حذرت الأمم المتحدة من أن الآثار الاجتماعية والاقتصادية المدمرة لجائحة كوفيد-١٩، سيمتد لعدة سنوات مقبلة، ما لم يتم ضخ استثمارات ذكية تضمن صمود الدول في القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، بما يحقق انتعاش قوي ومستدام للاقتصاد العالمي.
وأوضحت الأمم المتحدة ،في تقرير صدر اليوم بعنوان "الوضع والافاق الاقتصادية العالمية"، أن الاقتصاد العالمي تراجع بنسبة ٣ر٤% خلال عام ٢٠٢٠، أي ما يعادل ضعفين ونصف ضعف التراجع الذي حدث خلال الازمة المالية العالمية لعام ٢٠٠٩ ، ويعتبر التقرير أن الانتعاش المتواضع المتوقع في عام ٢٠٢١ بنسبة ٧ر٤% سيعادل بالكاد الخسائر التي سجلت عام ٢٠٢٠.
وأشار التقرير إلى أن اقتصاديات الدول المتقدمة، التي يتوقع أن يرتفع معدل النمو بها بنسبة ٤% عام ٢٠٢١، هي التي شهدت أسوأ تراجع في عام ٢٠٢٠، بنسبة قدرها ٦ر٥% نتيجة توقف الأنشطة الاقتصادية وتعاقب موجات فيروس كورونا.
كما يشير التقرير إلى أن الدول النامية عانت من تراجع أقل حدة بنسبة ٥ر٢% ويتوقع لها أن تسجل نموا بنسبة ٧ر٥% في عام ٢٠٢١، غير أن التقرير يشير إلى أن الانكماش الاقتصادي يصاحبه تراجع في حجم الصادرات ومعدلات الاستهلاك المحلية، بالإضافة إلى مستويات مرتفعة من الدين العام، مما سيؤدي إلى ارتفاع كبير في معدلات الفقر.
كذلك تواجه البلدان الافريقية تباطؤ اقتصادي غير مسبوق وأثار مأسوية على التنمية في هذه البلدان، حيث أدى انخفاض أسعار المواد الأولية وانهيار حركة السياحة وتحويلات العاملين بالخارج، بالإضافة إلى إجراءات الإغلاق، إلى تدهور كبير وشامل في الأوضاع الاقتصادية.. وزاد الهامش المحدود لقدرات موازنات الدول على المناورة وشروط التمويل الصعبة وزيادة الدين العام، من مخاطر ارتفاع معدلات الديون.
وأشار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش في معرض تعليقه على التقرير إلى أن العالم يواجه أسوأ أزمة صحية واقتصادية منذ تسعين عاما، وإذا كنا نعبر عن الأسف إزاء تزايد أعداد الوفيات، فعلينا ألا ننسى أن ما نقوم به اليوم من اختيارات سيحدد مصيرنا المشترك في المستقبل، داعيا إلى الاستثمار في مستقبل يشمل الجميع ويتصف بالاستدامة استنادا إلى استراتيجيات ذكية، ونظام متعدد الأطراف قوي وفعال يضع الإنسان في بؤرة عمله الاقتصادي والاجتماعي.
ويؤكد التقرير على أن الانتعاش المستدام اللازم عند الخروج من الجائحة لا يتوقف فقط على مدى إجراءات الانتعاش وسرعة حملات التطعيم، وإنما أيضا على كفاءة وفعالية هذه الاجراءات في تطوير شكل من أشكال الصمود والمقاومة في مواجهة الأزمات المستقبلية.
ووفقا للتقرير، فإن الناتج الإجمالي الداخلي في مصر بلغ ٢ر٠% في عام ٢٠٢٠، ومن المتوقع أن يرتفع ليصل الى ٤ر٥% بنهاية عام ٢٠٢١، بفضل الانتعاش القوي في الطلب الداخلي وغياب القيود القوية على ميزان المدفوعات.. وبعد انكماش قدره ٥ر٠% في عام ٢٠٢٠، يتوقع ألا يسجل الاقتصاد الإثيوبي إلا نموا قدره ٣ر٢% فقط في عام ٢٠٢١، وإذا كانت الصادرات الزراعية قد ظلت مستقرة، فإن قطاع السياحة سيظل يعاني طيلة عام ٢٠٢١.
ويؤكد التقرير حاجة الدول الافريقية لإعطاء الأولوية لنشر التكنولوجيا الرقمية من خلال توسيع وتطوير البنية الاساسية الرقمية وخدماتها بأسعار معقولة، كما أن منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية يمكن أن تكون إداة محورية لتحفيز التجارة والأمن الغذائي والانتاجية فيما بين الدول الأفريقية.
وقد شارك في إعداد التقرير إدارة الشئون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة بالشراكة مع منظمة مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية الأونكتاد واللجان الخمسة الفرعية للأمم المتحدة، مع منظمة السياحة العالمية.