الخميس 23 مايو 2024

هل إثيوبيا تتبع مبدأ حسن النية في ملء السد كما تزعم؟.. خبراء يجيبون

سد النهضة

تحقيقات20-5-2021 | 21:50

محمد عاشور

على ما يبدو أن إثيوبيا لا تنوي التراجع عن القرارات الأخيرة التي أصدرتها المتعلقة بشأن سد النهضة، في ظل سعي دولتي المصب مصر والسودان في التفاوض قبل الوصول إلى ملء السد التي أعلنت عنه إثيوبيا، خاصة أنه في حالة الملء تكون السوادن أولى الدول التي تتضرر من اكتمال الملء في ظل تعنت إثيوبيا ضد الدولتين، واستمراراها في التعنت، وهو ما أكد عليه الخبراء والمتخصصون في مصر، حول حالة اكتمال ملء السد في ظل تصريحات جديدة لوزير الخارجية سامح شكري تتعلق بموسم الأمطار هذا العام، مؤكدا أنه ستكون هناك أمطارا غزيرة ولن يؤثر ملء السد في ظل وجودها.
موسم الأمطار

قال السفير رخا أحمد حسن، عضو المجلس المصري للشئون الخارجية، إنه واضح من تصريحات وزير الخارجية سامح شكري بشأن موسم الأمطار هذا العام أنه سيكون مثل العام الماضي غزيرًا وبالتالي فالملء الثاني لسد النهضة لن يؤثر على حصة مصر والسودان.

وأضاف عضو المجلس المصري للشئون الخارجية في تصريحات خاصة لـ"دار الهلال" أنه على الرغم من هذا، لكن مفاوضات سد النهضة مستمرة، نتيجة وجود مساعي وضغوط أمريكية على كل الأطراف بالتركيز على المفاوضات للتوصل للاتفاق، لافتا إلى أن الملء الثاني حل موعده وإثيوبيا تستخدمه كمشروع قومي، وأنها لن تستطيع التراجع عن الملء الثاني.

مخاوف السودان

وأوضح أنه فيما يخص تصريح إثيوبيا بأنها جاهزة لتلبية مخاوف السودان بشأن الملء بتبادل المعلومات أنه من أجل التهدئة، موضحا أن السفير الأمريكي من اقتراحه أثناء اجتماع كنشاسا في أبريل الماضي، عن طريق تبادل المعلومات إلى أن يتم التوصل لاتفاق، ولا معلومة لدي أن تم هذا من عدمه، ولكن الواضح أن هناك هدوءا نسبيا منذ زيارة المبعوث الأمريكي للقرن الإفريقي، كما أن هناك محاولات مستمرة للتوصل لاتفاق.

وأكد حسن، أن دبلوماسية إثيوبيا قائمة على كون رغبتهم في توليد الكهرباء يستدعي تتدفق المياه وليس حجزها، وهذا هو التبرير الذي يقدمونه للعالم، وبطبيعة الحال يتفهم العالم وجهة نظرهم ولا ينظر لها مثل دولتي المصب، ويبقى التخوف المصري والسوداني حول طبيعة التصرف الإثيوبي حال إكمال الملء الثاني في سنوات الجفاف، هل ستقوم بالتخزين أم ستكتفي بالمياه المتواجدة في السد؟، خاصة ولو كان جفافا ممتدا، وكيف ستدير مياه السد طوال العام وكيف ستكون التدفقات؟، وفي حال حدوث خلاف بيننا فلابد من وجود هيئة تحكيم للفصل في الخلاف؟، كل هذه نقاط لابد من الاتفاق عليها قبل الشروع في الملء الثاني لسد النهضة.

 حسب ظروف الفيضانات

وأوضح أن مصر طالبت من قبل أن يكون ملء سد النهضة على مدار من خمسة إلى سبعة سنوات وقد تمتد إلى تسعة على حسب ظروف الفيضانات، لافتا أن هذه المسألة لم تكن بالحيوية نظرا لكونها مرتبطة بعنصر الزمن، كما أن الخطورة على مصر ناتجة من حدوث جفاف ولا سيما أن كان ممتدا، وأيضا كيفية إدارة المياه على مدار السنين القادمة، وإلى من سنلجأ في حال حدوث خلافات، مؤكدا أن هذه التساؤلات يجب أن تكون ضمن مبادئ الاتفاق، مشيرا إلى أنه وبناء على تصريحات أديس أبابا قد يكون هناك اتفاق في الأيام القادمة خاصة وأنها صرحت من قبل بأنه تم التوصل لاتفاق بإنهاء مفاوضات سد النهضة في الجولة القادمة، كما أن الولايات المتحدة الأمريكية قد تكون لجأت للاستعانة بالمفاوضات في عهد ترامب والتي تولاها وزير الخزانة الأمريكية، مؤكدا أن كل هذا اللبس سيظهر خلال الأيام القادمة.

