الإثنين 29 ابريل 2024

درر التاريخ.. ورجال السويس

مقالات30-4-2021 | 15:16

أهدانى زميلى محمد أبوليلة، الصحفي بـ"صوت الأمة"، كتابه "كل رجال السويس"، الذى سرق وقتى فى ليالى رمضان؛ بعد أن أبحرت  بين صفحات الكتاب الذى أبدع  أبوليلة فى تقديم معلوماته الموثَّقة.
 كل رجال السويس.. كتابٌ أبدع فيه مُؤلفه الذى قدَّم صورةً عن قُربٍ للمقاومة الشعبية فى المدنية الباسلة، وأنا أتصفَّح الكتاب، توقَّفت  عند بابٍ خصَّصه المُؤلف عن مؤرخ الفدائيين حسين العشى، لذى كان طالبًا بالثانوية العامة فى أوائل يونيو 1967، يومها شهد عبور الجيش المصرى، قبل النكسة بأيامٍ قليلةٍ، وتمنَّى النصر لجيش بلاده، وحلم بأغنية النصر كيف يُؤدِّيها هو ورفاقه.
 عندما بدأت حرب يونيو، انتظر العشى ورفاقه لحظة النصر، وتخيَّلوا شكل الأنباء التى تخرج بهزيمة جيش إسرائيل، وحدث الشىء الذى لم يتوقَّعه ورفاقه؛ بعد أن شاهدوا طيران العدو الإسرائيلى يُحلِّق فى سماء السويس.. شعر العشى بطعم الهزيمة، ويوم أن تنحَّى الرئيس جمال عبدالناصر، خرجت السويس عن بكرة أبيها رافضةً التنحِّى، وطالبته بإكمال المسيرة، حتى تذوق إسرائيل مر الهزيمة.. فى سنوات ما بعد 1967، تغيَّرت خارطة السكان فى مدن قناة السويس، التى كان عددها يزيد على 300 ألف نسمة، صار بها 5 آلاف مواطنٍ فقط لا غير، وبحسِّه الرائع نجح زميلى أبوليلة فى انتزاع اعترافٍ من مؤرخ الفدائيين عن السنوات الصعبة التى عاشتها المدينة حتى حرب أكتوبر، وهى من بين الأسرار التى أخبره العشى بها، ومنها أن الرئيس السادات اتخد قرارًا بأن يُصلِّى صلاة عيد الفطر بالمحافظة الباسلة، بعد  صمود أهلها أمام إسرائيل، خصوصًا صبيحة 24 أكتوبر، يومها قطع الرئيس السادات وعدًا بأنه فى حالة نجاحهم فى صد هجوم إسرائيل، سيصلِّى العيد معهم كل عامٍ، وكان النصر  لهم، وأصبح الرئيس السادات حتى استشهاده، يُصلِّى صلاة عيد الفطر معهم.
 بين سطور الكتاب حكايات مثيرة مثل قصة الشهيد إبراهيم سليمان، الذى توقَّع استشهاده قبل حدوثه  بنحو 48 ساعة، وطلب من عامل المشرحة أن يعتنى به عندما يصله شهيدًا، وعندما حدث ما توقَّعه أغرقت دموع عامل المشرحة  الأرض، فهو لا يُصدِّق ما حدث، كان يظنه أنه يمزح.
 والشهيد إبراهيم سليمان، عندما تم  نقله جثمانه بعد دفنه بـ93 يومًا، اكتشفوا أن جسده لم يتحلَّل، لم  تتغيَّر ملامحه، فقد دُفن مبتسمًا، وأخرجوه مرةً أَخرى مبتسمًا.
كل رجال السويس.. كتابٌ يروى قصة مدينة قدَّمت النفيس والغالى، حتي يتحقَّق النصر، وقد رصد معاناة أهالى السويس خلال سنوات ما بعد نكسة يونيو.. وأنا أتصفَّح صفحات الكتاب، وُلد بداخلى رغبةٌ بأن تتحوَّل حكايات الكتاب لعملٍ درامىٍّ، هناك قصص شيِّقة لعشرات  الشهداء والأبطال، الذين قدَّموا أرواحهم فداءً لمصر، أرجو أن تلقى اهتمامًا لمن يطرح دررها على الشاشات والأعين، لتعرفها الأجيال وتكون دافعًا لهم فى التضحية والفداء دفاعًا عن أرض الوطن.

Dr.Randa
Dr.Radwa