أودعت المحكمة الإدارية العليا، "الدائرة الأولي " بمجلس الدولة، الجزء الثالث من حيثيات الحكم الصادر والذي شغل طائفة من المجتمع بشأن أطفالهم وتنظيم رؤية المحضون، وتضمن الحكم قبول طعن هيئة قضايا الدولة، على حكم إلغاء قرار وزير العدل المتضمن تنظيم مدة الرؤية للطفل، والتى قضت فيه المحكمة بإلغاء حكم أول درجة المطعون فيه، والقضاء مجددًا بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد المقرر قانونًا.
وتضمن الجزء الثالث من حيثيات الحكم المشار إليه، أنه لا محل قانونًا لما أورده الحكم المطعون فيه في أسبابه ومنطوقه من أنه كان يتعين أن يتضمن نص المادة (٤) من القرار المطعون فيه بعد أن عدد أماكن رؤية الصغير الأربعة عبارة " ما لم يُحدد القاضي مكانًا آخر للرؤية "، إذ إن هذه العبارة المطلوب إضافتها تنطوي على تفويض من مُصدر القرار وهو وزير العدل للقاضي في تحديد أماكن أخرى، وهو ما لا يجوز قانونًا لكون وزير العدل مفوضًا من المشرع في تحديد أماكن الرؤية المنصوص عليه في المادة (٤) من القرار الطعين، ولا يجوز للمفوض أن يفوض غيره في الاختصاص المُقرر له قانونًا بموجب نص تشريعي فوضه في هذا الاختصاص ولم يفوضه في تفويض غيره فيه.
وأضافت الحيثيات: "القاعدة أنه لا يجوز التفويض في التفويض بغير نص. وحيث إنه بشأن النعي ببطلان المادة (٥) من القرار المطعون فيه على سند من تنظيمها مدة رؤية الصغير المحضون دون تفويض من السلطة التشريعية لمُصدر القرار (وزير العدل) في هذا الشأن، مما يُشكل اعتداءً وافتئاتًا على السلطة التشريعية، فإن ذلك مردود عليه بأن تنظيم وزير العدل لمدة الرؤية على نحو ما تضمنته المادة (٥) من القرار المطعون فيه قد جاء استنادًا إلى التفويض التشريعي المنصوص عليه في المادة (٦٩) من القانون رقم ١ لسنة ٢٠٠٠ بتنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية، والذي فوض وزير العدل في إصدار قرار بتنظيم تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة برؤية الصغير المحضون، وتسليمه ــ وذلك في حالة عدم اتفاق الحاضن وصاحب الحق في الرؤية على تنظيم ممارسة حق الرؤية مكانًا وزمانًا ـــ وهذا التنظيم المفوض فيه وزير العدل يتسع ليشمل ــ على نحو ما تضمنته المادة (٥) من القرار المطعون فيه ــ وضع ضوابط لمدة الرؤية تكفل الحد الأدنى لمدة رؤية الصغير المحضون أسبوعيًا، والأوقات التي يتعين أن يكون تنفيذ حكم الرؤية خلالها، بحيث تتفق هذه الأوقات وطبيعة الأماكن المعينة في الحكم القضائي من حيث مواعيد العمل بها".
وكذلك مُراعاة تحقيق هذه الضوابط لمدة الرؤية للمصلحة الفضلى للصغير وهي الغاية الأسمى من إقرار وتنظيم حق الرؤية، من حيث مناسبة مواعيد الرؤية وعدم تعارضها مع أوقات نوم الصغير المحضون وطعامه وترفيهه، ودراسته، وقد جاءت هذه الضوابط المنصوص عليها في المادة (٥) من القرار المطعون فيه لتنظم أوقات تنفيذ أحكام الرؤية على نحو يتفق ويتسق مع حدود حق رؤية الصغير المحضون والتي تقف بهذا الحق عند رؤية صاحب الحق في الرؤية للصغير المحضون في المكان المحدد للرؤية في حضور الحاضن وتحت بصره وسيطرته، ودون أن يمتد هذا الحق إلى اصطحاب من له الحق في الرؤية للصغير المحضون بعيدًا عن الحاضن ودون موافقته ــ ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك ــ وعلى ذلك فالمدة المناسبة لرؤية صاحب الحق في الرؤية للصغير المحضون يتعين أن تكون متناسبة ومتماشية مع مفهوم الحق القانوني والشرعي الصحيح لحق رؤية الصغير المحضون، ولا تتجاوزه بحيث تُخرج هذا الحق من إطاره المُحدد له لتدخله في إطار حق آخر مستقل عنه في طبيعته ومفهومه وهو حق استضافة الصغير المحضون من جانب من له الحق في ذلك ــ على نحو ما يُطالب به المطعون ضدهم في دعواهم محل الحكم الطعين ــ والذي خلا قانون الأحوال الشخصية الحالي من نصوص تُنظم هذا الحق (حق استضافة الصغير المحضون) أو تفوض السلطة التنفيذية في تنظيمه.
وكانت قضت المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة في ١٣ مارس الماضي، بقبول الطعن المقام من هيئة قضايا الدولة، على حكم إلغاء قرار وزير العدل المتضمن تنظيم مدة الرؤية للطفل واستبداله بالاستضافة، وقضت المحكمة بإلغاء حكم أول درجة المطعون فيه، والقضاء مجددًا بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد المقرر قانونًا. وكانت محكمة القضاء الإدارى، قضت بقبول المتدخلين بجانب المدعي في دعوى رؤية الطفل وفي الموضوع بإلغاء قرار وزير العدل 1087 لسنة 2000، المطعون فيه بشأن تنظيم مدة رؤية المحضون "الطفل"، فيما تضمنه من إغفال سلطة القاضي في تحديد مكان لتلك الرؤية معايير الأماكن الأربعة المنصوص عليها في المادة الرابعة من القانون، وقضت بعدم قبول الطلب الثاني لانتفاء القرار الإداري وإلزام الجهة الإدارية المدعين المصروفات. وطالبت الدعوى التي حملت رقم 45378 لسنة 71 ق، بإلغاء قرار وزير العدل الأسبق والذي قصر حق الرؤية للطرف غير الحاضن على مجرد الرؤية في مراكز الشباب لمدة لا تتجاوز الثلاث ساعات وبدون عقاب رادع في حال امتناع الطرف الحاضن عن التنفيذ، بما في ذلك من إجحاف وقطع صلة أرحام بأسر الآباء بعد الانفصال.