وأكد أن كلمة "التفاوض بحسن النية" لا تفسر إلا بكونها من الكلمات "المطاطة" لأن بيان حسن النوايا ليس اتفاقا ملزما وليس كما أعلنت إثيوبيا بأن المتفق عليه مع مصر والسودان وفق إعلان المبادئ هو "التفاوض بحسن نية"، لافتا أن ما يقولونه في إثيوبيا بحق النيل الأزرق وأنه ملك لهم مخالفا تماما للقانون الدولي نظرا لأنه رافد من روافد نهر النيل والتي تصب فيه، كما أن ردهم على مصر حينما قالت أنها تريد تنظيم الوقت حال الجفاف كان أنه عند حدوث الجفاف نتحدث عن تفاوض، وهذا ما يظهر سوء نية إثيوبيا وليس حسنها، ولكن نأمل أن يكون تم التوصل إلى صيغة أو اتفاق يتم التوقيع عليها.

الموقف المصري واضح

قال الدكتور حسن سلامة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، إن الموقف المصري إزاء قضية سد النهضة واضح ومحدد وقائم على ثوابت واضحة، وهي عدم التصرف في الحقوق المائية لمصر، وأن قضية سد النهضة والإضرار بمصر يمثل قضية وجودية.

وأضاف أستاذ العلوم السياسية في تصريحاته لـ "دار الهلال" أنه من ضمن هذه الثوابت أن هناك أساسا قانونيا وهو التوصل إلى اتفاق ملزم لملء وتشغيل السد، مؤكدا أن الجهد الذي يبذله الرئيس السيسي لتوضيح الصورة المصرية من خلال اللقاءات مع القادة الأفارقة أو حتى المسئولين الدوليين يعكس ثبات الموقف المصري.

وأوضح أن تأكيد إثيوبيا لمسألة أن الملء الثاني سيتم في موعده هو استمرار لوجه النظر الإثيوبية والأحادية والتي تضرب عرض الحائط بكل  القواعد الملزمة للأنهار المتشاطئة بين الدول، وبذلك فهي تضرب بالقوانين الدولية نفسها عرض الحائط، مشيرا إلى أنها تطرح أفقا لسيناريوهات قد تحمل معاني عدم الاستقرار إذا استمرت في أخذ قرارت انفرادية، واستمرت في الملء دون التوصل لاتفاق مع دولتي المصب.

وأكد سلامة، أن ما صرحت به إثيوبيا بشأن جاهزيتها لتلبية مخاوف مصر والسودان تجاه الملء عن طريق تبادل المعلومات ما هو إلا استهلاك للوقت، بمعنى أنه لا يحمل أي معنى جدي، والمعنى الجدي هو أن نتجاوز النقطة التي وصلنا إليها من الاتفاق على المسائل الفنية إلى اتفاق قانوني سياسي ملزم للجميع، موضحا أنه في الوقت ذاته هو نوع جديد من المماطلة لم تخرج عن سياسة إثيوبيا التقليدية.

وأوضح أن تصريحاتها بشأن أنه تم التوصل لاتفاق من قبل لإنهاء مفاوضات السد في الجولة القادمة ما هو إلا كلام للاستهلاك المحلي، ولكنه بالفعل تم الإعلان عن جولة تفاوضية قريبا، ولكنها يجب أن تكون مرتكزة على أسس واضحة وهي البدء من نقطة اتفاق قانوني ملزم، أما فكرة تبادل المعلومات والخبراء فالقيادة المصرية لن تقبله نظرا لكونه نوع من المماطلة الجديدة.

