الجمعة 17 مايو 2024

نساء في الإسلام (21 ).. «أم عمارة» المجاهدة الصابرة

السيدة أم عمارة

ثقافة3-5-2021 | 19:35

همت مصطفى

يشهد تاريخ الإسلام شخصيات عاشت وخلدها إيمانها ومواقفها القوية دفاعًا عن ديننا الحنيف ينشدون ثواب الآخرة والهدى للبشرية كلها فتركت هذه الشخصيات أثرًا كبيرًا محفوظًا في ذاكرتنا ووجداننا وهدى وبوصلة لنا في الطريق ، ومع بوابة "دار الهلال" في أيام شهر رمضان الكريم، ننتقل من عالمنا إلى صفحات من التاريخ لنرصد بعض الخطوات والمحطات والمواقف في رحلة العديد من هذه الشخصيات ،واخترنا بهذا العام أن تتمثل في رحلة مع النساء الذي أسهموا في دعم الإسلام وانتشاره بعنوان " نساء في الإسلام "

واللقاء اليوم مع السيدة أم عمارة نسيبة بنت كعب المجاهدة الصابرة  رضي الله عنها

السيدة" نسيبة بنت كعب"  بن عمرو بن عوف بن مبذول بن عمرو بن غنم بن مازن بن النجار إلى بني الخزرج، وهي القبيلة التى كانت تسكن بالمدينة المنورة  بجانب قبيلة الأوس، وبالتحديد من بطن بني النجار أخوال عبد المطلب بن هاشم جد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمها هي الرباب بنت عبد الله بن حبيب بن عبد حارثة بن مالك بن غضب بن جُشم بن الخزرج  ، وقيل أن والدة"نسيبة بنت كعب" قد شاركت فى غزوة أحد ،وتكنى " نسيبة بنت كعب  " بــ" أم عمارة ".

وفي شهر ذي الحجة قبل الهجرة إلى المدينة بثلاثة أشهر ، خرج ثلاثة وسبعون رجلًا وامرأتان من الأنصار في موسم الحج (الأولى هي " أم عمارة" نسيبة بنت كعب رضي الله عنها ، والثانية "أم منيع" أسماء بنت عمرو رضي الله عنها ) ، وبايعوا  رسول الله صلى الله عليه وسلم على نصرته ، وعلى السمع والطاعة في العسر واليسر ، وألا ينازعوا الأمر أهله، وأن يقولوا كلمة الحق أينما كانوا، وألا يخافوا في الله لومة لائم ،وتمت تلك البيعة المباركة ، وبايعت " أم عمارة" رسول الله ،فعادت أم "عمارة "إلى المدينة وهي تحمل أمانة هذا الدين العظيم ، فما إن وصلت إلى المدينة حتى قامت لتنشر الإسلام بين النساء في المدينة وبين أولادها وأهلها وقومها.

وكانت السيدة "أم عمارة" رضى الله عنها من أوائل أهل يثرب دخولًا في الإسلام، وعندما هاجر رسول الله إلى يثرب، كانت من المخلصات في نشر الدين، وعاهدت الله على السير قدما فى طريق الدعوة فصدقت الوعد والعهد، وجاهدت مع الرسول فى سبيل الله فى كثير من الحروب والغزوات، فقال عنها رسول الله (فلم تبال بجراحها أو خسارتها التى أصابتها في سبيل إعلاء كلمة الله .)

تزوجت السيدة "أم عمارة" قبل الإسلام زيد بن عاصم الأنصاري وهو من الصحابة الذين شهدوا بيعة العقبة وبدر ثم أحد ، وأنجبت " أم عمارة " للصحابي "زيد بن عاصم " ولدين الأول " حبيب" الذي شهد بيعة العقبة وأحد والخندق وباقي الغزوات مع رسول الله ، وبعثه رسول الله  إلى "مسيلمة بن حبيب" (مسليمة الكذاب ) في اليمامة لما تنبأ فقطّع مسيلمة أطرافه وألقاه في النار حتى مات لما لم يشهد لمسيلمة بالنبوة ، وعبد الله ، والابن الثاني هو "عبد الله " الذي أجهز على مسيلمة بن حبيب بسيفه في معركة اليمامة بعد أن رماه وحشي بن حرب، وقد قُتل "عبد الله" يوم الحرة سنة 63 هـ رضي الله عنه .

