الأحد 24 نوفمبر 2024

حوادث

الإدارية العليا تعاقب معلمة أظهرت فرحتها بالأعمال الإرهابية

  • 23-1-2021 | 11:17

طباعة

في حكم جديد وفريد يحاكم ظاهرة الشماتة في شهداء الوطن من رجال الجيش والشرطة، قضت المحكمة الإدارية العليا فحص برئاسة المستشار صلاح هلال نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي ومحسن منصور نائبي رئيس مجلس الدولة بإجماع الاَراء برفض الطعن المقام من المعلمة (و.م.أ) بمدرسة 6 أكتوبر الابتدائية بدكرنس محافظة الدقهلية لأنها أظهرت الفرحة والشماتة عند حدوث أية عمليات إرهابية يتم فيها استشهاد جنود أو ضباط من رجال القوات المسلحة أو الشرطة وعاقبتها بخصم عشرين يومًا من راتبها.

 

قالت المحكمة إن الشماتة في شهداء الوطن من رجال الجيش أو الشرطة يعد تصرفا مذموما مدحورا وسلوكا ملوما محسورا وفعلا مخذولا محظورا، وبهذه المثابة تعد الشماتة في الشهداء مفسدة لتعاليم الأديان ومجلبة للشر والاَثام، ذلك أن من يستشهد دفاعا عن حماية البلاد والحفاظ علي استقلال الوطن ووحدة وسلامة أراضيه أو دفاعا عن توفير الطمأنينة والأمن للمواطنين يعد حاميا لشرف وكرامة الأمة المصرية التي تصون لها الدستور  في المادة (16) منه بالتزام الدولة بتكريم شهداء الوطن، ورعاية مصابي الثورة، والمحاربين القدماء والمصابين، وأسر المفقودين في الحرب وما في حكمها، ومصابي العمليات الأمنية، وأزواجهم وأولادهم ووالديهم، وأن تعمل علي توفير فرص العمل لهم، وذلك علي النحو الذي ينظمه القانون .

 

وتشجع الدولة مساهمة منظمات المجتمع المدني في تحقيق هذه الأهداف وهو ما كان موضع اهتمام فعلي من المشرع العادي بإصداره القانون رقم 16 لسنة 2018 بإصدار قانون إنشاء صندوق تكريم شهداء وضحايا ومفقودي ومصابي العمليات الحربية والإرهابية والأمنية وأسرهم , وما قد يلحق به من تعديلات ضامنة لما نص عليه الدستور.

 

وأضافت المحكمة أن سلوك  الشماتة سخرية وهمزا ولمزا واستهزاء وقولاً وفعلاً وإشارة ليس من الأخلاق الحميدة الكريمة ، والشيم المرضية التي أمر الله عباده بها التي تُقوِّم السلوك ليستقيم علي الفطرة السوية من حُسن المعتقد، وحب الخير للناس، واجتنابِ الشحناء، والتهاجر، والتباغض، والسباب، والتنابز بالألقاب، فالشماتة وصفا ولفظا فيه تنقُّصٌ، أو حطُّ مكانة، أو احتقارُ، أو ذمٌ، أو طعنٌ، أو تعدٍ علي كرامة بفرحٌ ببليةِ مَن تُعاديه، والسرورُ بما يكره من تجافيه فإذا رأي نعمة بُهت، وإذا رأي عثرة شمت ومن يتصف بهذا الخلق الذميم الشامت، محروم من المحامد الجميلة ، والمسالك الراقية، والشعور الإنساني النبيل.

 

وذكرت المحكمة  أن الثابت أن الحكم المطعون فيه قد أحاط بأدلة الاتهام المنسوب إلي الطاعنة (و.م.أ) المعلمة بمدرسة 6 أكتوبر الابتدائية بدكرنس محافظة الدقهلية بأنها تظهر الفرحة والشماتة عند حدوث أية عمليات إرهابية يتم فيها استشهاد جنود أو ضباط من رجال القوات المسلحة أو الشرطة من خلال الشهود الذين اطمأنت المحكمة لشهادتهم وهي مخالفة ثابتة في حقها ثبوتا يقينيا بشهادة (م.أ.أ) ناظر المدرسة  المذكورة زميلاتها وزملائها (ف.أ.م) و (أ.ا.أ) و(ب.ع.ا) المدرسين بذات المدرسة , كما نسب إليها أنها تعدت بالقول علي ناظر المدرسة بشهادة زميلاتها مما يشكل في حقها إخلالا جسيما بكرامة الوظيفة, وإثماً تأديبيا يستوجب العقاب بخصم عشرين يوما من راتبها علي نحو ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه .

 

وأوضحت المحكمة أن القرآن العظيم قد نهي عن فعل الشماتة بقول الله – عز وجل : " إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ " الاَية 120 من سورة آل عمران , وفي غزوة اُحد فرح المنافقون بما أصاب الرسول – صلي الله عليه وسلم – والمؤمنين من جراحات فأنزل الله عز وجل قوله :" إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ " الاَية 140 من سورة  آل عمران , وقال هارُون لأخيه موسي - عليهما السلام - في محكم التنزيل العزيز:" فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ " الاَية 150 من سورة الأعراف , وروي البخاري ومسلم في الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : (تعوذوا بالله من جهد البلاء ودرك الشقاء وسوء القضاء وشماتة الأعداء) ويقول الشوكانيُّ - رحمه الله -  "استعاذَ النبي - صلي الله عليه وسلم - من شماتة الأعداء وأمر بالاستعاذة منها، لعِظَم موقعها، وشدَّة تأثيرها في الأنفُس البشرية، ونُفور طِباع الناس منها، وقد يتسبَّبُ عُمقُ ذلك والاستِمرارُ عليه تعاظُم العداوة المُفضِية إلي استِحلال ما حرَّم الله".

 

واختتمت المحكمة  أن الجرائم التأديبية وإن لم تتشابه مع الجرائم الجنائية في أنها قد وردت علي سبيل الحصر كما هو موصوف في نموذج التجريم الجنائي , إلا أنها بوصفها نظامًا للتأثيم والتجريم تتعلق بالسلوك الإنساني غير المحصور في قوالب منصوص عليها فحسب بل تمتد إلي إلي ما تكشف عنه بيئة المجتمع من أفعال وتصرفات تنتهك المبادئ التي تضمنتها الدساتير والقيم التي دعت لإصدار القوانين والمثل التي نات بها تعاليم الأديان , وهذا السلوك الإنساني يخضع للقانون كما يخضع للعرف العام وتقاليد المجتمع ومثله وقيمه , لذا فليس للجرائم التأديبية نموذجا موصوفا للتجريم علي نحو يماثل الجرائم الجنائية.

 

وبهذه المثابة تظل الجرائم التأديبية علي عكس الجنائية غير محصورة بل متطورة ومرنة ومعبرة عن خرق النظام الحياتي للإنسان السوي في البيئة التي يحيا بها , فتفرغ في الجرائم التأديبيىة كل مخالفة للناموس الطبيعي للحياة والفطرة السليمة بما يتعارض مع كرامة الوظيفة أو يؤذي الكرامة الإنسانية ، وقد بات واجبا علي الموظف العام  أن يتحري في سلوكه العام ما يحفظ به كرامة الوظيفة طبقا للعرف العام وأن يتحلي بسلوك رفيع في أداء الواجبات الوظيفية فلا يسوغ له خلط الجد بالهزل أو التدني في اطلاق العبارات والتعليقات التي تحمل معاني الهزل والاستهزاء والشماتة بما ينال من واجب الاحترام والكرامة التي تصون لها الدستور فمن ثم تدق له موازين الحساب , وعلي هذا النحو يجب أن تثبت الجريمة التأديبية يقينًا في حق المتهم حتي يتسني توقيع العقاب المناسب علي من ارتكبها، وسواء ارتكبت الجريمة التأديبية داخل مجال العمل أو  خارجه بحسبان أن الموظف العام يسأل تأديبياً عن الأفعال والتصرفات التي تصدر عنه خارج نطاق أعمال وظيفته إذا كان من شأنها الخروج علي واجبات الوظيفة أو الإخلال بكرامتها أو الاحترام الواجب لها أو يمس الأمانة أو الكرامة الإنسانية.

    أخبار الساعة

    الاكثر قراءة