واختتم أستاذ العلوم السياسية، أن التفاوض بحسن نية الذي تتحدث عنه إثيوبيا ما هو إلا لعب بالألفاظ، ولا يوجد ما يسمى بالتفاوض حسن النية، لافتا إلى أنه يجب أن تتوافر الأسس القانونية والسياسية الملزمة، مؤكدا أن التعامل السياسي لا يتم بناء على النوايا بل بقواعد ملزمة للجميع تضمن المصلحة الوطنية، وقضية الأمن المائي المصري هي قضية وجود قبل أن تكون قضية مصلحة، وبالتالي حسن النية وإن كان متوافرا فلابد أن يدعمه اتفاق قانوني ملزم.                    

ليس لديها إرادة حقيقية


وقال الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إنه من الواضح أن إثيوبيا ليس لديها إرادة حقيقية لحل أزمة سد النهضة، وأنها تسعى لفرض الأمر الواقع وهو الأمر الذي سيؤثر على دولتي المصب.


وأضاف أستاذ العلوم السياسية في تصريحاته لـ"دار الهلال"، أن التعنت الإثيوبي إزاء ملء السد منفردة سيؤثر على ما يقرب من 150 مليون مواطن مصري وسوداني، مؤكدا أن إثيوبيا تريد أن تفرض سياسة الأمر الواقع، وبإرادتها المنفردة تستكمل عملية بناء السد.


وأوضح أن المفاوضات استغرقت 10 سنوات، ولم يتبق سوى أقل من شهرين على موعد الملء الثاني، وبالتالي يبدو أن إثيوبيا حتى الآن ليس لديها رغبة أو إرادة للحل، وهو ما ينتج عنه ما حذر منه السيسي من قبل، وهو عدم استقرار في المنطقة ككل.

وأكد الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة أن ما توجهه إثيوبيا من رسائل حال تصريحها بأنها جاهزة لتلبية مخاوف مصر والسودان بشأن الملء عن طريق تبادل للمعلومات إنما تعمل على طمأنة دولتي المصب ليس أكثر، وهو ما تقوم به منذ بداية الأزمة، لافتا أن الواقع العملي شيء مختلف تماما.

ملء السد

وأشار أن ما يحدث على الأرض فعليا هو اكتمال بناء 80% من نسبة سد النهضة، وأن ما يحدث على الأرض بعد أقل من شهرين سيتم ملء السد، لافتا أن الملء الأول كان 5.5 مليار متر مكعب من المياه، أما الملء الثاني سيكون 17.5 مليار متر مكعب، مؤكدا أن العملية تشير إلى أن إثيوبيا تسير في طريق أحادي تهدف فيه لفرض الأمر الواقع ولا تهتم بالأضرار التي ستلحق بدولتي المصب مصر والسودان.

وأوضح أنه على مدار الـ10 سنوات الماضية كان التفاوض على مثل هذا النهج، لافتا أنها استطاعت بانتهاج أسلوب التعنت الاقتراب من اكتمال بناء السد، والذي سيؤثر بدوره على مصر والسودان بل المنطقة والعالم ككل، مؤكدا أن مصر لم تدخر وسيلة للتفاوض طيلة العشر سنوات الماضية وهو ما يؤكد سعيها للحل بكل حسن نية مع تحليها بدرجة كبيرة من البصر على الجانب الإثيوبي إلى أن وصلنا لما نحن بصدده.


وأكد أن ما يصدر عن الجانب الإثيوبي حال قضية سد النهضة عبارة عن مراوغات وتحدث منذ فترة طويلة، وبطبيعة الحال يبدو أنه لا يوجد حل ملموس على أرض الواقع من الجانب الإثيوبي، مؤكدا أن لإنجاح هذه المفاوضات التي طالت لابد وأن يكون هناك إرادة من كل الأطراف وهو الأمر الذي ترفضه إثيوبيا عن طريق تماطلها وتعنتها.

 

واختتم بدر الدين، بأن إثيوبيا ليس لديها إرادة سياسية للوصول لحل صريح ولكنها تسعى وتهدف لتحقيق مكاسب، وهو واضح في تصريحاتها السابقة بأنها قد تلجأ لبيع المياه فيما بعد، مؤكدا أن الأمر ليس لتوليد الطاقة الكهربائية وحسب ولكنها تريد التحكم التام في نهر النيل، وأن هذا هو مخطط إثيوبيا وهو ما يشكل كل المشاكل.