الإثنين 6 مايو 2024

الروائي الليبي أحمد إبراهيم الفقيه في أخر حوار قبل رحيله: لا أهمية لأي عمل خارج قوة الإبداع

الروائي الليبي الكبير أحمد إبراهيم الفقيه في أخر حوار قبل رحيله

ثقافة6-5-2021 | 19:33

حاورهُ عِذاب الركابي

نجيب محفوظ صانع لتراث الرواية العربية المعاصرة..

ليس في تاريخ بلادي ما يسمّى بالزمن الجميل..

الرواية عمل من أعمال الخيال..

"يوسف القويري" قلمٌ عبقري

الدكتور أحمد إبراهيم الفقيه كاتب وقاص وروائي وصحفي غزير الإنتاج، ومتابعة أعماله السردية والمسرحية والنقدية ويومياته الصحفية التي تجاوزت الخمسين كتاباً، منها خمس وعشرون رواية  بالإضافة إلى قصصه القصيرة ومسرحياته، وكتبه النقدية ويومياته الثقافية، وهي ترصد بدقّة ومهارة نبض حياتنا الاجتماعية والثقافية والسياسية في ليبيا وباقي بلدان الوطن .

 

كاتب يجدُ في المثابرة والتواصل المثمر رغيفه اليوميّ ، تولى رئاسة  تحرير أكثر من صحيفة ومجلة ليبية، وفي مقدمتها مجلة الثقافة العربية الأكثر انتشاراً، وهي الفضاء الرحب لكل الكتّاب والمبدعين والمثقفين العرب طوال فترة صدورها.

كاتب وروائي لهُ حضوره في ثقافتنا العربية، يفوّضُ أمره للكلمات، يمنحها كل السلطة على أرض أصابعه، وأنهار قريحته، لأن تضيء بلا حدود، تحكي بأبجدية من ذهب الوقت حياة الوطن والناس، والأحلام، والحرية، يجدً في عسل الكلمات هبة الله ، وعطر الخيال.

منحة المستقبل .. أكثر أدباء ومبدعي بلده ليبيا إنتاجاً وحضوراً وتواصلاً .. ذو نفس سردي وروائي طويل، وهو صاحب الرواية الشهيرة خرائط الروح الإثنى عشرية، العمل السردي الأطول في تاريخ  السرد والأدب العربي.

لمْ ينتهِ حديثنا على ضفاف النيل، وهو الشاهد الصادق على ما قاله هذا المبدع الكبير ولديه الكثير، مما هو هادف وجديد ومثير !!

 

 *كاتب قصّة قصيرة، ورواية، ومقال من طراز رفيع .. غزير الإنتاج من "اربطوا أحزمة المقاعد" و"امرأة من ضوء" في القصّة القصيرة وغيرها إلى " حقول الرماد" والثلاثية " هذه تخوم مملكتي – نفق تضيئه امرأة- سأهبك مدينة أخرى"، وانتهاء باثنى عشرية "خرائط الروح" و حتّى الرواية العشرين" الطريق إلى قنطرارة" وهأنت تأخذ كل مدنك ، وأحلامك إلى الرواية .. لماذا الرواية !؟

 

في البدء كانت الرواية، بمعني أننا ننشأ في الحياة مع الرواية، وكل ما حولنا هو رواية، ما نسمعه في زمن الطفولة من خرافات جداتنا هو رواية، وما يعرض لنا منذ الصغر من تاريخ أسلافنا هو رواية، وما نسمعه في مجالس الأهل يقال على ألسنة الرواة الذين يسردون الأحداث عن معارك الجهاد أومعارك العشيرة أو القرية ليست إلاّ روايات، وأعتقد أن الأدب في الأساس بدأ بالرواية منذ أن أشعل الإنسان البدائي نارا وجلس يستذكر مع أهله أو رفاقه أحداث حياته، يخبرهم بها أويستمع إلى روايتهم عنها، فذلك سرد في شكله الفطري الطبيعي، الذي تهذب وتشذب، وصار فيما بعد قصا، سواء أسميناه رواية أوقصة قصيرة أو طويلة، ولذا فأنني أراه أمرا طبيعيا أن تتجه ملكات التعبير لدى الأديب الذي زرع الله في قلبه موهبة الأدب، إلى الرواية إذا كان ناثرا، أو إلى الشعر إذا كانت موهبته أميل إلى الشعر، لأن الشعر أيضا استلهام للغة الطبيعة التي ننشأ معها فهي ألوان من التعبير مثلها مثل الموسيقى والرسم.

 

ربما تأخرت في كتابة الرواية، لأسباب عملية إجرائية تتصل بظروف النشر في ليبيا، وربما بظروف أخرى، يصعب الحديث عنها تفصيلا في مثل هذه الحيز من الوقت، ولكن النشر هو أكثر مباشرة ووضوحا،حيث لم تكن هناك صناعة كتاب عندما بدأت الكتابة، ولم تكن هناك وسيلة نشر غير الصحيفة أو المجلة التي لا تستوعب غير السرد في شكله القصير أو المقالة، ولذلك اتجهت إليهما، ولم تصدر لي رواية في كتاب إلا بعد عقد ونصف من ممارستي الكتابة والنشر في الصحف، ولذلك جئت إلى مجال الرواية بشيء من النهم، والرغبة في تعويض ما فات من زمن.

