حوار أجرته: أمانى عبد الحميد
معظم المثقفين لديهم القناعة التامة بمصرية جزيرتى تيران وصنافير، قناعاتهم لاتحتاج إلى وثائق رسمية أو خرائط مخطوطة، لكنها نابعة من حس وطنى يأبى أن تنتزع منه أية قطعة أرض من بلادهم المحروسة، فما بال جزيرتين ظلت تداعب خيال كل الزائرين لشواطئ سيناء الجنوبية، وكل محبى رياضة الغطس أمام سواحلها، التى تتزين بالشعب المرجانية الشاهدة على المكان منذ آلاف السنين، د.محمود الضبع رئيس دار الكتب والوثائق القومية لا يعترف بالأهواء فى عمله، فالعمل فى الوثائق تنظمه معايير علمية وتحكمه إجراءات أمنية لخدمة مصلحة الأمن القومى للبلاد، جاءت كلماته لتكشف عن حكم العمل الجارى داخل أقدم أرشيف وطنى وقومى فى العالم، الذى يرجع تاريخه إلى عام ١٨١٣، وتوضح طريقة سير العمل من أجل الحفاظ على الأمانة الموضوعه بين يديه..
هناك قلق دائم على أرشيف مصر القومى والوطنى بين المصريين، ما هى الإجراءات المتبعة لإتاحة الوثائق المحفوظة أمام الاطلاع أو الاستعانة به؟
بداية تمتلك الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية فى مصر عن ١٠٠ مليون وثيقة، كلها محفوظة ومؤرشفة ومفهرسة، وبعضها تم رقمنته إلكترونيًا، وبعضها يحتاج إلى عملية الترميم فيخضع لذلك، فيما يتعلق بإجراءات التعامل مع الوثائق فإنها تنقسم إلى نوعين، النوع الأول وثائق شخصية مثل ملكيات الأراضى والعقود يشترط للحصول على نسخة منها صورة من بطاقة الرقم القومى أو ما يثبت صلة القرابة للورق المراد الحصول على نسخة منها مثل عقود البيع..
هناك أنواع أخرى من الوثائق مثل الاقتصادية، السيادية، كل ما يخص الدولة، ويشترط الحصول عليها تقديم خطاب رسمى من الجهة المعنية مثل الجامعة، التى أرسلت باحث أو سفارة تمثل دولة ما، لكن لابد من الحصول على الموافقات الأمنية من أجل الاطلاع أو التصوير أو حسبما تقتضى القضية، بمعنى أنه يتم دراسة القضية دراسة من كل الجوانب لأنه فى بعض الأحيان يكون الهدف من الاطلاع على الوثائق خفيا وقد يكون هدفا غير نبيل.
كيف يكون الهدف غير نبيل، ممكن أن تضرب لنا مثلا على ذلك؟
أحيانا تأتينا مراسلات تطلب الاطلاع على بعض الوثائق الخاصة بدراسة تجارة الإبل، وهنا يبدو الأمر غير ذات أهمية، لكن إذا علمنا أن دراسة تجارة الإبل خلال القرن التاسع عشر فى مصر كان يقوم عليها اليهود، وبالتالى هم يبيعون ويشترون ليس الإبل فقط، وإنما الأراضى والمبانى، هنا سيكون الهدف هو إثبات ملكيات اليهود فى مكان ما أو حتى دولة عربية ما،وهنا يتم اتخاذ إجراءات احتياطية، منها الاكتفاء بعملية الاطلاع فقط دون تصوير الوثائق، وهو نفس المنهج المتبع فيما يتعلق بالأمور التى تخص مصلحة الدولة وسيادتها، ولدينا لجان علمية متخصصة فى هذا الشأن، على سبيل المثال لدينا مختصون فى أمور سيناء ووثائقها هم المخولون بإعطائنا بالرأى الفني، وهناك أيضًا جهات تعطى الرأى القانونى، وجهات أخرى منوطة بالأمن القومى المصرى، فى نهاية الأمر نحن قيمون على مسئولية بلد
إذا جاء أحدهم للاطلاع على وثائق تتعلق بالسيادة المصرية على أراضيها أو بالأمن القومى، من يحدد إذا كان أهلا لعملية الاطلاع أم لا؟ من يسمح له ومن يمنعه؟
مثل هذه الوثائق لابد من وجود مراسلة أو خطاب رسمى من المؤسسة، التى تطلب الاطلاع، على سبيل المثال إذا كان هناك جريدة أو صحيفة أو مؤسسة صحفية تقوم بعمل بحث حول موضوع ما لابد أن يأتى إلى خطاب مختوم من رئيس مجلس إدارة المؤسسة، ثم نأخذ كدار للوثائق مهلتنا فى الاستقصاء وبحث الأمر وإذا توصلنا إلى الموافقة يتم اطلاع صاحب الرسالة بصفته الشخصية، كما هو منصوص فى الخطاب الرسمي..
ثار كثير من الجدل حول وثائق ملكية جزيرتى تيران وصنافير، وخلال المحاكمة داخل مجلس الدولة ظهرت وثائق من هيئة المساحة المصرية وأخرى من دول أجنبية، ما هو وضع الوثائق المتعلقة بالجزيرتى والموجودة داخل دار الوثائق المصرية؟
فى عام ٢٠٠٩ تم تشكيل لجنة، برئاسة الدكتور صبرى العدل لإعداد ملف كامل خاصة بجزيرتى تيران وصنافير، تم الانتهاء منه وتم تسليمه إلى الجهات الرسمية فى الدولة، وعندما ثارت القضية خلال الأشهر الماضية تم تسليم هذه الوثائق والمستندات بالكامل إلى الجهات الرسمية، التى طلبتها ومنها المحاكم، لأننى لا أسلم وثائق كهذه إلا بموجب حكم محكمة أو بأمر من النيابة بخطاب موجه للاستلام، الجهات الرسمية التى خاطبتنا من محاكم أو نيابات فى مصر بشكل رسمى تم تسليمها ملف الوثائق
ما فحوى ملف وثائق جزيرتى تيران وصنافير؟
تلك قضية مطروحة أمام القضاء وليس من حقى التحدث عنها، لكن د. صبرى العدل، الذى تحدثت عنه أكد فى ندوة لمجلة المصور أن ملف الوثائق الخاص بالجزيرتين يثبت مصريتهما ويوجه اتهاما مباشرا لدار الوثائق أنها تحجب تلك الوثائق ولا تريد تسليمها؟
لدينا مراسلات تثبت أن دار الوثائق القومية قد سلمت كل المستندات والأوراق فى الوقت ذاته، التى جاءتنا فيه الخطابات الرسمية الواردة من المحاكم المنوطة بالقضية، وكان ذلك فى غضون شهر نوفمبر ٢٠١٦، مع العلم نحن جهة فنية لا نسطيع إلا أن نوفر إلا ما يوجد لدينا من وثائق ومستندات ونقدمها للجهات المعنية، ونحن لسنا جهة حكم..
تابع التفاصيل في العدد الجديد في المصور الموجود حالياً في الأسواق .