يمثل مبدأ المساواة وعدم التمييز، وتكافؤ الفرص حجر الأساس في العدالة، يعد بحق الفريضة الغائبة في بعض القرارات بأروقة العدالة وخاصة المنوط بهم التنفيذ.
تتعدد أنماطه وذرائعه، فعند النظر في عدالة هذه القرارات سواء كانت إدارية أو مالية أو تنظيمية، في عدد من قطاعات وهيئات واروقة وزارة العدل، تظهر لنا مفارقات كبيرة، وتبدأ أشكال التمييز النمطية.
من ذلك إعلان هيئة النيابة الإدارية عن مسابقة لوظيفة باحثين إداريين وقانونين وسكرتارية منذ سنوات، تم اختيار 500 شاب وفتاة بعد اجتياز الاختبارات للمتقدمين، وتم إبلاغ جميع المقبولين وإجراء الكشف الطبي، وتوقفت وحصلوا على أحكام قضائية بتمكينهم منذ فترة طويلة، وكان المبرر آنذاك في عدم تسليمهم لا يوجد دعم مالي حسب تصريحات المكتب الفني لرئيس الهيئة آنذاك، ووصل الدعم المالي لـ500 شاب وفتاة المقبولين، وتم إبلاغهم بتسليم العمل قبل رمضان المنصرم، ثم جدد الوعد بعد عيد الفطر المبارك، ومؤخرا تم إبلاغهم في يوليو المقبل وهذا طبقا لتعليمات وتوجيهات المستشار عصام المنشاوى رئيس هيئة النيابة الإدارية حسب ما أكدته المصادر القضائية، والمقبولين أيضا من الشباب، مع العلم أن رئيس الهيئة المستشار عصام المنشاوى يبلغ سن المعاش أول اغسطس المقبل وتبدا إجراءات اختيار رئيس الهيئة الجديد قبل بلوغ سن المعاش حسب ما نص عليه القانون بشأن اختيار رئيس الجمهورية رؤساء الجهات والهيئات القضائية من أقدم سبعة يرشحهم المجلس الأعلى والخاص للجهات والهيئات القضائية.
وكذلك المحاكم الإبتدائية، وفطاع الشهر العقاري والتوثيق أعلنوا أيضا على مسابقات في عام 2015 واستوفي الشروط ما يقرب من 3000 تقريبا أو أقل منهم 1250 للشهر العقاري والباقي للمحاكم من إجمالي عدد المتقدمين مليون شاب وفتاة اجتازوا الاختبارات التي آجريت في القاهرة للشهر العقاري والتوثيق، وعواصم المحافظات للمحاكم، ثم تم إجراء تحريات الأمن الوطني والأمن العام لهم في عهد المستشار محفوظ صابر وزير العدل الأسبق، وانتهت في عهد المستشار أحمد الزند وتسلمها وزير العدل السابق حسام عبدالرحيم ووضعها في إدراج المكتب، وتم تقديم طلبات إحاطة وأسئلة لوزير العدل السابق الذي مكث ٥ سنوات، وكذلك المستشار عمر مروان وزير العدل الحالي، وبالرغم من احتياج جميع قطاعات الوزارة لعاملين ووجود درجات شاغرة، وتعاني أروقة العدالة من أزمة كبيرة في نقص الموظفين مما اضطر لإعلان عن مسابقة نقل من الجهاز الإداري في الوزارات الأخرى التي تعاني أيضا ولم تسد العجز ولم يستجيب أحد لاحتياجهم في أماكنهم بالجهات الحكومية الأخرى، وحتى الآن ومازالت لم تنفذ طلبات مجلس النواب في الفصل التشريعي السابق ولا الحالي ولم تنفذ حتى أحكام القضاء وأصبح مكتب مساعد أول وزير العدل دار حفظ لهذه الأحكام، والإدارات القانونية لم تتفرع إلا بالتسويات الخاصة بأحكام الوزارة الأخرى.
لمس الجميع وشاهد وتابع رد فعل وزير العدل ورئيس هيئة النيابة الإدارية ورئيس مجلس الدولة في أقل من 48 ساعة حل أزمة تمكين المرأة علي منصة القضاء التي لم تحل منذ عشرات السنين وبات هذا الأمر مجالا أن تتمكن المرأة بالتعيين بمجلس الدولة، والتي سوف تجلس على منصة القضاء في بداية السنة القضائية الجديدة ، وسوف تشهد منصات القضاء سيدات بعد إنتهاء المقابلات التي تبدأ الأسبوع القادم للمستوفين الشروط من المتقدمات من عضوات هيئة قضايا الدولة وهيئة النيابة الإدارية، والذي وصل عددهن ما يقرب من 250 سيتم اختيار من يجتاز المقابلة والإجراءات المتبعة في مجلس الدولة.
ويتذكر المتابعون والمتخصصون بالشأن القضائي وأروقة العدالة جيدًا عندما استدعي وزير العدل المستشار عمر مروان قانون السلطة القضائية بعد توليه الوزارة برئاسته للجهات والهيئات القضائية لأول مرة منذ أكثر من عشرين عاما ويزيد لي لم يفعلها أكثر من 9 وزراء سابقين له، وأنهي تعيين ما يقرب من 2000 عضو بالجهات والهيئات القضائية في جلسة واحدة العام الماضي عندما عرض عليهم تمكين المرأة وما زال حتي اليوم دفعات متراكمة وبلغ سن المرشحين منهم لـ30 سنة وأكثر بعد أن كان هناك توازن وتقارب بين الدفعات بجميع الهيئات والجهات القضائية سابقا.
ومن ثم فأن قراءة أي متابع للملف القضائي ووزارة العدل تجعلك تري أن هناك قرارات وتعليمات تنفذ دون أي مبرر ولا عائق في غمضة عين، وأخري لا تنفذ ويتم تجاهلها مثل التعيينات في الوظائف بقطاعات وزارة العدل والهيئات القضائية المختلفة، والازدواجية في التعيين مثلا وحظر الندب الذي نص عليه الدستور والحد من عملية ندب إعداد من الهيئات القضائية المسموح لها الندب والتفرغ لقضايا ومصالح المواطنين لاحتياج الهيئات القضائية لما هم مكلفون به، وتاخير الترقيات
واخيرا وليس آخرا حتى تستقيم الأوضاع لابد من وضع ثوابت في الامور المالية لكل جهة أو قطاع يتبع أروقة العدالة المختلفة حتى يتحقق الاستقرار النفسي بين المجموع ولا يتمايزون جماعة عن غيرهم مما يؤدى لخلل ولا نريد أن نقول أن ما وصل إليه البعض الآن إحساسهم بوجوده، ولا نتمني أن تتسع لفجوة ليملأها الحقد والضغينة والحسد، والإحساس بالظلم البين مما يفقد الثقة للجميع.
واختم مقالي بمفاهيم الفاروق عمر بن الخطاب في كتابه لأبي موسي الأشعري الذي ولاه قضاء الكوفة إنَّ صحَّة الفهم والفقه في القضية من أهمِّ ما يُساعد على القضاء العادل، ولا يكفي أن ينطق القاضي بالحكم العادل، بل عليه أن يُنفِّذه، وذلك بإعلان الحكم والإلزام به، ثُمَّ أخذ الحقِّ لصاحبه إذا رفض المدَّعى عليه تسليمه، والمساواة بين الجميع على حد سواء، فإذا اختلَّ أحدها تسرَّب الطمع إلى القوى بحيف القاضي، واليأس إلى الضعيف من العدل.