وربما هو ما حفزني إلى أن اتجه إلى ما يسمى الصناعة الثقيلة في الكتابة الروائية بمعنى أن أكتب ثلاثية ثم اتبعها برواية هي الأطول في تاريخ الأدب العربي وأقصد الاثني عشرية المسماة خرائط الروح، نعم أحبّ كتابة الرواية، وأراها تعطي الكاتب فرصة الغوص مع عوالمه التي يصورها وشخصياته التي يبتغي سبر أغوارها بقدر أكبر مما تتيحه القصة القصيرة، ولعلني كنت سأكرس وقتي كاملا لكتابة الرواية لو أن الأدب يطعم خبزا في العالم العربي، ويكفي صاحبه عناء الذهاب إلى عمل آخر يكسب منه لقمة عيشه، إلا أن ضرورة الالتحاق بعمل آخر لا يتيح هذا الترف، ولذلك تنوعت كتاباتي.

واقتضى عملي بالصحافة أن أتجه إلى كتابة المقالة، التي كثيرا ما كنت أكتبها بشكل يومي، وأحيانا أسبوعي، وهو ما جعل كتب المقالات تشكل حيزا كبيرا من رصيدي في الكتب لأنني أتوخى أن أكتب مقالات فنية لا تستهلك نفسها في يوم نشرها مثل التعليقات السياسية، ولأن لي منذ بداياتي اتصالا بالحركة المسرحية، ودرست المسرح دراسة أكاديمية وعملت ممثلا ومخرجا في المسرح القومي الليبي، فقد كان لابد أن يحتل هذا المسرح وكتابة النصوص حيزا من نشاطي الأدبي، ثم أنني بدأت بالقصة القصيرة، وصارت إحدى مكونات شخصيتي الأدبية، ولذلك فأنني واصلت كتابتها وصار في رصيدي الآن عشرين مجموعة قصصية، بينها مجموعتان تنتميان إلى القصة القصيرة جدا.

ومجمل القول ان الكتابة، صارت بالنسبة لي اشبه بالشهيق والزفير، انها صنو الحياة، ولانني مارستها منذ سن مبكرة جدا، فان رصيدي من الانتاج الادبي كبير بالنسبة لانسان لم يتفرغ لها، وكان دوما يشغل وظائف عامة حين عملت موظفا في الحكومة وتوليت عدة مناصب بينها مدير ادارة الفنون والآداب ومدير معهد التمثيل والموسيقى، ووظائف ديبلوماسية منها مستشار إعلامي في لندن والرباط والقاهرة ورئيس بعثة سياسية في أثينا وبوخارست ثم رئيس تحرير لأكثر من عشرمطبوعات بعضها باللغة الإنجليزية، ولكن أغلبها مطبوعات أدبية مثل الأسبوع الثقافي والثقافة العربية.

 

الرواية ديوان العصر الحديث .

 

*هل تؤكد قول "سانت بيف" بأنّ الرواية ستكتسح كلّ شيء وصيغ النقاد الانفعالية هذا زمن الرواية والرواية ديوان العرب أم أنك تجدُ نفسك، وتؤكّد ذاتك في هذا الفنّ العابر للأزمان، وانه مَن يجيب أكثر عن أسئلتك؟ أم ماذا؟ حدّثني !

 

سبق أن تعرضت للتعليق على هذه المقولات، واقترحت تبديلا في الصياغة لأنني احترم التقاليد التي استقرت في مجتمعاتنا الأدبية العربية، ولا أرى أننا بحاجة لأن نصنع معركة مع قول الأسلاف بأن الشعر ديوان العرب، وهو كذلك ليس بما يؤديه الشعر من دور هذه الأيام، ولكن بما أداه لحياتنا على مدى آلاف السنين، فهو ديوان العرب أمس واليوم وغدا، وإن تبدلت الحالات وتغيرت الأدوار، ولا بأس من قول إن الرواية ديوان العصر الحديث، وأراها قد تبوأت مركز الصدارة في حياتنا الأدبية.

 

وينطبق ذلك على المجتمع الأدبي في بلادنا العربية وعلى مجتمعات أدبية لدى شعوب أخرى، وفعلت ذلك لأنها الوريثة لتقاليد أدبية عريقة في الحواديث والأساطير وخرافات الشعوب، فإذا كان قد اختفى سارد السيرة الهلالية وانتهت في أدب الغرب ملاحم هوميروس- الألياذة والأوديسة، ثم التراث الروماني مثل الإنيادة، وغيرها من أساطير رومانية وصينية وهندية وفارسية، فالرواية صارت هي الوريث لكل ذلك وحق لها أن تتسمى باسم ديوان العصر، المعبّر عن حالات وتحولات يعيشها أهل زماننا.

 

" رواية خرائط الروح" رواية علاقات إنسانية .

