الأربعاء 27 نوفمبر 2024

مقالات

موكب استرداد الهوية

  • 5-4-2021 | 12:43
طباعة

موعد هذا المقال كان يوم السبت الماضى، طلبت من الاستاذ خالد ناجح رئيس التحرير تأجيله لما بعد انتهاء الاحتفال بموكب المومياوات الملكية، وافق وكنت ممتنا جدا .

تسمرت امام شاشة اكسترا نيوز قناتي المفضلة اتابع الحفل ومع بدء خروج المومياوات وعزف انشودة ايزيس التى ابدعت فيها السوبرانو المصرية اميرة سليم وهشام نزيه المؤلف الموسيقى بقيادة المايسترو المصرى العالمى نادر عباسى ، شعرت باننى ركبت اله الزمن وعدت للوراء لاكثر من ثلاثة الالاف سنة وربما اكثر ، حالة من الحنين والشجن العميق لتلك الفترة من عمر مصر ، شعرت بقداسة الكلمات واللحن ، انها صلاة فى محراب حضارة المصرى القديم ، تخرج كلماتها من بين جدران المعابد لتفتح ابواب السماء .

سقطت الدموع من عينى بلا سبب ، وانتفض قلبى عند وقوف الرئيس عبد الفتاح السيسى  فى استقبال ملوك وملكات مصر من الاسرة الحديثة وهو يؤدى تحية الاحترام لمن حافظ على وحدة وسيادة ونيل مصر فى العصور القديمة ، شعرت ان وحده الزمن انكسرت لتصنع فجوة زمنية يقدم فيها حاضر مصر التحية لماضيها العريق ، ودار فى عقلى حوار افتراضي يؤكد فيه الرئيس للملكات والملوك ان كمت لازالت عصية بل ان لا احد خارج نطاق قدراتها .

انتهى الحفل وغرقت فى سماع الانشودة لمدة يومين متواصلين ، شعرت بانقطاع كامل عن العالم ، ذهب عقلى الى الازمان البعيده ، لقد نجح الحفل فى ان يجيب عن سؤال الهوية ، نحن المصريين ابناء تلك الحضارة العظيمة ،  لدينا حنين و شجن بلا حدود لعصور مصر الذهبية .

بالتاكيد اجابة سؤال الشجن هو شفرتنا الوراثية التى تحمل  جين تلك الحضارة ، ونجح الحفل فى اعادة توهجها باتقانه واهتمامه بالتفاصيل الدقيقة لاعادة تمثيل تلك الحقبة ، لقد راى المصريين قبل العالم قبس نور من حضارة مصر القديمة التى كانت تودع ملوكها الى العالم الاخر عند غروب الشمس بكل هذه المظاهر الاحتفالية والتى جاء ذكرها فى كتاب الموتى .

التزم الحفل بطقوس التاريخ وقدم الاحترام اللائق لملوك وملكات مصر ، الذين طافوا حول مسلة رمسيس الثانى ملك مصر العظيم التى تتوسط ميدان التحرير وحولها الكباش المقدسة .

قدم الاحتفال وجبه تاريخية دسمه ومركزة لاجيال المصريين الجديدة عن هويتهم الحقيقة ، وتقيس ذلك ببساطة من اثر الاحتفال على التيارات المتشدده التى تعادى تلك الحقبة بكل قوه وتتشارك معها قوى اقليمية شعرت بالرعب على مشروعها الاستعماري القائم على سحق الهوية المصرية .

فى اقل من ساعة ونصف انتصرت مصر فى صراع الهويات بانها استعادت هويتنا الاصليه ، لقد وقف الاطفال والشباب والسيدات والشيوخ يودعون الملوك فى طريقهم لمتحف الحضارة باعلام مصر ، كانت رساله واضحة من الاحفاد الى الاجداد ان الهوية المصرية لازالت حاضرة و صامدة فى وجه العاب الدراما والسوشيال ميديا التى تدس السم فى العقول بهويات اخرى تفرضها على المصريين

التمسك بالهوية المصرية ليس معناها الابتعاد عن الانتماء الدينى لافراد الشعب المصرى ، فهوية الشعوب ترتبط بالارض لا الدين ، والطريق الى الله لا يحتاج الى هوية او قومية ، واساس التعايش المشترك بين الاديان على ارض مصر كان الارتباط بالارض والتاريخ وليس الاعتقاد الدينى .

كمت باللغة الهيروغليفية هى الارض السوداء فى اشاره للخصوبة وهى الملاذ الامن للجميع بما فيهم جيرانها ، مصر كانت وستظل نقطة تلاقى الحضارات والثقافات المختلفة ، ارض السلام والحضارة ، مصر هى اول من عرف معنى حقوق الانسان وطبقتها مع نظام الماعت الذى يفرض على الدولة حماية الحق والعدل للجميع ، مصر هى صاحبة اقدم دولة وجيش نظامى فى التاريخ ومن حق الاحفاد ان يفخروا ويعتزوا بهذا الانتماء .

شكرا لكل من شارك فى هذا العمل البديع الذى اعاد اكتشاف مصر وتاريخها ، و لكل الجنود المجهولين الذين حولوا نقل موكب المومياوات الملكية الى موكب لاسترداد هويتنا الاصلية ..تحيا مصر

أخبار الساعة

الاكثر قراءة