أكدت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة، أن الحد من التلوث ،الذي يعد أهم مسببات تغير المناخ، ليس هو التحدي الذي يواجه مصر، ولكن كيفية تأثير تغير المناخ على الموارد الطبيعية هو التحدي الأكبر.. مشيرة في هذا الصدد إلى االحاجة لتبني آليات وإجراءات تهدف صون تلك الموارد مثل السياحة البيئية والسياحة الخضراء في المحميات البحرية، خاصة أن الدراسات أكدت مؤخرا أن البحر الأحمر هو آخر المناطق على كوكب الأرض تأثرا بتغير المناخ نتيجة الشعاب المرجانية، مما يتطلب مزيدا من الإجراءات للحفاظ على تلك الشعاب.
جاء ذلك خلال مشاركة وزيرة البيئة في الحوار الاستراتيجي لتغير المناخ، والذي يعقد ضمن ملتقى فريق الأمم المتحدة القطري، حيث عرضت فؤاد الجهود الوطنية لمجابهة آثار التغيرات المناخية، ودور وكالات الأمم المتحدة في دعم تلك الجهود.
وأشارت الدكتورة ياسمين فؤاد، إلى أهمية هذا اللقاء في طرح بعض الأفكار الهامة لإضفاء مزيد من الفاعلية للجهود المبذولة عالميا ووطنيا لمواجهة آثار تغير المناخ خلال الفترة القادمة، وذلك بانتهاج طرق جديدة ومبتكرة ترتبط بمجالات التنمية، ووضع حلول للتحديات المتعلقة ببناء القدرات ونقل التكنولوجيا ومصادر التمويل.
وقالت إن مصر تولت مهمة كبيرة بالعمل لتحقيق مصالح المنطقة الأفريقية والعربية والقيام بدور محوري في المفاوضات متعددة الأطراف الخاصة باتفاقات تغير المناخ، وظهر هذا خلال مفاوضات اتفاق باريس ٢٠١٥، حيث قادت مصر المجموعة الأفريقية وعملت على توحيد الصوت الأفريقي وتحقيق مصالحه، وتم إطلاق مبادرتين هامتين وهما المبادرة الأفريقية للتكيف مع آثار التغيرات المناخية والمبادرة الأفريقية للطاقة المتجددة.
وأضافت فؤاد أن مصر استضافت في ٢٠١٨ ، مؤتمر الأطراف لاتفاقية التنوع البيولوجي وحرصت على رفع المطالب الأفريقية من خلال إصدار الأجندة الأفريقية للتنوع البيولوجي والإعلان الأفريقي ومراعاة الربط بين التنوع البيولوجي وتغير المناخ.
وشددت وزيرة البيئة على الدور الهام للمبادرة التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال المؤتمر لربط مسار اتفاقيات ريو الثلاث (تغير المناخ، التنوع البيولوجي ، التصحر)، والترويج لها لخلق مزيد من الدعم السياسي العالمي وجذب مصادر التمويل لمساعدة الدول التي تبدأ في تنفيذ مشروعات بناء القدرات في هذا المجال، موضحة أن سبتمبر الماضي شهد خطوة فارقة خلال الويبينار الذي جمعت مصر من خلاله رؤساء وكالات الأمم المتحدة مع مسؤولي سكرتاريات الاتفاقيات الثلاث لتجديد الدعوة لتفعيل المبادرة.
وتابعت قائلة "إن إعادة بناء ملف مصر الخاص بتغير المناخ كان ضرورة لمواجهة تلك التحديات، فقد تم تضمين مبادئ الحفاظ على البيئة والحد من آثار التغيرات المناخية ضمن الاستراتيجية الوطنية التنمية المستدامة (رؤية مصر ٢٠٣٠)، كما تم إنشاء المجلس الوطني للتغيرات المناخية والذي أصبح تحت رئاسة رئيس مجلس الوزراء وبعضوية كافة الوزارات والقطاعات المعنية، بالإضافة إلى العمل مع الوزارات غير المعنية بشكل مباشر ولكن لها دورا هاما في التخطيط والتمويل.
ولفتت إلى العمل مع وزارة المالية لتبني منهج التعافي الأخضر، فكانت مصر أول دولة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تطرح السندات الخضراء للاستثمار في مجالات الطاقة المتجددة والنقل المستدام وإدارة المياه، وأيضا العمل مع وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية لإصدار معايير للاستدامة البيئية، والتي سيتم العمل بها في المشروعات وقطاعات التنمية بدءا من الخطة الاستثمارية القادمة للدولة.
وعرضت الوزيرة عددا من الأمثلة لمشروعات تنفذها الدولة حاليا لمواجهة آثار تغير المناخ ومنها محطة بنبان للطاقة الشمسية، والإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية بالساحل الشمالي، والخطة الوطنية للتكيف مع آثار التغيرات المناخية، وإعداد الاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية، وتطوير استراتيجية منخفضة الكربون.
ونوهت بالخريطة التفاعلية لمخاطر آثار التغيرات المناخية التي سيعلنها المجلس الوطني للتغيرات المناخية هذا العام وتهدف الى إعطاء مؤشرات لتلك المخاطر حتى عام ٢١٠٠، وستمكننا من وضع خريطة لتوزيع مواردنا الطبيعة لمائة عام قادمة، كما يتم العمل على تغيير نظام التمويل بالبنوك الوطنية من خلال إنشاء وحدات تغير المناخ بها تماشيا مع القرار العالمي بإلزامية مراعاة المشروعات لأبعاد تغير المناخ ليتم تمويلها.
وقدمت وزيرة البيئة عددا من الأفكار التي تتطلب العمل عليها من خلال وكالات الأمم المتحدة لمواجهة تحديات قضية تغير المناخ، ومنها وضع آليات تنسيق مشتركة بين تلك الوكالات لدمج أبعاد تغير المناخ في مجالات عملهم، وخريطة توضح العلاقة بين المشروعات المنفذة وآثار تغير المناخ والخطط التنموية للدول، ومراعاة الفجوات ما بين احتياجات الدول وآليات تمويل المشروعات وربطها بخطط ومشروعات الوكالات.