 

*يقول أوسكار وايلد: نحن مدينون للتاريخ بواجبٍ واحدٍ، وهو إعادة كتابته ما رأيك في هذه العبارة ؟ في "خرائط الروح" و"الطريق إلى قنطرارة" هل عملت بمقولة وايلد وأعدت كتابة التاريخ ؟ أمْ ماذا ؟

 

  أعتقد إن كلّ رواية تتعامل مع وقائع الحياة، أيّ غير روايات الخيال العلمي، هي نوع من إعادة كتابة التاريخ، إن لم يكن تاريخ الوقائع والأحداث، فهو تاريخ العواطف والانفعالات والمشاعر، فالتاريخ لا يستطيع أن يرصد ما يجري في العوالم الداخلية للبشر، ولذلك فهي مهمة الأدب، أن يرصد ذلك، وربّما لهذا السبب يقولون إنك تستطيع أن تتعلم من مطالعة الأدب القصصي لشعب من الشعوب عن حياته وتاريخه أكثر مما تقدمه لك كتب التاريخ.

 

وربما نجد في القصص ذات المنحي التاريخي اقترابا من هذه الحقيقة، أكثر من غيرها، من دون أن تكون بالضرورة قصصا تاريخية، فـ"الحرب والسلام" رواية تتناول مراحل من التاريخ الروسي، ولكننا لا نحسبها رواية تاريخية ، إنها أوسع وأكبر من التاريخ ، لأنها رواية. نعم ، يمكن اعتبار (الطريق إلى قنطرارة) رواية تاريخية، لأنني أردت بكتابتها إلقاء الضوء على مرحلة مجهولة من تاريخنا، ويكاد التاريخ نفسه يهملها ولا يذكرها إلا في سطور قليلة ، ولكن خرائط الروح ليست رواية تاريخية، وهي تغطي مساحة عشرين عاما من التاريخ الليبي الحديث، فهي تبدأ في مطلع الثلاثينيات وتنتهي في مطلع الخمسينيات، وخلال هذه الفترة شهدت ليبيا صراعا من أجل مولد الدولة الليبية، وتحقق الاستقلال وعانت من آثار الحرب العالمية الثانية، فهي رواية علاقات إنسانية، وليست رواية أحداث تاريخية، وتعمدت أن أتكيء على مرحلة مهمة من التاريخ، لأن الشدائد تظهر معادن البشر، ولكي استطيع ان أتمكن من سبر أغوار النفس البشرية التي جعلتها محور الرواية، واتتبع خريطة حياة هذه الروح صعودا وهبوطا وضعفا وقوة، كان لابد أن أجعلها تمر باختبار الحرب والشدائد التي تمثلها الحرب .

 

لا مبرر لاستحضار التاريخ في أعمال فنية إلا لكي يضيء لنا حاضرنا، وهو هدف الأعمال التي تتناول الواقع، فلا تناقض في الهدف بين هذه الأنواع التي تتناول الماضي أو تعتني بتصوير الحاضر.

   

 

وهذا آلي سميث يقول في هذا الصدد: إنّ الروايات المهمة تاريخياً، هي الروايات المقبولة اجتماعياً .. هل أنت معه؟ ماذا تضيف لهُ أيضاً؟

لا أستطيع أن اتفق مع مثل هذا الكلام، الذي يعطي أهمية لنوع دون آخر، لأنني لا أرى أهمية لأي عمل خارج قوة الإبداع، والموارد التي تغذي العمل أسلوبا وتحليلا وحبكة وبراعة في التصوير وإجادة في سبر الأعماق وغيره، ولن تكون هناك أفضلية لرواية تدور على مطاردة سمك في البحر مثل موبي ديك أو العجوز والبحر، على روايات لها حمولا اجتماعية وتاريخية مثل روايات الأخوة كارامازوف وأنا كارنينا والدون الهاديء وأعمال روائية حديثة مثل أعمال ماركيز وجورج أمادو وغيرهما.

 

جلّ كتاب السرد العرب الآن يلجئون إلى التاريخ، أهو صدى قراءاتهم لكتّاب السرد في العالم ماركيز، يوسا، موراكامي، أليف شفق، أمين معلوف ؟ أم هو هروب من الواقع العربي المضحك – المبكي؟

 

بالتاكيد ليس هروبا من الواقع العربي! فهو واقع خصب وغزير بالمواقف الدرامية، وكلما كان الواقع مأساويا وعبثيا كان أدعى أن يغري الكتاب على اقتحامه ومعالجة ما فيه مواقف مضحكة مبكية كما تسميها، والواقع الذي غذى جسر على نهر درينا للكاتب إيفو أندرتش، في يوغسلافيا، أو الساعة الخامسة والعشرون لجورجيو في رومانيا، ليس أكثر ألما ولا مأساوية من واقعنا أو واقع معاصر أيضا غذى رواية مدن الملح للراحل عبد الرحمن منيف، دعك من أدب امريكا اللاتينية الذي كان يتغذى على رعب الاستبداد والقهر والتفاوت الطبقي والصراع الاجتماعي في تلك البلدان.

