الأربعاء 15 مايو 2024

تمام الكلام


هويدا عطا

مقالات5-4-2021 | 17:00

هويدا عطا

موكب الأجداد.. وزهو الأحفاد

فرح عام تناثر بين أحفاد المصريين القدماء، في كل مكان وبيت مصري، سواء بين من عاشوه بالإحساس والنظرة المباشرة لأجدادهم من الملوك والملكات وهم يتحركوا أمامهم في شوارع وأحياء قاهرة المعز العريقة، أو عبر شاشات التلفاز المحلية والعربية والعالمية في كل أرجاء الأرض.

فرح غمر تجلى ولا يزال في مشاعر الزهو والافتخار في تبادل الأحاديث، ووصف المشاعر، والثناء على هذا الموكب البديع، والحفل الراقي، والموسيقى التي أيقظتنا على خلود روح مصر.

كان يوماً غير عادى ونادر التكرار.. وهو الذي سطر بتاريخ الثالث من أبريل، وكان شاهداً على موكب المومياوات الملكية المصرية، حيث نقل 22 ملكاً من بينهم 4 ملكات من عصور الأسر 17و18و19و20 من مرقدهم الذي استمر لأكثر من مائة عام، وهو المتحف المصري الذي افتتح عام 1902 بعهد الخديوي عباس حلمي الثاني بقلب القاهرة بالجهة الشمالية لميدان التحرير، وهو من أشهر متاحف العالم الأثرية، إلى المتحف القومي للحضارة المصرية بمدينة الفسطاط المصرية القديمة التي بناها عمرو بن العاص عام 641 ودفن فيها.

موكب أسطوري مهيب بديع المنظر.. رفيع القامة والقيمة، سامي برفعة سمو ملوك وملكات الفراعنة.. اصطف الأحفاد في زهو وفرح كبيرين برؤية موكب الأجداد الخالدين الذي صنعوا التاريخ الأول، وحكموا بلادهم العزيزة ببراعة وحكمة أذهلت كل العقول الباحثة في أسرارهم وكنوزهم بكل مكان وزمان بهذا الكون.

 وقف العالم مندهشاً ومعجباً أمام الموكب الأسطوري، أمام ملوك التاريخ العظماء، وما صنعوه من ازدهار وحضارة مشرقة احتوت كل شيء لأساليب التطور الذي عرفته وما زالت تكتشفه الإنسانية عبر كل العصور حتى وقتنا عن حضارة المصريين القدماء الخالدة، في كل صور الإبداع العمراني والهندسي.

بلهفة الانتظار وشغف الحنين للماضي العاطر، عاشت مصر كلها والعالم أجمع تلك اللحظات الاحتفالية الفارقة، حيث مرت المومياوات الملكية وهي محمولة على عربات منمقة رائعة الصنع والشكل الفرعوني.. كل عربة تحمل اسم ملك عظيم.. والملوك الثمانية عشر، هم: سقنن رع، أحمس الأول، أمنحتب الأول، تحتمس الأول والثاني والرابع، سيتي الأول والثاني، رمسيس الثاني والثالث والرابع والخامس والسادس والتاسع، أمنحتب الثاني والثالث، ومرنبتاح".

والملكات الأربع هن: أحمس نفرتاري، الملكة تي، ميريت آمون، وحتشبسوت.. حتى خيل إلي أن هؤلاء الملوك  والملكات كانوا يمشون على أقدامهم بجوار بعضهم البعض بنفس أسلوب العظمة والشموخ الذى كانوا يتبعونه وهم أحياء مرفوعي الرأس والقامة.. كأنهم يجوبون شوارع وأحياء أحفادهم ومملكتهم التي حكموها منذ آلاف السنين بسعادة وافتخار.

هكذا في مشهد خيالي رأينا القاهرة القرن الـ 21 تحتضن أقدم ملوك عصور التاريخ بالعالم بمحبة ووفاء.. وربما أتساءل في دهشة، هل يشعر هؤلاء العظماء بما آل إليه مصير أحفادهم من معاناة، ومخاطر تحاصرهم من كل صوب، وتحديات تكاد تسد أمام الطرق؟ وهل يراهنون على أن أحفادهم يملكون القدرة دائماً على الخروج من ضيق الحال والحالة إلى الفرج والنجاة، وإلى النصر والاستقرار والعزة؟.

بعيداً عن هذه الأسئلة، فالمشهد بحق كان مهيباً وجعلني أقولها باعتزاز: إنني أفتخر بكوني مسلمة مصرية فرعونية أمام العالم كله، من فوق أجمل أرض، أرض الأنبياء الذين مروا بها وسكنوها، أرض الأجداد الفراعنة.

ولا أنسى أنه كان لمشهد استقبال رئيس الجمهورية لموكب المومياوات الملكية المهيب، واقفاً وقفته العسكرية الصلبة والشامخة، إضافة بهية ومهيبة للحدث العالمي الأندر والأجمل.