الخميس 23 مايو 2024

مغنواتية «ميدو شيبسى»

7-5-2017 | 09:36

بقلم : مى محمود

زمان .. كان المطرب حقيقيا وليس تايوانىا.. يحترم مشاعر السميعة ويتنافس لإمتاع جماهيره العريضة فى مصر والوطن العربى بتقديم أغنيات جميلة يختار مؤلفوها وملحنوها كلماتها وألحانها الموسيقية بعناية كى ترتقى بالذوق العام وتهذب المشاعر والأحاسيس وترتفع بالوجدان إلى أعلى مراتب السمو والملائكية!

وكان للطرب فرسانه الذين رحلوا ولاتزال أغنياتهم تعيش فى القلوب.. رحل عبد الحليم حافظ ومازال محبوه وعشاقه ومريدوه يزورون بيته ويضعون أكاليل الزهور على قبره ويبعثون بأغنياته رسائل حب ملتهبة للمحبوب.. وكانت أم كلثوم تجمع العائلات حول الراديو كل خميس يستمعون لأغنياتها العاطفية بوله واشتياق ..واستطاع الاثنان وغيرهما من مطربى ومطربات زمن الفن الجميل أن يسجلوا أسماءهم بأحرف من نور فى سجل تاريخنا الوطنى بأغنيات وطنية أشعلت حماس الضباط والجنود المحاربين على جبهات القتال ..وحفلات يخصص دخلها للمجهود الحربى لا يتقاضى نجومها أى أجور!

مطربو زمن الفن الجميل كانوا يقدسون قيمة العمل والصبر والاجتهاد والتنوع والاختلاف فالصوت الجميل وحده لايصنع مطرباً حقيقياً مثلما الموهبة وحدها لاتكفى، إنما وجود فريق كامل متجانس من الشعراء والملحنين والموزعين الموسيقيين لصقل ودعم هذه الموهبة الغنائية.

رحل زمن الفن الجميل وأصبحنا نعيش عصر القبح الغنائى والإسفاف والابتذال والانحطاط والسوقية وإثارة الغرائز الجنسية، ومثلما يقول عميد الملحنين حلمى بكر من يستيقظ مبكراً يغنى فى أول حفلة وهو ليس بمطرب حقيقى فيصبح مشهوراً يطلب أجره بالملايين ثم ينام تحت اللحاف ويستيقظ على موته كمغن بالصدفة!

وحتى التراث الغنائى النادر لم يسلم من السرقة وتشويه الجملة الموسيقية فيستطيع أى شخص أن يأخذ لحناً من التراث مقابل دفع مبلغ مالى لجمعية المؤلفين والملحنين دون رقابة ويركبه على أى كلمات مبتذلة ويغنيها حتى أصبحنا نعيش عصر مغنواتية «ميدو شيبسى» الذى قام بتوزيع موسيقى موال «ياعم ياصياد» للراحل الموجى وغناها محمود الليثى بطريقة مبتذلة فى فيلم عيد الربيع «يجعلوا عامر» فراح يتمايل بميوعة مع رجفة صدر وهزة وسط راقصة أكثر ابتذالا فى مشهد تمثيلى منفر ومقزز!

ولا ننسى برامج اكتشاف المواهب الغنائية التى انتشرت أخيراً حيث تتعمد الانحياز لمتسابق دون آخر والتخديم على «الشو» الخاص به وأيضاً التلاعب بجودة أجهزة الصوت لصالح بعض المتسابقين وصولا بالعقود التى يتم توقيعها بشروط جزائية مجحفة وربما برنامج " Arab got talent " الذى تذاع حلقاته حاليا يجسد جريمة تزوير وتزييف الأصوات التى تفتقد الموهبة الحقيقية والتلاعب بالنتائج الحقيقية لمجرد الحصول على الإعلانات والأرباح الطائلة على حساب الموهبة الحقيقية.

سرقة واقتباس الألحان وما يتبعها من تشويهها وتغيير الكلمات والأداء التمثيلى المبتذل يتطلب تدخل جمعية المؤلفين والملحنين لحماية حقوق الملكية الفكرية للمطربين والملحنين الأصليين باعتبارها الوكيل الحصرى لحماية حقوقهم فى الشرق الأوسط والحرص على تقديم أعمالهم بشكل محترم يعيد القيم والمبادئ والتقاليد والأعراف التى تشكل الضمير والسلوك والأخلاق والمعاملات تماما مثلما آن الأوان لأن تقوم الرقابة على المصنفات الفنية بدورها المفقود كى تستعيد الأغنية المصرية عرشها الضائع المسلوب يتغنى بها مطرب حقيقى محترم بعيداً عن الإسفاف والابتذال .. ولجان محايدة تتسم بالموضوعية والشفافية تشرف على برامج اكتشاف المواهب الغنائية التى تحولت إلى سبوبة .. لجان يحكمها الضمير وليس الشللية والمصالح الخاصة والمجاملات ، تقدم للمجتمع مطربين موهوبين يرتقون بوجدان الشباب الضائع المتعطش لعودة الطرب الأصيل وأغنيات الحب والوفاء والتسامح والانتماء التى أصبحت مجرد ذكريات من زمن الفن الجميل !