 

  للرواية التاريخية موقع في الأدب السردي مثلها مثل الرواية التي تتحدث عن الحاضر، إنها لون من ألوان الرواية، ربّما أقرب إلى الرواية الأدبية من رواية الخيال العلمي أو الرواية البوليسية أو رواية التشويق والإثارة التي يكثر إنتاجها واستهلاكها في الغرب للتسلية، ويمكن طبعا تحميل الرواية التاريخية بحمولات الواقع المعيش، وتقديم معادل رمزي له من خلال ذلك بل نجد أن هناك من يذهب لاستحضار مرحلة تاريخية في سالف العصر والأوان لأنه يريد بشكل ما أن يعقد مقارنة بحالة ما موجودة في الواقع، والذين كتبوا عن رواية صدرت حديثا في بريطانيا هي رواية قاعة الذئب ( Wolf Hall) للكاتبة هيلاري مينتل،  تناولت أحداثا عاشتها بلادها في عهد الملك هنري الثامن منذ خمسة قرون، رأوا فيها تناولا وتعليقا وتصويرا لممارسات وسلوكيات مقتبسة من الواقع السياسي المعاصر في بريطانيا، وهكذا، فنجيب محفوظ باعتباره صانعا لتراث الرواية العربية المعاصرة، قدم بانورما تنوعت وتعددت فيها ألوان الرواية، وكان لابد للرواية التاريخية أن تكون ملمحا من ملامح هذه البانوراما بجوار الرواية ذات الطابع الاجتماعي أو الفلسفي، أو النفسي، فالرواية التاريخية لا تشكل ظاهرة منفصلة عن غيرها من إبداع في مجال الكتابة الروائية، إنما تنويع وتلوين وإثراء .

                

 

بقراءة موضوعية لواقعنا العربي الراهن، والمؤامرات تحاك للعودة بنا إلى خمسة عشر قرناً مضت، من قبل التطرف – ديدان الظلام ! ألا يوحي  الواقع بمادة سرد مثيرة .. جديدة .. ومسنفزة؟ وأنت من الروائيين الذين شغلهم التاريخ، أعمالك الأخيرة تقول هذا ! قل لي لماذا التاريخ، وفلاسفة العالم وعلى رأسهم (ماركس) يرونهُ كابوساً؟

وخلاصنا بالرسم بالكلمات، كما يقول الشاعر العربي الراحل- نزار قباني، وهو ليس خلاصا خاصا بالكاتب، حتى إذا كان يقصد ذلك، ولكن في الكلمات  خلاصا للقاريء أيضا، لأننا نقرأ الأدب، لنفهم واقعنا ونرى بوضوح ما حولنا ونضيء شيئا في وجداننا، ونكسب إثراء وإغناء لعوالمنا الداخلية، ليس عن طريق ما يسمونه الهروب الذي تقدمه أفلام الإثارة والفانتازيا من أجل أن تنسينا واقعنا، رغم أنني لا أعترض على أي نوع من الفن يقدم تسلية أو يسعى لأن ينسينا واقعا نريد أن ننساه حتى ولوكان عن طريق برشامة التسكين، كله مشروع وجائز، ولا أجد منه ضررا، إلا أن الرواية الأدبية تقدم شيئا مضافا إلى ما يقدمه فيلم جيمس بوند وقصة أجاثا كريستي، وهذا الشيء المضاف نحتاجه في واقعنا المزري في العالم العربي، أو في واقع أقل بؤسا في مناطق أخرى من العالم، أو فترات أكثر بهجة وجمالا، رغم أنني لا أدرى متى كانت هناك مثل هذه الفترات المبهجة، أو تلك التي درجنا على تسميتها الزمن الجميل، فأنا الذي عاصرت واقعنا العربي منذ طفولتي في الأربعينيات، عبر سبعة عقود، لا أستطيع أن أضع إصبعي على مرحلة في تاريخ بلادي أسميها الزمن الجميل، علما بأن زمن الأربعينيات كان أكثر ماساوية وأكثر معاناة ورعباً، وكان حلقات تتبع حلقات من موجات الاستعمار وموجات الفقر وموجات القحط وموجات الأوبئة، وأستطيع لو كان الوقت يسمح، أن اقول لك ماهي كوارث عقد الأربعينيات وكوارث عقد الخمسينيات وهما عقدان تميزا بالفقر في أكثر حالاته رعباً، ثم الستينيات، وفي آخرها جاء الانقلاب الذي كان جملة طويلة واحدة مفادها الإهانة والمعاناة.

فأنا لا أريد أن أقرن الأدب وأربطه بزمن جميل وزمن بائس وزمن أفضل من زمن آخر أو أسوأ من زمن سابق له أو لاحق له، إن للأدب رواية أو قصة أو مسرحا أو شعرا، علاقة بالحياة في مجمل تحولاتها وأوجهها، وما يتعرض له الإنسان من  خير و شر وسرور وحزن وألم وبهجة، وفي حين هناك عرس وزغاريد في هذا البيت ، هناك في بيت ليس بعيدا عنه نواح وبكاء وموت.

 

لا أدري ما الذي يراه ماركس كابوسا، وربما لم أستوعب السؤال، أو أنك لم تشرح بما فيه الكفاية، ولكنني لا أرى أن ما يحدث في المنطقة كابوسا، ولا أنظر للحياة باعتبارها كابوسا ، وأرجو أن لا أمر بأية حدث يجعلني أراها كذلك، وأشير إلى ما تعرفه أنت من وقائع عاشتها ليبيا، فقد شهدت ثورة هي ثورة 17 فبراير عشنا معها أشهرا من الإثارة والترقب والانتظار وكانت أياما مجيدة بكل المقاييس، تكللت بنصر عظيم ضد الطغيان الذي استمر أكثر من أربعين عاما، وهذا العهد نفسه، رغم أنه على المستوى السياسي إهانة لشعب عريق مناضل، إلا أن الحياة تحته لم تكن تخلو من مباهجها وأفراحها ولحظات الخير والهناء برغم ما قد يتخلل هذه الحياة من معاناة أو ألم .

