مشروع قومي كبير تنفذه الدولة المصرية للنهوض بمستوى الترع وترشيد المياه، وهو مشروع تأهيل وتبطين الترع، الذي يجري تنفيذ المرحلة الأولى منه في نحو 20 محافظة على طول 7 آلاف كيلومتر، وهو مشروع قومي يحقق مجموعة من الفوائد الاقتصادية والبيئية للدولة وللمواطنين، وإلى جانب ذلك المشروع تنفذ مشروع تطوير الري للتحول إلى الري الحديث الذي يحقق الكثير من الفوائد للدولة وللمزارعين.
حيث أكد المهندس محمود السعدي، مستشار وزير الري والمشرف على مشروع تبطين الترع آخر مستجدات هذا المشروع، موضحا أنه تم الانتهاء من تنفيذ ما يقرب من 1400 كيلومتر، ضمن نطاق عمل المرحلة الأولى التي تستهدف 7 آلاف كيلومتر، فيما يجري الإعداد للمرحلة الثانية وخاصة بد توجيهات الرئيس السيسي، موضحا أن هذا المشروع يسهم في ترشيد استهلاك المياه وتوفير نحو 600 مليون جنيها سنويا، وأنه يأتي في إطار مشروعات تنفذها وزارة الري لترشيد المياه مع مشروع للتوسع في التحول للري الحديث الذي يستهدف حاليا مليون فدان آخر، وإلى نص الحوار:
ما هي آخر مستجدات مشروع تأهيل وتطوير الترع حتى الآن؟
تبلغ شبكة أطوال الترع في مصر 33 ألف كيلومتر، وخلال المرحلة الأولى لمشروع تأهيل وتطوير الترع يجري العمل على تأهيل وتبطين 7 آلاف كيلومتر من الترع المتعبة، وتم الانتهاء من تنفيذ نحو 1400 كيلومتر حتى الآن، في 20 محافظة من أسوان للإسكندرية، ويجري العمل في نحو 600 موقع موزعين في محافظات الجمهورية، ويجري العمل في مسافات نحو 4500 كيلومتر، حيث من المقرر الانتهاء من هذه المرحلة في 30 يونيو 2022.
وهل هناك مخططات لتنفيذ مراحل تالية؟
وهناك توجيهات رئاسيا باستكمال التأهيل والتطوير في الترع المتعبة ونجهز حصرا ومن المتوقع أن يصل الطول إلى 20 ألف كيلومتر، بعد الانتهاء من المرحلة الأولى المقرر في نهاية يونيو 2022.
وما هي الترع المتعبة؟
هي الترع التي تعاني من مشكلات في وصول المياه للنهايات بسهولة وشكوى المنتفعين من عدم وصول المياه، أو تعاني من انهيار الجسور.
كان هناك توجيهات مؤخرا من الرئيس عبد الفتاح السيسي بالتوسع في تنفيذ مشروع تأهيل وتبطين الترع ضمن مبادرة حياة كريمة، فكيف سيتم تنفيذ ذلك؟
بالنسبة لمراكز مبادرة حياة كريمة البالغة 51 مركزا، هناك بيان بهم لدى وزارة الري وتعمل بهم بالفعل، فهناك حرصا من القيادة السياسية على توفير الاعتمادات المالية، وهو ما يعكس اهتمامها بتنفيذ المشروعات التي تساعد على حسم شكاوى المنتفعين وزيادة الإنتاجية الزراعية.
ويعتبر مشروع تأهيل وتبطين الترع أحد بنود الخطة الاستثمارية للدولة، وتعمل مبادرة حياة كريمة في مشروعات أخرى، لكن كل المشروعات تصب في صالح خدمة المنتفع من الأهالي، حيث يساعد تطبين الترع على خدمة المزارعين وإنهاء شكاويهم من عدم وجود مياه في نهايات الترع بما سينعكس على زيادة الإنتاجية الزراعية وزيادة إنتاجية الدولة.
ماذا عن الاعتمادات المالية المخصصة للمشروع.. كم تبلغ؟
في المرحلة الأولى، رُصد لها نحو 22 مليار جنيها لتأهيل الـ7 آلاف كيلومتر، وحاليا يجري الإعداد للمرحلة الثانية وحصر الترع المتعبة لتحديد أطوالها والتكلفة المالية المطلوبة لتنفيذها.
وما هي العوائد من مشروع تأهيل وتبطين الترع على الدولة والمواطنين؟
يحقق المشروع القومي لتأهيل وتبطين الترع مجموعة من الفوائد من أهمها أنه يحافظ على نقطة المياه، لأن الترع المتعبة لم تكن تصل المياه بها إلى النهايات، وهناك دور عمالة أي ضخ المياه في الترع ومدته خمسة أيام، ودور بطالة وخلاله يتم غلق الترع، ونتيجة لعدم وصول المياه لدور العمالة كانت الأيام الخمسة تنتهي دون أن تصل المياه إلى نهايات الترع مما كان يجعل الجهات المعنية تضخ كميات مياه إضافية وتزيد أيام العمالة بدلا من خمسة أيام إلى ستة وسبعة أحيانا، لكي تصل المياه إلى النهاية مما كان يؤدي إلى استهلاك كميات مياه كبيرة.
