاته الانتخابية اختلفوا معه فى كثير من المواقف اللاحقة، وهناك العديد من المواقف المتأرجحة لأبو الفتوح فهو يعلن تأييده لثورة ٣٠ يونيه إلا أنه يعود بعد ذلك و يرفض ما حدث فى ٣ يوليو ، كما أنه انفعل وتأثر بشدة للخطاب الإخوانى بحادث الحرس الجمهورى ولم يسمع من الطرف الأخر من أنه كان هناك بالفعل محاولة لاقتحام منطقة عسكرية من قبل عناصر الإخوان وتصدت لهم قوات الأمن، لكنه تعامل بشكل عاطفى وتفاعل مع روايات الإخوان التى تحدثت من منظور واحد فقط .

وحول موقفه من الترشح للانتخابات الرئاسية العام المقبل، قال "عيد": هو يرغب فى الترشح للرئاسة، واعتقد أنه خلال زيارته مؤخرا للندن تطرق فى هذا الأمر خلال لقائه بالغنوشى فى محاولة لدعمه وتسويقه عربيا وخليجيا بشكل خاص. فالرغبة ما زالت موجودة ومسيطرة والحلم لا يزال قائما لديه وهو حق مشروع لأى شخص، لكن وفقا لشخصية أبو الفتوح فإمكانياته ليست فى صالحه حتى لو تلقى مساندة ودعما خليجيا.

وتابع : أبو الفتوح غير قادر على المنافسة فى السباق الرئاسي، فهو يفتقد القدرة على مواجهة الإعلام بتقديم خطاب متوازن كما أنه لا يمتلك القدرة والرؤية الواضحة لإدارة مؤسسات الدولة بشكل قوى وقد اتضحت شخصيته خلال المناظرات التى أجريت فى ٢٠١٢، فهولا يجيد تقديم خطاب مقنع للرأى العام ولم يستطيع الإجابة على الأسئلة الملغزة ويقدم من خلالها رؤية مقنعة للرأى العام .

واستبعد "عيد" دعم قواعد الإخوان مرشح فى سباق الرئاسة المقبلة، مؤكدا أن التنظيم يمر بالمحنة الأكبر فى تاريخه من انشقاقات داخلية تضرب قواعد ورأس التنظيم. كما أن عددا كبيرا من قواعد وقيادات التنظيم إما فى السجون أو هاربون فى الخارج، إضافة إلى ابتعاد عدد من قواعد الإخوان عن أى مشاركات وتكليفات تنظيمية، فضلا عن رغبة الجماعة فى عدم إعطاء شرعية لأى عملية انتخابية خاصة فى حالة فوز الرئيس السيسى بالرئاسة حال ترشحه فى الانتخابات المقبلة ٢٠١٨، مشيرا إلى أن موقف القيادات الشبابية المتمردة داخل التنظيم من العودة للحياة السياسية هو الرفض، مؤكدًا أن الإخوان لن يعودوا إلى ما قبل ٢٥ يناير ٢٠١١ من المشاركة فى النقابات والانتخابات الطلابية، و أن خيارهم الوحيد هو الصدام مع الدولة، فيما تحاول القيادات التاريخية بزعامة محمود عزت التهدئة والعودة للمشهد السياسى كمحاولة لتقليص خسائر الجماعة منذ أن تمت الإطاحة بها من السلطة، ولكن فى ظل الرفض الشعبى وتصدى أجهزة الأمن لمخططات الجماعة فى هدم الدولة، يستبعد عيد أن يصل التنظيم إلى هذه الفرصة بسهولة.

من جانبه قال هشام النجار، المتخصص فى الحركات الإسلامية : إن أبو الفتوح برجماتى متلون عاشق للزعامة منذ حواره عن الرئيس السادات المشهور، وهو يتمنى ويحلم من يومها ببلوغ منصب رئيس مصر، وتعزز الحلم مع تجربة أردوغان بتركيا فهو ينظر لنفسه كأردوغان مصر الذى سيعوض فشل الإسلاميين السابق كما عوض أردوغان فشل من سبقه من إسلاميى تركيا وخاصة تجربة حزب الرفاة وزعيمه نجم الدين أربكان.