 

 ليبيا الآن تمرّ بمرحلة انتقالية بعد الثورة، انتكست فيها البلاد بسبب قوى ظلامية، وأجندات أجنبية، وتحولت إلى حالة من الفوضى والاحتراب والصراعات العشائرية والقبلية وغيرها، ومع ذلك يمكن النظر إليها باعتبارها مخاضا، والما يشبه ألم الميلاد، لعهد جديد، لابد أن يعقب الثورة ضد الاستبداد، وقد كتبت شخصيا عن كل ذلك، فأنا أواكب تحولات وأحداث المشهد السياسي الليبي بمقالات أكتبها كل أسبوع وأنشرها في الصحف، كذلك كتبت من واقع الثورة أكثر من مسرحية، وكتبت عددا كبيرا من القصص القصيرة وانتهيت من كتابة روايتين تنتميان لأدب الطاغية الأولى سوف تصدر عن مركز الأهرام للنشر بعنوان "الحالة الكلبية لفيلسوف الحزب"، والثانية لم أقرر من يكون الناشر، وهي رواية "العائد من موته".

 

 

ما يُلفت الانتباه في قصصك القصيرة ورواياتك الشعرية العالية، وهذا يُحسبُ لك بحق، فإبداع من دون شحنة شعرية لا يُعوّلُ عليه! لماذا الشعر؟ أهو فاتح شهية للقراءة والجذب للعمل أم أنّ القصة القصيرة والرواية حالة شعرية أيضاً ؟

 

لا مجال لقول "لماذا" في هذا السياق، فروح الشعر هي العبق الذي يفوح من قلم الأديب، ولا سبيل لأن نسأل الوردة لماذا يضوع منها العطر، أو الشجرة لماذا تطرح هذا الثمر، مثل هذه الشاعرية، أما أن تكون قادرا عليها فتثري بها إبداعك، أو لا تكون، وتنتج عندئذ إبداعا خاليا منها.

 

وأعتقد أن الأدب في أساسه شعر، والأدب هو هذا الاستخدام الشعري للغة تركيبا وتفجيرا للطاقات الكامنة فيها، وطبعا هناك قواعد وأسس تحكم هذا الاستخدام للشعر في السرد القصصي طويلا وقصيرا، ولعل القصة القصيرة بما تتميز به من تكثيف وتركيز أحوج الى هذه الشحنة الشعرية من الرواية ، إلا أنه استخدام لا يقضى على تدفق أحداثها وسرعة انسيابها، فهي ليست  قصيدة ، وهو ما يقع فيه كثير من المبتدئين ، عندما يرهقون السرد بالإسراف في التركيبات اللغوية الشعرية، كما أن التعامل مع الرواية لغويا لا يسعفك لأن تكون شاعرا في كل الحالات ، فنثر الحياة لابد أن يفرض نفسه ، ويأخذ المساحة التي يستحقها من  الحمولة الشعرية الواجب توفرها في أي نص أدبي.

 

                 . الرواية عمل من أعمال الخيال .

*الرواية اختصار للعالم ! ..ألهذا عرّفها ميلان كونديرا بـ"هذه الكيمياء الإلهية"؟ ما تعريف المقتضب للرواية ككاتب لك حضورك ، وإضافاتك المهمة للسرد العربي ؟

- الرواية كما نعلم جميعا عمل من أعمال الخيال، وهي بالضرورة ذات طول يصل إلى أن يكون كتابا، وإلا أصبحت حكاية أو طرفة أو قصة قصيرة  ،فكلها نصّ ينتمي إلى الخيال، وهو خيال وثيق الارتباط بالواقع ، وثيق الارتباط بالحياة، وليس بالضرورة محاكاة وتقليد لها كما تقول النظرة التقليدية ، ولكنه يقدم واقعا موازيا للواقع ، وحياة تجري بموازاة الحياة، وقد تعرضت لهذا المعنى في كلمة القيتها نيابة عن لجنة التحكيم، في مسابقة الرواية التي نظمها اتحاد الكتاب السوريين، اقتبس منها هذا المقطع الذي أرى فيه إجابة عن السؤال الذي تفضلت بتوجيهه لي:

