الأحد 16 يونيو 2024

تعذيب الأطفال.. قنبلة موقوتة قد تدمر المجتمع

4-5-2017 | 15:02

لا يمر يوم إلا ونجد فيه على صفحات الجرائد وفي الفضائيات أخبار تعذيب بعض الأطفال سواء من أسرهم أو من آخرين حتى أصبح منهجا وظاهرة متفشية كالوباء فى أوساط الأسر المصرية، ما ينذر بخطر يداهم المجتمع الذي يرفض تلك الممارسات نحو أطفال واجهوا أقصى أنواع التعذيب دون ذنب أو قدرة لدفاع عن النفس.

تعذيب حبيبة

فى منتصف شهر إبريل الماضي، عاشت الطفلة حبيبة ابنة 7 سنوات، القاطنة بقرية كوم البركة التابعة لمدينة كفر الدوار بمحافظة البحيرة جحيماً تقشعر له الأبدان بعد تلقيها أبشع طرق التعذيبها على يد خالتها وابنائها الذين لم يرحموا طفولتها دون إنسانية تغلبت على وحشية الحيوانات، حيث قامت الخالة المتهمة وابنائها بتجريد "حبيبة" من ملابسها، وقص شعرها كاملا وتعذيبها بالنيران والمياه الساخنة، علاوة على كسر قدميها وتعليقها فى السقف وضربها ضرباً مبرحا بالأسلاك الكهربائية، حتى كادت تلفظ أنفساها الأخيرة بين يد خالتها وأبنائها.

وحين رأى ابن شقيقة المتهمة تعذيب الطفلة داخل المنزل، أبلغ بعض أهالى القرية لحل تلك المشكلة، ما دفع الجيران، لاقتحام منزل المتهمة للعثور على الطفلة حبيبة المعذبة فوجدوا قفلا على باب الحمام أسفل السلم، فحطموه وعثروا على حبيبة مكسورة الأرجل وفى حالة إعياء شديد وعارية تماما وأخبروا رجال المباحث لمساعدتهم فى إنقاذ الطفلة.

وفور إبلاغ رئيس مباحث مركز كفر الدوار المقدم أحمد سمير نجحت قوات الأمن فى ضبط المتهمين، وتم عرضهم على النيابة العامة.

 

تعذيب زوج الأب 

وفى سابقة أخرى تجرد زوج أم من مشاعره، بعدما أقدم على حرق وتعذيب نجلة زوجته، والتي تبلغ من العمر 4 سنوات حرقا وضربا وكيا، بدون سبب سوى للتسلية، أثناء غياب الأم في العمل، حيث أنها كانت تعمل طيلة النهار، لجلب الأموال للنفقة عليه.

حيث تعرضت الطفلة للتعذيب، ضربا بسلك كهربي، ولإطفاء السجائر في جسدها، وللحرق في أماكن الإخراج، وللغطس في مياه مغلية، دون سبب لعدة أشهر، في وقت غياب والدتها.

بسؤال النيابة لطفلة بعد ورود بلاغ بتعذيبها، قالت إن زوج والدتها، كان يعذبها بسلك الشاحن، ويقوم بحرقها وسكب مياه مغلية على ظهرها، وفتح في رأسها 3 غرز، وكي بالنار في القبل والدبر في مخرج البول والبراز، وأرسلت مديرية الأمن ضبط وإحضار للأم في مقر عملها، حيث كانت تعمل في مركز للتدليك، وزوج الأم كان يعمل في تقديم الخمور، والنيابة استمعت لأقوال البنت التي أكدت أن زوج أمها هو من قام بهذه الأفعال.

 

إحصائيات التعذيب

بناء على إحصائيات صدرت من المجلس القومي للطفولة والأمومة، ذكرت أن خط نجدة الطفل استقبل 1357 بلاغًا بانتهاكات الطفولة خلال الفترة الماضية، وكانت نسبة بلاغات الذكور 65% والإناث 35%، تصدرت حالات العنف وتعذيب الأطفال المرتبة الأولى بـ388 بلاغًا 90 حالة عنف فى 10 أيام فقط.

كما تم رصد 205 واقعة، تصدرها العنف وتعذيب الأطفال بـ62 حالة، ثم حالات إهمال الأطفال 43، وحالات العنف التي أدت إلى الوفاة 36، ما يؤكد انتشار ظاهرة التعذيب بشكل مرعب وفج داخل المجتمع.

الجانب الاجتماعي والدوافع

يقول الدكتور طه أبو الحسين أستاذ علم الاجتماع، إن مسألة تعذيب الأطفال فى نطاق الأسرة سواء من الأب أو الأم يكون ناتجا عن دوافع مادية وضيق الحال لعدم القدرة على تحمل مصروفات الأسرة ما يشعرهم بالعجز فيقومون بتعذيب الأبناء لإخراج كبت حيال هذا الشعور، وهناك أيضا بعض الآباء والأمهات لديهم جهل بتربية الأبناء يدفعهم إلى تعذيبهم لاعتقادهم بأن هذا الأمر سيصلح من تربيتهم فى المستقبل دون أن يدروا مدى الضرر النفسي والبدني الذي قد يسببه لطفل.

تأثير التعذيب

ويوضح انه يتم النظر تجاه تلك الأسر لمعرفة أسباب تعذيبهم للأطفال من خلال حالتهم التعليمية وخلفيتهم الدينية للبحث عن الدوافع ومعالجتها بشكل سريع، مشيرا إلى أن إهانة الطفل باللفظ تنقص من ذكائه وإبداعاته الفكرية بنسبة 40%، وفى حال تعذيبه يصيبه شعور بعدم التوافق مع المجتمع ويجعله أكثر عدوانية.

 

جنائي وقانوني

 

ويضيف أستاذ علم الاجتماع، أن التعمد تعذيب الأطفال يدخل فى الإطار القانوني والجنائي ويتم معاقبة المعتدي وفقا للقانون، موضحاً أن الأب هو الراعي وكل راعي مسؤول عن حماية أسرته، وخلاف ذلك يصبح الأمر خيانة للأمانة فى النظرة الشرعية التى تحث على حسن معاملة الحيوان فمابلنا بالإنسان والأطفال.

التعذيب يدفع للانحراف


ويفيد "طه" أنه من الممكن إعادة تأهيل الطفل نفسياً قبل سنة 15 عاماً ليتجاوز المشاكل النفسية الناجمة عن تعذيبه، ولكن إذا تخطى 15 عاما تصبح لديه مشاكل نفسية ستؤثر على المجتمع فى المستقبل، لافتاً الى ان الطفل المعذب يتولد بداخله شعور عدوانى يزاد مع مراحلة العمرنية ما يدفع إلى الانحراف، أما فى حالة الفتاة فإنها تتجه إلى الانحراف لتعويض حرمانها العاطفى.

قنبلة موقوتة

ويرى أستاذ علم الاجتماع، أنه على الدولة الاهتمام بدور الراعية فى حال تعذيب الأم والأب لأبنائهم، لتتولى رعايتهم بشكل سليم، بالاضافة إلى نشر الوعي الأسري لمنع تكرار تلك الحوادث، لكون هذا الأمر قنبلة موقوتة ستنفجر فى المستقبل وينجم عنها عواقب وخيمة داخل المجتمع.