الأربعاء 26 يونيو 2024

المواقع الإليكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي كأحد روافد تجنيد العناصر الإرهابية

مقالات18-5-2021 | 12:01

أصبح الإرهاب ظاهرة شديدة الخطر تهدد الأمن والاستقرار الداخلي للدول، وتعوق خطط التنمية بشتى أنواعها، وتهدد السلم والأمن الدوليين.

ولا يزال تعريف الإرهاب يمثل مشكلة كبرى أمام المفكرين والباحثين في هذه الظاهرة لعدة أسباب منها :-

- تباين الثقافات والأهداف والمصالح المتصلة بالفعل الإرهابي، فما يعتبره طرف عملا بطوليا يستحق الإشادة، يراه البعض الآخر عملا إرهابيا يستحق الإدانة.

- تداخل الإرهاب مع عدد من المفاهيم الأخرى المتصلة في المعنى مثل: ( العنف السياسي –الجريمة السياسية – الجريمة المنظمة – التطرف ).

-  مفهوم الإرهاب مفهوم ديناميكي ومتطور، وتختلف صوره وأشكاله وأنماطه ودوافعه اختلافًا زمانيًا ومكانيًا.

 وفقا لخبراء الأمم المتحدة يعرف الإرهاب بأنه (استراتيجية عنف محرم دوليا نتيجة لبواعث مختلفة قد تكون عقائدية أو فكرية أو اجتماعية، وتهدف إلى إحداث حالة من الرعب داخل المجتمع للوصول إلى السلطة أو تقويضها) وفى معظم الأحيان يكون الإرهاب موجها للمدنيين الأبرياء للفت نظر الإعلام والضغط على الرأي العام ومتخذى القرار فى الدولة للحصول على بعض المكاسب.

ورغم العديد من الإيجابيات التى أتت بها مواقع التواصل الاجتماعى لمستخدميها، إلا انه ظهرت تأثيرات سلبية لهذه المواقع كان من أشدها خطرا استخدامها من جانب جماعات الإرهاب والجريمة المنظمة في التخطيط والتنفيذ لأعمالها الإجرامية، ونشر أفكار التطرف والعنف والترويج لها واستقطاب أعضاء جدد.

ويعتمد الجيل الجديد من التنظيمات الإرهابية على وسائل التواصل الاجتماعي في التجنيد وفي التواصل بين قيادات هذه التنظيمات، وبينها وبين عناصرها، بنسبة تفوق كافة وسائل التواصل المستخدمة، لاسيما في ظل الانتشار الجغرافي الواسع لهذه التنظيمات، وتوزع الأفراد المستهدفين بالتجنيد عبر أنحاء العالم.

وتستخدم التنظيمات الإرهابية وسائل التواصل الاجتماعي كقناة لتبادل الخطط والمعلومات حول تصنيع القنابل والمتفجرات ومهاجمة المواقع المستهدفة.. وباتت المراحل الأولية للتجنيد تتم من خلال “التغريدات” و”البوستات” ليتبين لها الأشخاص الأكثر ميلاً للمشاركة في “الجهاد” أو الاندفاع في مشاريعها حتى النهاية.

ولعل من أبرز مميزات مواقع التواصل الاجتماعى التى تقدمها للجماعات الإرهابية لاستخدامها فى نشر الفكر المتطرف وتجنيد بعض العناصر ما يلى:-

1- المرونة : حيث يمكن الترويج والدعوة إلى أعمال العنف والتطرف عن بعد

2- قلة التكاليف: فاستخدام هذه المواقع لا يحتاج إلى ميزانية ضخمة

3- قلة المخاطرة : فالإرهابى الذى يستخدم هذه المواقع خاصة من خارج البلاد لا يعرض  نفسه لمخاطر الرصد الأمنى والضبط أو المواجهة مع أجهزة الأمن

4- الدعاية الكبيرة :- حيث توفر مواقع التواصل الاجتماعى منبرا إعلاميا واسع الانتشار للفكر المتطرف

5- تعدد طرق الاتصال :- ما بين غرف دردشة ومنتديات وبريد إليكترونى توفر للجماعات المتطرفة العديد من قنوات الاتصال

أهم السمات الجاذبة لمواقع التواصل الاجتماعى التى تقوم بتجنيد الإرهابيين :-

1- الأبداع و الحرفية فى التصميم وعرض الموضوعات والمحتويات والتحديث المستمر لها مع الاعتماد على كتاب وعلماء مؤثرين فى وجدان الناس .

