الإثنين 6 مايو 2024

نجوم المسرح المصرى..(21) الفنانة القديرة.. محسنة توفيق بهية الفن المصري

محسنة توفيق

ثقافة4-5-2021 | 00:20

همت مصطفى

يزخر تاريخنا الثقافي والفني بشخصيات كثيرة يمثلون علامات مضيئة، ونجومًا تتلألأ في حياتنا، أضافت الكثير بالتزامها وإخلاصها وموهبتها وإبداعها في مسيرة المسرح المصري والعربي أيضًا، وأسعدت الجمهور بكل ما قدمت، وتواصل بوابة"دار الهلال" في شهر"رمضان الكريم" تسليط الضوء على نجم من هؤلاء النجوم وخطوات من رحلته وحياته بالمسرح ،وترك هؤلاء النجوم إرثًا فنيًا في الحركة المسرحية المصرية وحفروا أسمائهم في عالم الإبداع بما قدموا بالكثير من الأدوار والشخصيات الدرامية بمسرحنا المصري .

واللقاء اليوم مع الفنانة القديرة  " محسنة توفيق"

ولدت الفنانة القديرة محسنة توفيق"في 29 ديسمبر عام 1939، وكانت بدايتها الفنية مبكرة جدا خاصة مع تشجيعها من قبل شقيقتيها المذيعتين (فضيلة توفيق والتي تعرف بـ«أبلة فضيلة»، ويسرا توفيق التي عملت مطربة بدار الأوبرا المصرية، حيث انضمت "محسنة توفيق "خلال المرحلة الإبتدائية إلى فريقي الموسيقى والمسرح، وكانت تمارس هواية التمثيل بالمسرح المدرسي بالمرحلة الثانوية ثم بفرق المسرح الجامعي، وخلال تلك الفترة أسند لها المخرج الكبير نبيل الألفي بطولة مسرحية «الأشباح» للكاتب العالمي إبسن لإحدى الفرق الجامعية، وقد رشحها تميزها بالمسرح الجامعي إلى احتراف الفن مبكرا ،وهي ما زالت طالبة بكلية الزراعة فاشتركت بالتمثيل في عروض فرقة «عبد الرحمن الخميسي» في عامي( 1960 ،1961)، وبعدها شاركت بمسرحية «مأساة جميلة» بفرقة «المسرح القومي» عام 1961، وتميزت من خلال عدة مسرحيات في تلك الفترة ومن بينها «أجاممنون» عام 1966 بمسرح الجيب، وبعد تخرجها من الجامعة مباشرة عام 1968) قدمت دورا من أهم أدوارها بمسرحية «حاملات القرابين» للمخرج اليوناني تاكيس موزينيدس عام 1968.

وكانت فترة الستينات من أهم  فترات المسيرة  الفنية وخصوصا بالمسرح للفنانة " محسنة توفيق" حيث نجحت في لفت الأنظار إلى موهبتها وخصوصًا من خلال مسرحيتي(«مأساة جميلة»، «الدخان» بفرقة المسرح القومي، ومن ثم من خلال مسرحية «أجاممنون» بفرقة مسرح الجيب، ومن ثم فقد نجحت مبكرا في أن تنضم إلى قائمة سيدات المسرح المصري في ستينات القرن العشرين مع نخبة من القديرات بالمسرح المصري وبالفن بصفة عامة .

 استطاعت الفنانة القديرة "محسنة توفيق" من خلال تألقها المسرحي أن تشارك بمختلف الوسائط الفنية، حيث شاركت ببطولة عدة مسلسلات تلفزيونية مهمة تصل إلى  خمسين مسلسلا دراميا من بينها الوسية، الشوارع الخلفية، المرسى والبحار، الكتابة على لحم يحترق، ليالي الحلمية بأجزائها المختلفة، وأيضا ببعض الأفلام السينمائية، ويذكر أنه بعد مشاركتها بفيلم «عظماء الإسلام» عام 1970 انطلقت مسيرتها السينمائية بفيلم «حادثة شرف» عام 1971، الذي جسدت فيه شخصية «مسعدة» زوجة فرج ،ومن بعد ذلك شاركت في بطولة بعض الأفلام المهمة في مسيرتنا السينمائية ومن بينها العصفور، البؤساء، إسكندرية ليه؟

كانت الفنانة القديرة "محسنة توفيق" مثقفة ومفكرة تتحلى بالروح الوطنية، وتحرص على المساهمة في معركة التنوير بتقديم قيم الخير والحق والجمال، واتخاذ المواقف السياسية الواضحة، فهي لا تعرف المهادنة وترفض كل أشكال الظلم والقهر، وظلت تعلن دائما آراءها بكل صراحة، سواء ببعض المؤتمرات السياسية أو بمشاركتها ببعض المسيرات والمظاهرات.

