الخميس 16 مايو 2024

في ذكرى وفاة تمر حنة.. كيف ودعت أم كلثوم جثمان نعيمة عاكف؟

الفنانة الراحلة نعيمة عاكف

تحقيقات23-4-2021 | 21:59

محمد عاشور

الورد أحلى ولا الياسمين، التمر حنة، الفل أحلى ولا الورد، التمر حنة، هي "تمر حنة" الجميلة و" لهاليبو" خفيفة الظل و"سكرة" حبيبة حسن، يعد أشهر مشهدفى تاريخ الفنانة الراحلة نعيمة عاكف التى تمر ذكرى رحيلها اليوم 23 أبريل، صاحبة الطلة الساحرة الممتزجة بخفة الظل والحضور الطاغي، وهي واحدة من أهم نجمات الأفلام الاستعراضية والتي لا تزال تعيش في وجداننا إلى الآن مصدرا للبهجة والفرحة.

نعيمة عاكف ابنة مدينة طنطا، ولدت في 7 أكتوبر 1929 لأسرة تعمل في مجال "السيرك"، وتقدم عروضها بالتزامن مع الاحتفال بمولد "السيد البدوي"، بدأت نعيمة عاكف حياتها الفنية في سن الرابعة حيث تدربت على القفز على الحبال والاستعراضات الأكروباتية في سيرك أبيها "سيرك عاكف".

ومن المواقف الفارقة في طفولة نعيمة عاكف، عندما تلقّت لعبة صغيرة غيّرت مسار حياتها، فقد فوجئت قبل أن تتم عامها السابع بسيدة ريفية، تطلب مقابلتها وتقدّم لها علبة أنيقة وقالت لها: "سيدي البيه باعت لك الهدية دي"، فقبلت نعيمة هديتها، وكانت فرحتها كبيرة عندما وجدت بالعلبة عروسة ذات خمسة مفاتيح وكل مفتاح له رقصة تختلف عن رقصة المفتاح الآخر وكلما أدارت مفتاحًا عزفت موسيقى شرقية جميلة، ورقصت عليها العروسة رقصة بديعة، وسمعت نعيمة من الناس وقتها، أنّ أحسن راقصة في مصر كلها هي "سنية شيكا بوم"، فأطلقت على عروستها "شيكا بوم" وكانت عندما تنفرد بعروستها تقلّد رقصتها، وبذلك تعلمت الرقص.

وعند بلوغها العاشرة خسر والد نعيمة عاكف كل أمواله نتيجة إدمانه القمار، فرهن السيرك وباع كل ممتلكاته، فانتقلت نعيمة والأسرة معه إلى القاهرة، لكن سرعان ما تزوج الأب بأخرى فغادرته الأم وبناتها الأربع، وكن يكسبن قوت يومهن بالسير في الشوارع يقمن بحركات أكروباتية رائعة ليكسبن بعض الأموال، حتى سنحت لنعيمة فرصة العمل بإحدى الصالات، لكن الأم رفضت في البداية وفضلت الجوع.

 وتأتي البداية الحقيقية لمشوار نعيمة عاكف الفني عنما حصلت على فرصة للعمل في فرقة "علي الكسار"، وفي أحد العروض هناك شاهدتها الفنانة "بديعة مصابني" وعرضت عليها الانضمام إلى فرقتها وقد حدث، وفي ذلك المسرح شاهدها المخرج أحمد كامل مرسي فأسند إليها دور راقصة في فيلم "ست البيت" مع فاتن حمامة وعبد العزيز محمود ومحمود شكوكو عام 1949.


ونجحت نعيمة في إثبات نفسها في فيلم "ست البيت"، ليشاهدها المخرج حسين فوزي، ليقع اختياره عليها لتقدم معه فيلم "العيش والملح" وقام بتوقيع عقد احتكار معها لتقديم عدد من الأفلام، وتتزوج نعيمة من المخرج حسين فوزي، لتنتقل من شارع محمد علي إلى فيلا بمنطقة "مصر الجديدة"، وعلى طريقة مسرحية "سيدتي الجميلة" قام حسين فوزي بتعليم نعيمة عاكف فن الاتيكيت وعدد من اللغات منها الفرنسية والإنجليزية.

وكانت أول بطولة سينمائية لها من خلال فيلم "لهاليبو"، لتقدم مع زوجها عدد آخر من الأفلام منها "بلدي وخفة ، بابا عريس، فتاة السيرك ، جنة ونار ، تمر حنة، يا حلاوة الحب" ، وفي عام 1956 سافرت نعيمة عاكف مع البعثة المصرية إلى الصين لتقديم الأوبريت، وعام 1957 سافرت إلى موسكو لعرض لوحات استعراضية، ليتم اختيارها كأحسن راقصة في العالم ضمن 50 دولة شاركت في ذلك المهرجان، وما زال تمثالها الذي أمر الرئيس السوفييتي "نيكيتا خروتشوف" بصنعه بعد أن كرمها يزيّن مسرح البولشوي حتى الآن.


وتنفصل نعيمة عاكف عن المخرج حسين فوزي، بعد زواج دام عشر سنوات، وذلك بعد أن دبت الغيرة بينهما، ولكن حلم الأسرة مازال في مخيلة نعيمة، فتزوجت من محاسب قانوني تعرفت عليه حينها، وكان أول قرار لزوجها الثاني هو عدم خروج بدلة الرقص من الدولاب، لتعود حياتها مرة أخرى للاستقرار وأنجبت منه ابنها الوحيد محمد، وحصلت على وظيفة بفرقة الفنون الشعبية المصرية، لتزداد حياتها استقرارا.


وعلى مدار مشوار نعيمة عاكف الفني قدمت 25 فيلما أشهرهم "بحبك يا حسن، تمر حنة، لهاليبو، يا حلاوة الحب، فتاة السيرك، أمير الدهاء، مدرسة البنات، 4 بنات وضابط، العيش والملح" وهي أعمال خلدت تلك الفنانة الجميلة في قلوبنا على الرغم من عمرها القصير، فقد رحلت الفنانة نعيمة عاكف عن عمر يناهز 37 عاماً، بعد معاناة مع مرض السرطان.


توفت نعيمة عاكف وهي على ذمة زوجها الثاني، لتكون النهاية المأساوية لهذه الفنانة المفعمة بالحيوية، ومالا يعرفه أحد أنه لحظة خروج جثمان الفنانة نعيمة عاكف من مسكنها بشارع أبو الفدا بالزمالك في 23 أبريل عام 1966، خرجت أم كلثوم من شرفة فيللتها وهي ترتدي ملابسها السوداء وفي يدها منديل وعلى عينيها الدموع وهي تلوح لجثمان نعيمة عاكف، الذي تتقدمه الأوسمة والنياشين التي حصلت عليها من الرؤساء والملوك، رحلت الفنانة نعيمة عاكف في ريعان شبابها، إلى أنها لا تزال تعيش في قلوب الجماهير وعشاق فنها.