2- تقديم خدمات وخيارات متعددة لرواد هذه المواقع خاصة تحميل الكتب التى تحتوى على أسس الفكر المتطرف والتى يصعب الحصول عليها عادة لكونها محظورة او تخضع لرقابة صارمة على توزيعها، وأيضا خدمات اجتماعية أخرى كشئون الأسرة والفتاوى والأمور الصحية لضمان جذب أكبر عدد ممكن من الرواد.

3- التركيز على استخدام اللغة الحماسية الانفعالية التى تناسب مرحلة الشباب الذين يشكلون القاعدة العريضة لمستخدمى ورواد شبكات التواصل الاجتماعى مع استخدام مفردات مليئة بالشجن والتدفق العاطفى مثل الثواب والجنة والحور العين.

4- عدم الخضوع للرقابة أو السيطرة واعتبار هذه المواقع مكانا للتنفيس عن المتاعب و الصراعات التى يواجهها البعض استغلالا لعزلة مستخدمى هذه المواقع عن محيطهم الأسرى و الاجتماعى و العيش فى عالم افتراضى .

كيف تستخدم العناصر الإرهابية مواقع التواصل الاجتماعى :-

1- استقطاب الشباب ذوى الخبرة الضئيلة والمعرفة المحدودة بشئون دينهم واستغلال رغبتهم فى الحصول على المجتمع الفاضل وضخ الفكر المتطرف فى أذهانهم بالاستعانة بالنصوص والتفسيرات الأكثر تشددا فى أمور الدين و تطبيقها على وقائع عصرية يعيشها المجتمع

2- انتقاء العناصر التى تبدى تعاطفا وتجاوبا مع الأفكار المتطرفة والتأثير عليهم لتكوين موقف داعم صريح لهذه الأفكار، باستخدام المؤثرات أفكرية والدينية للتأثير على الشخص الحائر .

3- عند الانضمام لأحد التنظيمات تتم مرحلة التجهيز للانخراط الفعلى فى الأدوار العملياتية نفسيا عن طريق التمجيد فى من سبق لهم القيام بعمليات عنف ونشر صورهم و سيرتهم التى تصورهم على أنهم أبطال، وأيضا تصوير العمليات التى قامت بها هذه التنظيمات ضد الدولة وإذاعتها فى إطار أنها انتصار لأفكارهم .

4- تزويد المنضمين لهذه الجماعات ببعض المعلومات عن استخدام الأسلحة وتصنيع القنابل والمتفجرات البدائية الصنع التى تتوافر مكوناتها فى الأسواق، وأيضا طرق الهروب من المراقبة والمراوغة أثناء التحقيقات .

5- نقل التعليمات والأوامر لأعضائها وتحديد الأهداف المنتقاة لعملياتهم دون الحاجة للتقابل و التعرض لخطر المداهمة من سلطات إنفاذ القانون .

وفى ضوء ما سبق يتضح أن المواقع الإليكترونية باتت أحد الروافد الهامة التى تستخدمها المنظمات الإرهابية لتجنيد أعضائها ونشر الأفكار المتطرفة استغلالا للمميزات التى توفرها هذه المواقع من سرية و قلة نفقاتها وانتشارها الشديد ،مما يعدو بحق احد اهم المخاطر التى تهدد الأمن القومى.

 و من هنا توجد بعض التوصيات للحد من هذه المخاطر يمكن إجمالها فيما يلى :-

1- الوقاية خير من  العلاج ... لذلك من يجب وضع استراتيجية لتوعية النشء من الشباب بوصفهم الشريحة الأكثر استخداما للمواقع الإليكترونية من مخاطر الأفكار المتطرفة والإرهابية التى تهدد امن المجتمع، وأن يشارك فى وضع هذه الاستراتيجية المؤسسات المعنية ذات الصلة فى الدولة مثل المؤسسات الدينية وأجهزة الإعلام وخبراء تكنولوجيا المعلومات.

2- تفعيل نصوص قانون مكافحة الجرائم المعلوماتية و تشجيع المواطنين على الإبلاغ عن المواقع ذات التوجهات المتطرفة التى تهدد امن المجتمع.

3- تفعيل التعاون الدولى فى مجال مكافحة الجرائم المعلوماتية خاصة التحريض على العنف والإرهاب مع الدول الصديقة خاصة التى عانت من جرائم التطرف.

4- الرصد المستمر لما يثار او ينشر على مواقع التواصل الاجتماعى واتخاذ الإجراءات القانونية ضد من يروج لأفكار العنف و التطرف عبرها لتقليص الأثار السلبية لهذه الأفكار على امن الوطن.