ولكن الآن بعد تأهيل وتبطين الترع، تصل المياه لنهاية الترعة من اليوم الأول مما يؤدي إلى عدالة توزيع المياه حيث تكون كميات المياه في أول الترع حتى نهايتها وتتوفر المياه للمزارعين باستمرار، مما ينعكس على زيادة الإنتاجية الزراعية وزيادة دخل الأفراد وبالتالي الدخل القومي، وبالنسبة لوفر المياه تعمل مراكز البحوث المتخصصة بالوزارة على إجراء قياسات للترع قبل التأهيل وكذلك بعد التأهيل لحساب نسبة الوفر وإعلانها وقد تكون نسبتها نحو 5% من الاستخدامات.
وماذا عن عائده بشأن ترشيد المياه؟
يعمل المشروع على تعظيم الاستفادة من الموارد المائية المتاحة، من خلال ترشيد الاستخدامات والحد من فواقد التسرب لأن الترعة منذ أكثر من مائتي سنة كان يجري تطهيرها بالحفارات مما أدى لاتساع قطاع الترعة وانهيارات في الجسور، مما أدى إلى استهلاك كميات مياه كبيرة وتسرب المياه في جوانب الترعة، لكن بعد عملية التأهيل والتبطين تنتهي أزمة تسرب المياه في جوانب الترع.
حيث أنه خلال عملية التأهيل يتم إعادة الترعة لقطاعها التصميمي ووضع طبقة من الأحجار سمكها 30 سم وطبقة من الخرسان العادي سمكها 10 سم، مما يمنع تسرب المياه في جوانب الترع.
والفائدة الثالثة للمشروع أنه لم يعد هناك تطهير للترع بالحفارات، حيث أن الترع أجمعها البالغ طولها 33 ألف كيلومتر أو الترع المتعبة في المرحلة الأولى على مساحة 7 آلاف كيلومتر، كانت تشهد نموا للحشائش في قاع الترع بسبب الانهيارات وغيرها وكانت هذه الحشائش تعوق سير المياه وتسحب من كمية المياه، وكان يجري تطهيرها بالحفارات نحو 3 أو 4 مرات سنويا لكن ذلك انتهى بعد تأهيل الترع.
وما انعكاس ذلك اقتصاديا؟
هذا سيقلل تكلفة الصيانة الدورية التي كانت تصل لنحو 600 مليون جنيها سنويا لتطهير ونزع الحشائش من الترع.
وما هو دور المشروع من ناحية توفير فرص عمل؟
هذه هي الفائدة الرابعة للمشروع لأنه من المشروعات التي تحتاج لعمالة كثيفة وعدد كبير من العمال، ففي المرحلة الأولى يجري العمل في 700 موقع في عمل مستمر حتى 30 يونيو 2022 وكل هذه المواقع تضم مجموعة من العمالة سواء عمال البناء لبناء الأحجار أو عمال الخرسان والخلاطات، وكلها عمالة مباشرة في الموقع، فضلا عن عمالة غير مباشرة لتوريد الأحجار والخرسان للمواقع، حيث يعمل هذا المشروع على تحقيق طفرة في فرص العمالة للمصريين.
من الناحية التوعوية.. هل هناك مبادرات لتوعية المواطنين للحفاظ على ما أُنجز في المشروع حتى الآن؟
الجانب التوعوي في هذا المشروع هام للغاية، حيث تعمل الوزارة على تنفيذ مبادرات للتوعية، فهناك إدارة للتوجيه المائي تابعة لوزارة الري منتشرة في كل المحافظات، ودور المهندسين والعمال هو عقد ندوات مع المنتفعين بالتعاون مع الإدارات الزراعية والإرشاد الزراعي وكذلك في المدارس ودور العبادة لتوعية المواطنين بأهمية العمل وكذلك أهمية نقطة المياه وليس فقط الحفاظ على ما أنجزه المشروع، وخاصة في ظل ما تعانيه البلاد من نقص في المياه، لأن حصة مصر من المياه منذ عام 1955 هي 55 مليار متر مكعب وكان تعداد الشعب المصري حينها 27 مليون نسمة، لكنه اليوم 100 مليون نسمة أو أكثر.
فالزيادة السكانية الكبيرة وكذلك الزيادة في الرقعة الزراعية من خلال التوسع من 3 مليون فدان إلى نحو 9.5 مليون فدان، وكذلك الصناعة وغيرها كلها توجب زيادة الوعي للحفاظ على نقطة المياه.