وظل المسرح منذ بدايات الرحلة الفنية مع الفنانة "محسنة توفيق" هو المجال المحبب لها ومجال إبداعها الأساسي، وهو الذي قضت في العمل به كممثلة محترفة ما يقرب من نصف قرن، شاركت خلالها ببطولة عدد كبير من العروض بالعديد من الفرق المسرحية المهمة حيث شاركت في بطولة ما يقرب من ثلاثين مسرحية ،

تميزت " محسنة توفيق " في تقديم  العديد من الشخصيات الدرامية الخالدة ومن بينها شخصيات  الي قدمتها  على خشبة المسرح العديد من الشخصيات العالمية والمحلية الخالدة، وفي مقدمتها«نعيمة» في مسرحية"منين أجيب ناس" للمخرج والمؤلف المبدع"نجيب سرور، وقدمت شخصية «بهية» التي غنى لها الشيخ إمام«مصر يامه يا بهية» من كلمات الشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم، بفيلم «العصفور»، وقدمت بالدراما التلفزيونية  شخصيةأنيسة» رمز الطبقات الكادحة بمسلسل «ليالي الحلمية» للمؤلف أسامة أنور عكاشة والمخرج إسماعيل عبد الحافظ.

وتتمثل مشاركاتها المسرحية  فيما يلي:

شاركت "محسنة توفيق " بفرقة «المسرح القومي»  في مسرحيات (مأساة جميلة ، المحلل (1961)، الدخان (1962)، طيور الحب (1964)، حاملات القرابين (1968)، الجنس الثالث، 28 سبتمبر (1970)، عفاريت مصر الجديدة (1971)، دماء على ملابس السهرة (1979)، الأستاذ (1981).

وشاركت " محسنة توفيق " بفرقة «مسرح الجيب» في مسرحيات (شفيقة ومتولي (1963)، يرما (1964)، حسن ونعيمة (1965)، أجاممنون، طبول في الليل (1966)، الأسلاف يتميزون غضبا، مسحوق الذكاء، المسير الطويل (1967)، تحت المظلة (التركة يحيي ويميت 1969)، ثورة الزنج (1970) ،ومع فرقة «المسرح العالمي»: أنتيجونا، مرتفعات وذرينج (1965).

وشاركت" محسنة توفيق" أيضًا بفرق مسرحية أخرى قدمت معها العديد من المسرحيات منها(عزبة بنايوتي (عبد الرحمن الخميسي 1960)، ست شخصيات تبحث عن مؤلف مع(جمعية أنصار التمثيل والسينما1961)، منين أجيب ناس مع فرقة المسرح المتجول1985)، وذلك بخلاف مسرحيتي: الابن (1973)، قمبيز.

اشتركت الفنانة القديرة"محسنة توفيق "ببطولة فيلمي:«العصفور»، و«إسكندرية ليه؟»، اللذين تم اختيارهما في قائمة أفضل (100) مائة فيلم بذاكرة السينما المصرية طبقا لاستفتاء النقاد والسينمائيين عام 1966) ،وكان دورها في فيلم «العصفور» جاء مختلفا حيث تميزت بدور «بهية»، وأصبحت رمزا للوطنية ورمزا لمصر، ووصف المخرج  يوسف شاهين الفنانة محسنة توفيق بأنها واحدة من «مجاذيب الفن العربي» وبالتحديد السينما المصرية .

تميزت الفنانة "محسنة توفيق" بصوتها الحساس المتميز ومخارج ألفاظها السليمة، وبمهاراتها البديعة في التلوين الصوتي وقدرتها على التعبير عن مختلف المشاعر والمواقف الإنسانية، وبأدائها البديع وخصوصا في التمثيل باللغة العربية أو إلقاء الشعر.

نالت الفنانة القديرة "محسنة توفيق" العديد من الجوائز بالمهرجانات المحلية والعربية، ونالت  وسام الدولة للعلوم والفنون عام 1967، كما حصلت على شهادات تقدير لمشاركتها بكل من فيلمي: «العصفور»، «بيت القاصرات»، وفازت أيضا بجائزة الدولة التقديرية عن مجمل أعمالها الفنية عام 2013 ، إضافة لتكريمها ببعض المهرجانات الفنية المحلية والعربية وحصولها على عدة جوائز ومن بينها: الجائزة الأولى بمهرجان «بغداد المسرحي» عام 1985، عن تجسيدها لشخصية «نعيمة» بمسرحية «منين أجيب ناس» لنجيب سرور ومن إخراج مراد منير ،و تم تكريمها بالدورة السابعة لمهرجان «القاهرة الدولي للمسرح التجريبي» عام 1995، وبالدورة الرابعة لمهرجان «المسرح العربي» للجمعية المصرية لهواة المسرح عام 2005، كما كرمت بالدورة الثالثة لمهرجان «أسوان لأفلام المرأة» عام 2018.

 رحلت الفنانة القديرة " محسنة توفيق "بهية الفن المصري والتي ناضلت من خلال المسرح المصري وبرحلتها بالحياة عن عالمنا في 6 مايو 2019 بعد رحلة فنية طويلة بمسيرة غنية وشخصيات قدمتها بأعمالها حفرت في ذاكرتنا ووجداننا.

Dr.Randa
Egypt Air