      الإبداع الأدبي لا يستطيع إلا أن يكون صادقا ، خاصة هذا الإبداع السردي قصيرا وطويلا ، أنه حقا يقوم على الخيال ، ولكنه خيال ينفذ الى جوهر الحقيقة، ويقدمها إلى القاريء بكلمات تملك نبض الحياة، وتتنفس الواقع، وتعانق الحلم ، إنه يقدم الحيوات التي عاشها أبطال قصته، واضحة جلية ، كما لا تستطيع أن تفعل الكاميرا ، وكما لا تستطيع أن تفعل الصحيفة أو وكالة الأنباء ، وكما لا تستطيع أن تفعل كتب التاريخ ،  لأنها تقدم الصورة الخارجية إذا كانت صورة أو خبرا، وتقدم الإحصائيات، وتقدم الوقائع باردة، إذا كانت أسطرا في كتاب التاريخ، بحياد وسرد جامد، مجردة من آهات الألم ونبضات القلب الملتاع ، خالية من جسارة الروح في حالة تألقها واشتعالها ، فهي هنا ، أي هذه الأداة من أدوات التعبير ،  أكثر بلاغة وقوة وبراعة في توصيل الرسالة من أية أداة أو وسيلة أخرى ، أكثر من أي أداة من أدوات البحث والتقصى ، لأنها تستطيع النفاذ من سطح الأشياء إلى عمقها ، واختراق المظهر إلى قلب  الحدث أو الواقعة ، وكسر القشرة الخارجية وصولا إلى ما يمور في الأغوار ، هذا هو التعبير الأدبي قصة ورواية، الذي نحتفي به اليوم، ونقيم من أجله هذه الاحتفالية، ونكبر كتابه ومبدعيه . إنها ميزة أعطاها الله لأصحاب الأقلام المبدعة ، وهبة لا يستطيع أحد آخر أن يغوص في الواقع دما ولحما ونبضا مثل غوصهم، والتأريخ لمشاعر وانفعالات أهلهم، ونقل هذه الصورة الأمينة الصادقة عنهم ، لتبقى زادا للضمير الإنساني، وغذاء للوجدان، وصرخة احتجاج تتردد عبر الأجيال، وإدانة ولعنة تطارد الجناة على مدى التاريخ .

                   . " عودة الروح" رواية تنتمي إلى عالم الخيال .

* يقولُ الروائي الأمريكي هنري ميللر في كتابه ( اعترافات الثمانين) : " إن الزمن القادم هو زمن الرواية الأوتوبوغرافية – السيرة الذاتية .. يعني رواية المستقبل ، وكنت أول المعترضين على ورقتي في مؤتمر الرواية السادس بالقاهرة في مارس 2015.. الواقع أنك تعترض على " ميللر" و" مرجريت دوراس" و"مويان" و" مونتان" و" فاليري" وعديد من روائيي السيرة في الغرب والشرق معاً ! قل لي هل تكتب شيئاً خارج الذات ؟ ألست موجوداً في أعمالك ؟ أم أنها محض خيال الذي صار واقعاً مركزاً بفرضيات ( فيشر) ؟

- ليس اعتراضي على أن الكتابة تحتوي شيئا من حياة الكاتب أو شيئا من سيرته وتنقل بعض نبضه وأنفاسه ، وقد تكون تأريخا لمشاعره وانفعالته ، بل أنني لا أعترض على رواية تقتبس أحداثها من السيرة الذاتية وتكون رواية سيرة ، ولكنها ليست هي السيرة الذاتية، وليست هي الترجمة لحياة الكاتب وليست هي المذكرات أو الذكريات،  والفرق هنا يجب أن يكون واضحا جليا لا لبس فيه ولا غموض، لأننا قلنا تعريفا للرواية إنها عمل من أعمال الخيال، فالخيال يدخل في تكوينها ويحقق شرطا من شروط تجنسها باعتبارها رواية ، أما السيرة الذاتية أو ترجمة الكاتب أو مذكراته، فهي حقائق حياته، ينقلها لنا بصدق وأمانة ، ودون تزيد، ودون إضافة من خيال ، وليتفضل باستخدام مهاراته في التعبير والصياغة الشعرية ورسم الصور والرؤى ، ولكن دون خروج عن حقائق الحياة التي تتطلبها الشهادة ، فإذا خرج عن ذلك صار تزييفا وصار تزويرا وصار اختراعا لحياة أخرى لم يعشها ، ويريد أن يخدعنا بأنه عاشها، فهو إذن طلاق لا وصال فيه ولا ارتباط بين السيرة والترجمة وكتابة المذكرات ، وبين العمل الروائي.

      رفضي للمزج بين الاثنين هو رفض للقبول بالتزييف والتزوير، إنني أقرا (أيام) طه حسين باعتبارها درة من درره الأدبية ، ولا ينتقص منها أنها عمل من أعمال السيرة الذاتية ، يحكي فيها مذكراته خاصة في زمن الطفولة وهو طفل ضرير، فهل تقول أنه كان يصح في مثل هذه المذكرات أن  يضيف إليها من الخيال ويقدمها على أنها مذكرات؟ هل يجوز؟ هل ستكون الأيام هي الأيام؟  إنها مذكرات، وسيرة ذاتية، وليست رواية .

نعم ، كان يستطيع أن يضيف إليها ما شاء من خيال، ولكنه لن يقول عنها مذكرات حياته ، وإنما تصوير لحياة فتى آخر رآه بعيني الكاتب  ، وقام بتحرير وإنشاء كتاب قصصي عنه ؟  وفي هذه الحالة تصبح الأيام رواية وليست سيرة .

