الخميس 20 يونيو 2024

«استيراتيجية الخروج على فراش ترامب».. فصل جديد من كتاب «أحجار على رقعة الأوراسيا»

فن28-1-2021 | 11:13

تنشر بوابة "الهلال اليوم" الجزء الخامس من الفصل التاسع من كتاب "أحجار على رقعة الأوراسيا"، للكاتب عمرو عمار، والصادر عن دار «سما» للنشر والتوزيع، وجاء بعنوان "استيراتيجية الخروج على فراش ترامب". 


استراتيجية الخروج على فراش ترامب


ديسمبر 2017، قدم (إريك برنس) إلى الرئيس الأمريكي (ترامب) ورئيس الاستخبارات المركزية (مايك بومبيو) الذي أصبح وزيرًا للخارجية فيما بعد، ما أسماه خطة (استراتيجية الخروج الأفغانية) بعد 17 عامًا من الوجود العسكري الأمريكي، وإنفاق ما يزيد عن (714 مليار دولار) من أموال دافعي الضرائب الأمريكيين.


اقترح (برنس) أن يتم تكليف شركته الخاصة (الأكاديمية) بالاستيلاء على موارد تعدين لا تقدر بثمن، في مقاطعة (هلملاند) الأفغانية، واستخدام الموارد من أجل دفع تكاليف استمرار الدور العسكري الأمريكي في البلاد، ويقترح برنس نهب احتياطيات ضخمة من الليثيوم واليورانيوم والفوسفور، وغيرها من العناصر النادرة التي تبلغ قيمتها (تريليون دولار) في مقاطعة هلملاند وحدها.


مقاطعة هلملاند تعد أكبر موطن لزراعة الأفيون في العالم، ورغم أن حركة (طالبان) نجحت تمامًا في القضاء على زراعة الأفيون قبل الغزو الأمريكي عام 2001، فإنه وبعد الغزو قامت قوات الاحتلال الأمريكي بتعيين (أحمد كرزاي) شقيق الرئيس الأفغاني السابق (حامد كرزاي) ليشرف على عمليات زراعة الأفيون والهيروين، ونقلها عبر طائرات وكالة الاستخبارات المركزية، نظير أموالٍ ضخمة، مثلما يحدث دائمًا في أمريكا اللاتينية(6). 


من كابول على بساط بغداد


العراق وإيران، من الدول المنتجة للنفط، هما من الدول المارقة في وثيقة استراتيجية الأمن القومي للبيت الأبيض، سواء الخاصة بإدارة كلينتون، أو إدارة بوش الابن، وتُعد العراق البوابة الشرقية للوطن العربي، وحائط الصد المنيع في مواجهة التمدد الشيعي الفارسي داخل الجسد العربي، وفق رواية الثورة الإسلامية لروح الله الخميني، التي اندلعت في إيران عام 1979، في نفس العام الذي تولى فيه (صدام حسين) رئاسة الجمهورية العراقية.


كان حزب الدعوة الإسلامي الشيعي قد تأسس سرًّا عام 1957، في محافظة النجف العراقية، تحت قيادة المرجع الشيعي (محمد باقر الصدر) وقد تبنى فكرة (الإسلام السياسي الشيعي) وطمح إلى قيام دولةٍ إسلاميةٍ شيعية في العراق، فالحزب هو الوجه الآخر من عملة الإسلام السياسي، بينما تمثل جماعة الإخوان المسلمين صاحبة فكرة (الإسلام السياسي السني) الوجه الأول من هذه العملة.


على إثر ثورة الخميني في طهران، سرعان ما انتشر الحزب في تظاهرات تُعلن مبايعه الخميني قائد الثورة الإسلامية كإمامٍ للمسلمين في العراق والعالم الإسلامي، عام 1979.


آنذاك، حُشدت الجموع في شوارع بغداد تعلن عن ولاية الفقيه في العراق، تيمنًا بالجمهورية الإسلامية الوليدة في إيران، وأن قائدهم هو الإمام الإيراني، الذي أرسل للصدر يحثه بصفته قائد الثورة الإسلامية الجديدة في العراق.


الحدث اعتبره الرئيس العراقي (صدام حسين) امتدادًا حقيقيًّا للثورة الإيرانية على أراضيه، فاندلعت حرب الثماني سنوات بين العراق وإيران، أي حرب الخليج الأولى إبان عصر الرئيس الأمريكي رونالد ريجان.


قادت نتائج الحرب الأولى إلى اندلاع حرب الخليج الثانية، في عصر بوش الأب عام 1991، كان (صدام) مدانًا بمبلغ (14 مليار دولار) قيمة المساعدات الاقتصادية المقدمة من الكويت والسعودية، خلال الحرب، وبدلًا من قيام الدولتين بتخفيض حصصهم من إنتاج النفط داخل الأوبك كمطلبٍ عراقي، حتى ترتفع أسعار النفط من (25:18) دولار للبرميل، ليتمكن (صدام) من سداد الديون، تعمدت الدولتان زيادة حصصهما داخل الأوبك.


الأمر أدى إلى هبوطٍ حادٍّ في سعر برميل النفط عالميًّا، إلى (10 دولارات) للبرميل الواحد، مما كلف (صدام حسين) الكثير، في توقيتٍ كان يحاول استعادة الاقتصاد العراقي المنهار، وعلى هذا قرر (صدام) غزو الكويت، بذريعة النزاع على بئر نفط تقع على الحدود المشتركة بين الدولتين.


انتهت الحرب، وبدأ (بوش الأب) يسير قدمًا في تنفيذ مخططه الإجرامي؛ حيث فُرضت عُزلة خانقة على العراق، بعقوباتٍ اقتصادية استمرت طيلة (13 عامًا) بقرارٍ من الأمم المتحدة، كما فرضت الولايات المتحدة منطقة حظرٍ جويٍّ على شمالي وجنوبي العراق، أدت بنهاية المطاف إلى حصار (صدام حسين) وسط العراق؛ بعد أن حظي ثوار الأكراد بإقليم كردستان العراق في الشمال بحكم الواقع في أكتوبر من عام 1991، ونجحت إيران في محاصرة الجنوب العراقي بميليشيات مسلحة شيعية تابعة لولاية الفقيه في طهران.


  خرج الجميع من هذه الحرب خاسرًا عدا إيران، وأمريكا التي وجدت لقواعدها العسكرية وأساطيلها البحرية موطئ قدمٍ جديدًا على سواحل المتوسط والأحمر، وتمركزت القيادة العسكرية الأمريكية في قاعدة العيديد والسيلية بدولة قطر، بعد انتقالها من المملكة العربية السعودية بعد الحرب.


كما نجح (بوش الأب) الذي رحل بنهاية العام 2018، في جعل هذه المنطقة ملتهبة، وضمن سيطرة الولايات المتحدة على البحار والمحيطات، وتأمين مصادر الطاقة القادمة من منطقة الشرق الأوسط، وفقًا للمحور الجيواستراتيجي الرابع، من أجل ضمان استمرار الهيمنة الأمريكية على رقعة الأوراسيا، ولم يتبقَ سوى خطوة للسيطرة التامة على حقول النفط العراقي، عبر الإطاحة بالعنيد (صدام حسين).