تقرير: إيمان النجار
رغم مرور أربعة أشهر على قرار تحريك أسعار الأدوية، إلا أنه حتى الآن لم تختف ظاهرة النواقص، بل على العكس الأزمة مستمرة وفى تزايد، الأمر الذى جعل الإدارة المركزية للشئون الصيدلية ترفع أو تحذف النشرات الدورية التى تصدر شهريا الموضح بها عدد النواقص والبدائل أو المثائل المتاحة لبعضها.
فبعد صدور نشرة مارس الماضى تم رفعها من على الموقع الإلكترونى للإدارة، وكذلك تم نشرها فى يناير وفبراير، ووفق نشرة مارس فعدد الأصناف الناقصة نحو ٢٨٩ صنفا لهم بدائل أو مثائل، ونحو ٤٩ صنفا ليس لهم مثائل أو بدائل وهى الأصناف الأكثر احتياجا، وهذا الرقم فى تزايد، فوفق نشرة فبراير كان عددها ٣٩ صنفا.. ويشار إلى أن الإقدام على إجراء حذف أو حجب النشرات فى حد ذاته. وصدور تعليمات بعدم نشرها على الموقع الرسمى، هو مؤشر على تزايد الأزمة.
قراءة سريعة لسوق الدواء تعكس أمرين الأول: أن بعض الأصناف الناقصة يتوفر لكن بصورة قليلة مقارنة بحجم النواقص الموجود، وأن عدد من هذه الأصناف لم تدخله الشركات فى الأصناف التى تقدمت بها وقت تحريك الأسعار فى يناير الماضى، لأن الشركات اختارت الأصناف المربحة لها، وبالتالى ما زال عدد من النواقص كما هو فإذا توفر ثلاثة أو أربعة أصناف يختفى فى المقابل عشرة أصناف وهكذا.. الأمر الثانى: أن الشركات لم تنتظر مرور ستة أشهر كما قال وزير الصحة والسكان الدكتور أحمد عماد لإعادة النظر فى سعر الدواء، فالشركات أدركت أن الخطوة التى حدثت فى يناير الماضى قد لا توافق عليها الحكومة مرة أخرى حتى لا تثير غضب الناس، لذا تكالبت شركات الأدوية منذ أكثر من شهر على التقدم بطلبات لتحريك أصناف معينة، بحجة أنها خاسرة وأصبحت الشركات تتعامل من إدارة الصيدلة بمبدأ المساومة، «فإذا كنتم تريدون توفير الصنف حركوا سعره..» الأمر الثالث: أنه حتى الآن لم تظهر وزارة الصحة تحركا نحو إلزام الشركات أو التعهدات الوهمية التى اتخذت على الشركات لتوفير الأصناف الناقصة.. أما الأمر الرابع: أن عددا من شركات الأدوية بدأ نفس الخطوة مرة أخرى وهى عدم توفير أصناف أخرى لتدخل فى دائرة المطالبة بتحريك الأسعار.
نواقص الأدوية متنوعة وشملت أمراضا متنوعة، لكن الأزمة مُتزايدة فى أصناف بعينها منها أدوية جلطات القلب خاصة صنف استربتوكاينيز مذيب الجلطات، وبعض أدوية التخدير ووفق شكاوى المستشفيات التى ترد للإدارة المركزية للشئون الصيدلية، فالعمليات مهددة بالتوقف فى عدد من المستشفيات لعدم توفر، وأيضا دواء أميونوجلوبلين للمناعة يعطى للأطفال فى الحضانات وتزداد مشكلته فى المستشفيات الجامعية والخاصة، وأيضا صبغات الأشعة من الأصناف التى تسبب مشكلة فى عدد من المستشفيات.
الدكتور كريم كرم مسئول ملف الدواء بالمركز المصرى للحق فى الدواء، قال إن نواقص الأدوية مشكلة مستمرة، وللأسف الأمر يظهر بأن الشركات حققت استفادتها بتحريك الأصناف المربحة لها وفى المقابل لم يتم توفير النواقص بشكل كامل وشكاوى الأفراد، بل وبعض المستشفيات من عدم توافر الأدوية مستمرة ولعل أبرزها بعض أصناف أدوية حضانات الأطفال وصبغات الأشعة. مضيفا: كما أن الملاحظ أن الشركات توفر بعض الأصناف لمجرد التوفير، بمعنى أنها تنتجها بكميات لا تكفى احتياجات السوق، وبالتالى تعفى نفسها من فكرة التوقف عن الإنتاج، وحتى تنتهى الأزمة يجب على وزارة الصحة دراسة السوق بشكل جدى وتحديد الأصناف الأساسية وحساب تكلفتها، فالمريض أصبح فريسة للسوق السوداء بما فيها من أدوية مغشوشة وأسعار مبالغ فيها، فرغم أن الأزمة قلت فى بعض الأصناف من الألبومين البشرى وحقن «انتى أر اتش»؛ إلا أنه فى المقابل دخلت أصناف أخرى حتى المحلية منها دائرة النواقص. بينما قال الدكتور أسامة رستم نائب رئيس غرفة صناعة الدواء، إن نواقص الأدوية بدأت تتحسن تدريجيا ونتوقع بنهاية مايو الجارى مزيدا من التحسن، وهذا التوقع بناء على وصول خامات لعدد من الأصناف الناقصة، وفى ظل توفر الدولار والمواد الخام بدأت الشركات فى الإنتاج ومنها ما نزل السوق بالفعل، ومنها ما زال فى مراحل التصنيع، والشركات لم يعد لديها مشكلات فى توفير الدولار فاحصل عليه بالسعر بعد التعويم وبالتالى توفر المادة الخام، موضحا أن مشكلة نواقص الأدوية غالبا تتركز فى الأصناف التى ليس لها بدائل او مثائل وتكون إما لأمراض مزمنة أو لأدوية حديثة لم تصنعها شركات أخرى.