       وكتب توفيق الحكيم (سجن العمر)، وروى فيه عن أبيه وعن أمّه وعن بيت الطفولة، فهل كان جائزا أن يخترع لنا أبا غير والده وأمّا غير أمّه وأخا غير شقيقه ثم تصبح مذكرات ، طبعا لا أحد يتصور ذلك، ولا يجوز لأحد أن يفعل ذلك ، ولكنه كان يستطيع أن يكتب رواية كما فعل في (عودة الروح) ، وهي مقتبسة من حياته ، ولكنه أضاف شخوصا وصنع أحداثا  غير ما هو كائن في الحقيقة ، وقدمها لنا باعتبارها ذكريات حياته وإنما رواية تنتمي إلى عالم الخيال .

هذا هو الفرق . وأرجو أنني كنت واضحا ، وهما كما قلت لك بهذا المعنى لا يقبلان الدمج ولا الاختلاط ، كلاهما جنس أدبي ، السيرة جنس أدبي للعالم فيه تراث يملأ أرفف المكتبات ، والرواية لها تراث غير السيرة هي الأخرى تصنع أميالا من الأرفف .

       . أنا مع النقاد الذين زاوجوا بين الحداثة والتقليد .

*خرجَ لنا ؟ السيميائي رولان بارت بـ" موت الؤلف" ورونان ماكدولاند بـ"موت الناقد".. أهو انتصار للقاريء؟ هل ترى القاريء جزءاً من العمل ؟ ما تعليقك على هذين الناقدين?

- أملك ذائقة تربت في مدارس النقد التقليدي ، وصار صعبا أن أمرن نفسي على استيعاب وفهم وحفظ المصطلحات والبروتوكالات التي تتطلبها مدارس النقد الحديث للسادة رولان بارت وميشيل فوكو ولوسيان جولدمان، فقد كنا نقرأ الدكاترة مندور والقط وإحسان عباس ومحمد يوسف نجم وأنور المعداوي وخليفة التليسي، غير النقاد الرواد من أهل الفكر أمثال العقاد وطه حسين ومارون عبود وحسين مروة وآخرين أكثر مجايلة لنا مثل محي الدين صبحي ورجاء النقاش وصبرى حافظ، وصلاح عبد الصبور الذي كان ناقدا مجيدا، بجوار ريادته الشعرية، ويصعب تحديد كل الاسماء، دون أن أقول إنني لم أحاول الاقتراب من هذه المدارس  ،وهناك من زاوج بين الحداثة والتقليد من أمثال جابر عصفور وصلاح فضل ، فكان سهلا التعامل مع إنتاجهما، بل وحضرت جلسات نقاش وحوار مع بعض طلائع النقاد الذين زاروا العالم العربي من فرنسا مثل الناقد الشهيرجاك دريدا، وربما أستطيع أن أفهم الإضافة الإساسية وهي إبداع المتلقي ، والمساحة التي أتاحها النقد الحديث للدور المنوط بالقاريء ، والذي يجب أن يحرص المبدع نفسه على أن يتيحه ، فلا يقفل أمامه كل السبل التي يجب أن تتيح لمخيلته وملكاته العمل والمشاركة. دون أن أستطيع المضي مع هذا الطرح الذي يتحدث عن (موت المؤلف) أو( موت الناقد) ، وقد أعجز عن استيعاب الأبعاد الفكرية والفلسفية لهذا الطرح ، رغم علمي بأنها لا تعني حقا إلغاء دور المؤلف ولا تعني إلغاء دور الناقد  ،وإنما تحرير النص من هذه الهيمنة ، وهذه السلطة التي يفرضها المؤلف على نصّه أو الوصاية يفرضها أحيانا الناقد على النص وعلى القاريء.

                     . ليبيا عاشت حالة استثنائية لا مثيل لها في العالم .

*حفلت الثقافة والأدب والإبداع في ليبيا بأسماء مهمة ، لها حضورها العربي والعالمي أيضاً ، أضافوا الكثير برأيي ككاتب عاش إيقاعات أدبهم وإبداعاتهم عن قرب كأصدقاء .. مع ذلك يشكو القاريء العربي من عدم معرفته بإداعات الليبيين ، أين المشكلة ؟أهي قوانين الرقابة التي تفرضها بعض الأنظمة ؟ أم هو كسل دور النشر ، أم تقصير من القاريء نفسه .. ماذا ترى ؟ كيف يمكن أن يقرأ بعضنا البعض مهما بعدت المسافات ، وتعددت القوانين التي تقمع الكلمات ؟هل تعطي وسائل التواصل الصورة نقية ؟ البعض يراها خطراً على الإبداع ! حدّثني !

- دعنا نقول أولا أن ليبيا عاشت ما يقرب من نصف قرن في حالة استثنائية لا أعتقد أن هناك شبيها لها في كل العالم، لوجود طاغية يكره أن يرى اسما بجوار اسمه ، حالة مرضية تعتريه تجعله يغار من مذيع تظهر صورته على الشاشة الصغيرة وينافسه في ظهوره فوقها ، ويكره أن يسمع اسم لعيب كرة يذاع وينافس اسمه في الظهور فما بالك أن يرى نجوما في الإبداع الأدبي والفني ، وكيف لا يجن جنونه لذا رؤية مثل هذا المبدع في الإعلام أو سماع اسمه يتردد بين الناس، وهذه ليست مبالغة ، لأن الكثيرين من خارج ليبيا قد لا يصدقون هذا الكلام وقد لايصدقون أن الرجل أنشا جهازا أمنيا اسماه محاربة النجومية، ولا يصدقون أن شعار الحكم كان يقول لا نجومية في المجتمع الجماهيري ، وهذا لابد أن يكون له تاثيره على بروز أناس في مجالات فنية وأدبية ورياضية وسياسية وغيرها يراهم الناس على مستوى العالم العربي والعالم أجمع .