وأكمل: مواقف أبو الفتوح هى مواقف الجماعة، وإن كان منفصلًا ظاهريًا عنها فهو أحد رموز التنظيم الدولى المهيمن، وتظهر حقيقته فى المناورة التى أجرتها الجماعة للانفراد بالسلطة حيث وفرت بدائل لبلوغ هذا الهدف بعد أن تعهدت بعدم الترشح للرئاسة وعدم السعى للأغلبية البرلمانية، عادوا وخالفوا ما تعهدوا به، وكان أبو الفتوح أحد البدائل فى حال فشل الجماعة فى تصعيد أحد قادتها للسلطة، والثانى ارتباطه الشديد بقطر فحزبه فى الأساس تم إنشاؤه فى قطر وصاحب فكرته القيادى الإخوانى القطرى جاسم سلطان وأطلق على حزب مصر القوية حزب قطر فى مصر، ويحظى أبو الفتوح بدعم خاص من القرضاوى وجميع الشواهد منذ يونيه ٢٠١٣م إلى اليوم تدل على أنه منحاز لخيارات قطر ومساعى من أنشأوا حزبه على حساب المصلحة الوطنية المصرية.

وأضاف: أبو الفتوح أعلن انشقاقه الظاهرى التكتيكى عن جماعة الإخوان، ومن انشقوا عن الجماعة ظهرت لدى معظمهم أفكار إصلاحية تقدمية ضد التنظيمات والجماعات غير الوطنية والتى لها تحالفات خارجية ودعم من قوى إقليمية طامعة، عدا "أبو الفتوح" الذى يبدو أنه كانت له أغراض وأطماع تقف وراء خطوته تلك، فقد ظل على ارتباطه بداعميه القطريين وظل مرتبطا بالقرضاوى كبديل فى الوقت المناسب وظل مهاجماً للدولة المصرية بدون موقف واحد واضح وصريح ضد العمليات الإرهابية ضد الجيش والشرطة ومؤسسات الدولة.

ورأى "النجار" أن أبو الفتوح أسهم مع جماعة الإخوان فى تفكيك الحالة الثورية بسبب طمعهم الشديد وحرصهم على السلطة بأى ثمن، إلى جانب أنه الشخصية الأهم لقطر وتركيا فى مصر وحزبه الجديد سمى حزب قطر فى مصر بوصفه هو الفرع المصرى لمشروع النهضة الذى تم التخطيط لتعميمه على الدول العربية وصولاً للسيطرة على السلطة بها من خلال وكلاء تحت تلك العناوين البراقة، وكان أبو الفتوح الشخصية المجهزة للعب الدور الجديد وليس مرسى أو غيره، لذلك تم فصله عن الإخوان ليجسد نموذج " أردوغان مصر " الذى سيدفع بالحالة الحزبية الإسلامية للصدارة بحسب مزاعمهم .

وأكمل: زيارة أبو الفتوح الأخيرة إلى العاصمة البريطانية لندن، شهدت لقاء بينه وبين راشد الغنوشي، أحد القيادات الكبرى لفروع الإخوان فى الخارج، والذى أعلن عدة مرات مساعيه لإعلان مصالحة بين الإخوان والدولة، كما كشف فى وقت لاحق تفاصيل لقاءات جمعته بزعماء عرب طرح فيها المشاركة فى مساعى المصالحة، مع الدعوات التى خرجت فى السابق من عبد المنعم أبو الفتوح، وحزبه، للمصالحة مع الإخوان، ومبادرات سابقة أعلن عنها، فنحن هنا أمام رجل يسعى إلى إبقاء كتلة الجماعة بهياكلها ومرشدها، وبممتلكاتها، على أن تستحوذ على ما يسميه جانبا دعويا وتربويا، صابغا على الجماعة "وطنتيها"، وخلوها من العنف.

بدوره قال خالد الزعفراني، إن الباحث فى الحركات الإسلامية: العداء بين أبو الفتوح وجماعة الإخوان بدأ فى عام ٢٠١١، بسبب الموقف من الترشح لانتخابات الرئاسة، ومازال هناك صراع بين قيادات الجماعة مثل محمد بديع، مرشد الجماعة، ومحمود عزت، القائم بأعمال المرشد، وبين من يرى فى نفسه الأحق بتمثيل الجماعة".

واتفق "الزعفراني" مع الآراء السابقة التى تؤكد أن "أبو الفتوح" لا يمتلك إمكانيات وقدرات تؤهله للإدارة. منتقدا ما يتردد عن كونه المجدد الثانى للإخوان، ومشيرا إلى أن أبو الفتوح كان عضوا عاديا بالإخوان وليس لديه إمكانيات بل كان له نشاطات باتحاد الطلبة، وكان هناك من لهم أدوار أهم منه بكثير لكنهم لم يفضلوا الظهور بشكل علني.