الثلاثاء 28 مايو 2024

الاستثمار الحقيقي في تربية الأجيال وتنشئتهم على العلم

مقالات21-5-2021 | 14:09

إن الإمام الشافعي منذ صغره وهو تقريبا في العاشرة من عمره كان تلميذًا في مجلس الإمام مالك، وكان الإمام مالك يُعلّم تلاميذه كل يوم أربعين حديثًا من أحاديث سول الله صلى الله عليه وسلم، وكان إذا أراد أن يقرأ الحديث، يقول: عن فلان عن فلان عن صاحب هذا المقام ويشير إلى مقام رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) ثم يقرأ الحديث، وبينما كان يقرأ الحديث وهو يشير إلى مقام رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، رأى الإمامُ مالك الشافعيَّ وهو يعبث بتمرة في يده بعد أن بلّلها بفمه، فانتبه لذلك، وبعد أن انتهى الإمام مالك من درسه، نادى على الشافعي ، وقال له: يا شافعي، لِمَ كنت تعبث بالتمرة بعد أن بللتها بفمك وأنا أقرأ حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم)؟ قال الشافعي: يا إمام، إني فقير ولم يكن معي ثمن شراء القرطاس والقلم، فكنتَ إذا قرأتَ حديثًا، بللتُ التمرة بفمي حتى أتذكره، وكأن الإمام الشافعي يحفظ حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بِبَلّهِ التمرة، يقرأ الإمام مالك الحديث، ويِبلّ الشافعي التمرة إشارة إلى حفظه الحديث؛ نظرًا لفقره.

فقال الإمام مالك: يا شافعي، إن كنتَ صادقًا فقيرًا، فاقرأ ولو حديثًا واحدًا لرسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فجلس الإمام الشافعي جِلسة افمام مالك، وأخذ يقرا عن فلان عن فلان عن صاحب هذا المقام وقرأ الأربعين حديثًا كاملاً.


والشاهد هنا من هذه القصة هو البذل والجهد والإصرار من الشافعي – مع فقره – للتعلم والدراسة، فأين أجيالنا الآن مع وفرة الأدوات والآليات والتكنولوجيا الحديثة، والتي من شأنها أن تُمكّنهم من الدراسة والتعلّم.

لا بد من تربية الأجيال على استثمار هذه الأدوات والآليات في التعبئة الثقافية لهم؛ ليكونوا بمثابة النور الذي يضيء لأمتهم الطريق، ويضعها في موضعها اللائق بها، لا سيما في هذا العصر الذي لا يعرف توقفًا.