     نعم هناك أسماء نفذت، ربما لأن بعضها كان لها حضور قبل أن يخرج هذا الطاغية على الساحة ، ورغم ما بذله من جهد لحجبها إلا أنه لم يكن بالضرورة ينجح مع كل الناس .

    ولكننا لا يجب أن نضع اللوم على شخص الطاغية فقط ، ولكن أيضا على حالة عامة ، قد تشترك فيها أجزاء أخرى في العالم العربي لم تبتلِ  بمثل هذا الحاكم المريض بداء عبادة الذات وكراهية أن يرى اسما يظهر مع اسمه، وهي حالة إحباط ، تكسرت ، حسب تعبير صلاح عبد الصبور ، خلالها ، قوادم الأحلام ، فأصابت المبدعين بأحاسيس اللاجدوى، وهي حالة غير صحية ، وتترك آثارا سلبية على الأوساط الأدبية والفنية ، لأنها تجعل المبدع يتقاعص عن الإبداع ، وقد عشت حضرتك في ليبيا ، ورأيت بالتاكيد أصواتا واعدة وجميلة  ، شعراء وكتاب قصة ونقد، وربما أيضا في مجالات أخرى مثل الموسيقا والرسم ، أنتجوا قليلا جدا ، أظهر براعتهم وتفوقهم ، وتوقفوا كثيرا جدا ، رغم قدرتهم على الإبداع ،بل أستطيع أن أذكر من  أبناء المدينة التي عشت فيها أنت وهي (بني غازي)،  أسماء كثيرة قل لي أين ذهبت وهي لا تزال على قيد الحياة ، وتوقفت منذ أكثر من ثلاثة عقود ،أين أنيس السنفاز، وأين عبد الرزاق أبو خيط ، وأين حسين مخلوف ، وأين في الرسم صالح بن دردف وشقيقه حسن بن دردف ، وأين وأين وأين ؟

                       . "يوسف القويري" قلمٌ عبقري .

* ( إبراهيم الكوني ، صالح السنوسي ، خليفة حسين مصطفى ، أحمد إبراهيم الفقيه ) هؤلاء سفراء السرد الليبي الآن ! ماذا تقترح من أسماء أخرى ؟ كيف ترى مستقبل الرواية والإبداع في ليبيا ، وهذا الخراب غير الضروريّ يطول كلّ شيء يبشّر بالحياة ؟

ــ طبعا هناك أساتذه قدموا دروسا وإن لم تكن لهم إسهامات غزيرة في نوع أدبي معين ، مثل يوسف القويري، فهو قلم عبقري، ربما أصابته أمراض الشعور بألا جدوى، لكنه أكثر إثراء، وكان مدرسة في التعبير والكتابة ، وهو موجود وكان يكتب إلى أن منعته الأحداث الأخيرة، وهناك الراحل عبد الله القويري، وهو أستاذ في فن الكتابة ، وهناك رواد لهم إسهام في التأسيس للقصة والرواية أمثال عبد القادر أبو هروس ومحمد فريد سيالة ، وطبعا هناك جيل أقدم منهما يضم وهبي البوري وأحمد راسم قدري ومصطفى السراج ، وهناك في المسرح شقيق مصطفى السراج ، الرائد المؤسس سعيد السراج، وهناك طبعا في المسرح أحمد البيزنطي ومحمد شرف الدين ومصطفى الأمير ، وهناك أستاذنا فؤاد الكعبازي وأستاذنا على مصطفى المصراتي وأستاذنا خليفة التليسي وأستاذ الجميع المؤرخ والعالم الجليل الشيخ الطاهر الزاوي والمؤرخ محمد مسعود ومن تلاميذه اليوم محمد مسعود جبران ، ورائدات في العمل الأدبي مثل الشاعرة والكاتبة خديجة الجهمي، التي تركت أثرا في الإذاعة والإعلام ، وهناك كتاب يتنوع عطاؤهم نقدا وإبداعا أمثال حسين المزداوي، والمرحوم صادق النيهوم ومحمد وريث وهناك نقاد أمثال نجم الدين الكيب ومفتاح السيد الشريف وأمين مازن ورمضان سليم وطبعا يصعب أن أحيط بهم جميعا ولكن أشير إلى أصوات في الكتابة الرواية والقصصية مثل السيدة رزان نعيم المغربي، وقبلها السيدة مرضية النعاس في نفس المجال، والراحلة الكبيرة شريفة القيادي ، وهناك طبعا سالم الهنداوي وفوزي حداد وبشير زعبية وعبد الرسول العريبي وسالم العبار ومحمد المسلاتي وهناك السيدة نجوى بن شتوان ولطيفة القبائلي ووفاء البوعيسى وابتسام عبد المولى والشاعرات حواء القمودي وخلود الفلاح وسعاد سالم وفاطمة محمود وتهاني فرحات دربي،  أما الشعراء الرجال فيضيق المجال عن سرد أسمائهم.

 

Dr.Randa
Egypt Air