كشف مسؤول عسكري بارز عن أن مجموعة مؤلفة من 10 مؤلفين وفنانين متخصصين في روايات الخيال العلمي، شرعت في مهمتها الثانية لصياغة تصورات جديدة تستشرف نمط التهديدات التي قد يواجهها الأمن الفرنسي خلال الأربعين عاماً المقبلة وما بعدها.
وقال مدير "وكالة الابتكار الدفاعي الفرنسية"، إيمانويل شيفا، في تعليقات نقلتها مجلة "ديفينس نيوز" إن المجموعة التي يطلق عليها "الفريق الأحمر"، التي شُكلت في منتصف عام 2019، قدمت تصوراتها وسيناريوتها المتخيلة في أواخر عام 2020، وسعى كُتَّاب الخيال العلمي والفنانون المشاركون في الفريق في رسم تصور لمستقبل القرصنة، مع الإشارة إلى بلدان حقيقية تمارس أعمال القرصنة إضافة إلى سفن مارقة تجوب البحار.
وأشار شيفا، في مؤتمر عبر الإنترنت نظمه "معهد الدراسات الاستراتيجية الدولية" IISS، إلى أن السلسلة الجديدة من التصورات لعام 2021 هي في حقيقة الأمر مصنفة ضمن الموضوعات السرية، قائلاً "لا نريد الكشف عن نقاط ضعفنا أو تقديم أفكار لخصومنا".
وبين المسؤول العسكري الفرنسي أن "الفريق الأحمر" المؤلف من كُتَّاب الخيال العلمي مكلفٌ باستشراف كيف يمكننا تنظيم مجتمعنا في المستقبل، وما هي السبل التي يمكن للخصوم استخدامها لتهديده، لافتا إلى أن المحللين بدورهم سيقومون بدراسة تلك السيناريوهات في مسعى للتوصل إلى التكنولوجيات التي تتيح لصناع القرار أن يقفوا على أهبة الاستعداد للتعاطي مع تلك المباراة.
ويرى شيفا أن المؤلفين والفنانين يسهمون بفعالية في حشد همم الطواقم العسكرية التقليدية ومهندسي التسليح والعلماء المتخصصين في صناعات الدفاع، مؤكداً أن "الهدف من الفريق الأحمر هو أن يرعبوا هؤلاء لكي يكونوا قادرين على التفكير في كيفية التعاطي والتأقلم مع تلك التهديدات المتوقعة."
من جانبه، يقول الباحث في الشؤون العسكرية بجامعة بوندزفيهر في ميونيخ، فرانك ساور، إن الاستعانة بالمبدعين المتخصصين من أجل تقليل مستويات أضرار المفاجآت الاستراتيجية، ليست بالفكرة الجديدة، فالمؤلفان بيتر سينجر وأوجوست كول تمكنا من إثارة انتباه البنتاجون إلى ميدان بات يطلق عليه "استخبارات الخيال"، ولايزال يجري استخدام مثل ذلك التصور وفق النمط المستهدف كما هو الحال في العسكرية الفرنسية التي لا زالت حديثة العهد في تلك التجربة.
ويرى ساور أن كتابات الخيال العلمي يمكن أن تكون مجدية ومفيدة لاستشراف التطورات وتوقع تبعاتها بطريقة تفكير خارج الصندوق، مبيناً أن توقع التوجهات والميول بوجه عام من منظور قربه بأوضاع الوقت الراهن بات أمراً غير كافٍ.
لكن الاستخبارات الخيالية لا ينبغي أن تكون مشغولة ومرتبكة بمحاولتها توقع المستقبل بكل تفاصيله، فالفكرة، من وجهة نظر الباحث ساور، تتلخص في مجرد تصور سيناريو يبرز "الجوانب المظلمة" لما هو ممكن.
ويعاود المسؤول العسكري الفرنسي الحديث عن تجربة بلاده في مجال الاستعانة بكتاب الخيال العلمي وفنانيه قائلاً إنه ليس من الواضح ما إذا كان عمل "الفريق الأحمر" سيرى النور، فالمسؤولون سوف يقررون بعد مضي ثلاث سنوات على العمل ما إذا كانت النتائج سيتم الإفصاح عنها وإخراجها للعلن.