وتزوجت "أم عمارة " للمرة الثانية من  غزية بن عمرو الأنصاري، أن طلقها زيد بن عاصم الأنصاري ، وقيل أن زوجها زيد قد مات بعد بدر فتزوجت من بعده وكان "غزية بن عمرو" أيضًا ممن شهد بيعة العقبة وأحد، وهو أخو سراقة بن عمرو، وأنجبت له " ضمرة " ، ولأم عمارة ولد آخر يدعى" تميم " ويختلف كتاب السير في نسبته إلى "زيد بن عاصم" أم لـ "غزية بن عمرو"، وقيل تزوجت أنها ثالثًا.

واتسمت " أم عمارة " بصبرها وإيمانها القوي واتضح ذلك ذلك عندما قتل مسيلمة ابنها وقالت: "لمثل هذا أعددته وعند الله احتسبته " وابنها "حبيب "هو الذي أرسله رسول الله إلى " مسيلمة الكذاب" وقطعه مسيلمة عضوًا عضوًا فمات شهيدًا فصبرت على قتله حتى ثأرت له فى معرقة اليمامة فقتل ابنها عبدالله مسيلمة الكذاب.

شاركت السيدة  " أم عمارة "  فى غزوة أحد حيث خرجت مع زوجها "غزية بن عمرو" وولديها عبدالله ،وحبيب فكانت تسقي الجرحى والعطشى كما أنها كانت تداوي الجروح الى أن تحول نصر المسلمين إلى هزيمة فشاركت فى القتال حتى جُرحت جروحًا كثيرة ،ويذكر أن أحد الفرسان أراد ان يقتلها فهم عليها بالسيف ولكن الله درها فصدت ضربته فجعلت سيفه ضعيفا فأراد الفارس أن يهرب فضربت فرسه ضربة كالصاعقة فوقع على ظهره وكان رسول الله يشهد  هذا الموقف البطولى فقال بأعلى صوته "يا ابن أم عمارة أمك أمك  فشاركها ابنها على الإجهاز على الفارس فقتلوه"

وشاركت "أم عمارة" رضى الله عنها فى السنة الرابعة من الهجرة فى غزوة بني قريظة،وأعطاها رسول الله من الغنائم ، كما شاركت أيضًا فى غزوة خيبر فكانت تداوي الجروح وتسقى العطشان وتناول الأسهم ،ومما عرف عنها أنها كانت تشارك فى القتال اذا دعت الحاجة اليها  ، شاركت" أم عمارة " أيضًا فى غزوة حنين سنة 8هـ.

وشهدت " أم عمارة " الحديبية وبيعة الرضوان حيث خرجت  مع الرسول الله  لأداء عمرة القضاء وشاركت" أم عمارة " في معركة اليمامة مع كبر عمرها لاشتياقها للجهاد وللثأر من مسيلمة لقتل ابنها حبيب فشاركت ومعها ابنها "عبد الله بن زيد "في القتال وأبلت فيها بلاءً حسنًا، ونجح "عبد الله "في الثأر لأخيه، وقتل بسيفه مسيلمة،وأصيبت" أم عمارة" في تلك المعركة بأحد عشر جرحًا، وقُطعت يدها فبعث إليها خالد بن الوليد بطبيب يداويها.

توفيت المجاهدة السيدة "أم عمارة "رضى الله عنها بعد معركة اليمامة بعام سنة13هـ، متأثرة بجراحها في خلافة عمر بن الخطاب، ودفنت في البقيع وفى جسدها علامات الجهاد من الجروح والقطع ،رحم الله المجاهدة الصابرة  " أم عمارة" التي كانت رمزا قويا في الدفاع عن الإسلام  وأما صابرة .

 ويذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم   لابنها(مقام أمك خير من مقام فلان وفلان ،ومقام زوجها خير من مقام فلان وفلان ،ومقامك خير من مقام فلان وفلان  ،رحمكم الله أهل البيت) ، ودعا لهم النبي محمد أن يكونوا رفقائه في الجنة.