وكيف يمكن أن تساهم بقية المؤسسات في تحقيق التوعية؟
بالطبع لهم دور هام، لأن التوعية ليست دور وزارة الري وحدها ولكن دور جميع أجهزة الدولة، من خلال مبادرة تشارك فيها جميع أجهزة الدولة لتوضيح أهمية المحافظة على نقطة المياه وكذلك المحافظة على المجاري المائية المؤهلة وعدم إلقاء مخلفات بها، وهناك حادثة سابقا حيث تعرضت ترعة سقارة في الإسكندرية لإلقاء مخلفات وقمامة بما شوه المنظر الجمالي هناك، بما يدل على عدم الوعي وعدم اهتمام المواطنين بما يُنجز.
وبالتالي فيجب على كل المؤسسات وعلى رأسها الإعلام للقيام بالتوعية بأهمية الحفاظ على المياه وما يُنجز من مشروعات، ومن بينها التوسع في الري الحديث وتبطين الترع للمحافظة على المياه وترشيد الاستهلاك وكذلك المحافظة على البيئة والمساهمة في حل جزء من أزمة المياه.
وكيف تعمل وزارة الري على مواجهة الفقر المائي؟
مصر تواجه حالة من الشح المائي لأن حصتها محددة من مياه النيل منذ عام 1955 حيث أن الزيادة السكانية الرهيبة لا يقابلها أي زيادة في الموارد المائية، لكن تحاول وزارة الري العمل على ترشيد الاستخدامات وتوزيع كميات المياه لتكفي كل الاستخدامات المائية.
فالوزارة من جانبها تقوم بمشروعين هامين لترشيد الاستخدامات المائية، الأول هو تأهيل وتبطين الترع لإيصال المياه بسهولة لنهايات الترع، والمشروع الثاني هو التوسع في الري الحديث، والتحول من الري بالغمر إلى الري الحديث سواء بالتنقيط أو بالرش، وتساعد وزارة الزراعة على تنفيذ المشروع الثاني، لأن هناك الرقعة الزراعية في مصر تبلغ مساحتها نحو 9.5 مليون فدان، منهم 6 مليون فدان يجري ريهم بالغمر.
وأوجه الشكر لجميع العاملين في وزارة الموارد المائية والري العاملين في هذه المشروعات لأنهم يعملون في الظروف الجوية المختلفة من أول ضوء لآخر ضوء، وأوجه الشكر لجميع العاملين في المشروع القومي لتأهيل وتبطين الترع، حيث يجري متابعة جميع الأعمال من قبل وزير الري وكافة قيادات الوزارة.
ما هي تفاصيل مشروع التحول للري الحديث؟
تعمل الجهات المعنية على تشجيع المزارعين لاستخدام نظم الري الحديث وعرض التجارب الناجحة في عدة المحافظات، لأن بعض المزارعين نفذوا التحول للري بالتنقيط في أراضيهم، فهناك مواطن مصري في محافظة المنوفية بدأ عمله بـ4 أفدنة وحولهم من الري بالغمر إلى الري بالتنقيط، ولكن بعد ما حققه من عائد في الإنتاج شجع جيرانه على التحول للري الحديث، لأنه يساعد على تقليل العمالة المستخدمة في زراعة الأرض وتقليل كمية المبيدات والأسمدة ويحقق زيادة في الإنتاجية تعاد من 30% حتى 40% لإنتاجية المحاصيل.
وخلال سنتين زاد عدد الأراضي التي تحولت للري الحديث من 4 أفدنة إلى ألفين فدان، ونستهدف التوسع لتحويل 4 مليون فدان لري حديث بالتنقيط أو الرش، للاستفادة من كل نقطة مياه.
وماذا تحقق حتى الآن من جهود في مشروع التحول للري الحديث؟
مساحة الأراضي الزراعية في مصر 9.5 مليون فدان، منهم 6.1 ري بالغمر وحوالي 3.4 مليون فدان أراضي جديدة منهم 2.5 مليون فدان يجري ريهم بالري الحديث، وهناك مليون فدان آخر تعمل الجهات المعنية على الانتهاء منهم قبل 30 يونيو 2021، تعمل وزارة الري في جزء ووزارة الزراعة في جزء آخر، ويحاولون الانتهاء منهم، لكي يتم الانتهاء من تحول نحو 3.5 مليون فدان للري الحديث.
أما بالنسبة للأراضي القديمة فهناك خطة تستهدف مساحة 4 مليون فدان ضمن خطة الدولة تعمل فيها وزارتي الزراعة والري، وتستهدفان تشجيع المزارعين على استخدام نظم الري الحديث وعرض التجارب الناجحة الموضحة لأهمية الري الحديث في ترشيد المياه وكذلك في زيادة الإنتاجية.
وكيف يتم تشجيع المزارعين على التوسع في التحول للري الحديث، هل من خلال القروض الميسرة فقط؟
تشجيع المزارعين من خلال توفير مستلزمات التنفيذ عبر تعاقدات مع بعض البنوك الوطنية للتيسير على المزارعين الراغبين في التحول للري الحديث، فالفدان يحصل على قرض بنحو 5 آلاف جنيها يسددها على عامين بدون فوائد، وإذا زاد عن عامين يسدد بفوائد بسيطة لمساعدتهم على تنفيذ مشروع الري الحديث سواء بالتنقيط أو الرش.