حوار: رشا صموئيل
الفنانة القديرة فادية عبد الغنى، حفرت لاسمها تاريخًا مشرفًا فى عالم النجومية، أثبتت موهبتها التمثيلية بتنقلها بين شتى الأدوار «الفلاحة» و«الصعيدية» و«الأرستقراطية». أطلت بها من خلال شاشتى السينما والتليفزيون وأدوارها مازالت راسخة فى وجداننا.. التقينا الفنانة الجميلة فادية عبد الغنى فى حوار هام، تحدثنا فيه عن مشوارها ومحطاتها الفنية وأهم قضايا الدراما التليفزيونية، ولماذا هى بعيدة عن السينما، أيضاً تحدثت عن أحدث أدوارها بمسلسل الحلال الذى سيعرض في رمضان المقبل، كما تحدثت فى حب مصر.
تخوضين السباق الرمضانى المقبل بمسلسل الحلال.. ماذا عن دورك فيه؟
هذا المسلسل يحمل روحاً جميلة بين فريق العمل المكون من باقة من ألمع النجوم، منهم سمية الخشاب وبيومى فؤاد ومها أحمد ويسرا اللوزى، وعلى الرغم من أن اسم المسلسل يوحى بالجدية، إلا أن المؤلفة المتميزة سماح الحريرى تقدمه فى قالب كوميدى خفيف لتخرج عن أجواء العنف التى تعرضها معظم المسلسلات، فالجمهور فى أشد الاحتياج إلى تلك النوعية وفى هذا الوقت بالتحديد، وبالنسبة لدورى فأنا أقدم شخصية «نرجس» زوجة بيومى فؤاد، وهى شخصية كوميدية تلعب دوراً محورياً ضمن أحداث المسلسل وأنا سعيدة بهذا الدور لأنه جديد على تماما ومما يزيد من سعادتى أن الذى يحرك لوكيشن العمل هو المخرج الجميل أحمد شفيق والذي أسعدنى الحظ بالتعامل معه فى أكثر من عمل منها مسلسل خطوط حمراء. والحقيقة هو مخرج متميز يملك أدوات احترافية يجيد استخدامها ليظهر الممثلين فى أجمل صورهم.
تلاحظ أن تواجدك برمضان لم يعد بالصورة المنتظمة؟
أنا شخصياً أعشق الظهور من خلال الشاشة الرمضانية، ولكنى أحرص على ألا أتواجد لمجرد التواجد احتراماً لجمهورى الذى ارتبط بى من خلال أعمال لائقة ذات هدف ومعنى، كما أفضل أن أكون ضيفة خفيفة على جمهورى الذى أحبنى لأن تواجد الفنان بصفة مستمرة يخلق نوعاً من الملل لدى المشاهد.
بعض النقاد يري أن شخصية «أم سوكة» فى مسلسل «دلع البنات» بأنها لا تليق بتاريخ ومكانة فادية عبد الغنى.. ما تعليقك؟
آراء النقاد تحترم، ولكنى أرى ببساطة أن الفنان حر التنقل بين مختلف الأدوار، فقد تعلمت أن الفن حرية، وبالنسبة لدور أم سوكة فهى شخصية لطيفة وخفيفة الظل قابلت كثيراً من الإطراء لدى الجمهور، وقناعتى الشخصية أن أى عمل فنى يحقق هدفاً حتى لو كان الضحك للضحك، فهو ناجح، دون الاخلال بالأدب العام، ولذلك فالذى يقول دور أم سوكة غير مناسب لمكانتي فإنه يتهم العمل ككل.
وما أولوياتك عند قبول أى دور؟
لابد أن أشعر بتميز الكتابة، فهى بمثابة المؤشر الذى استشعر من خلاله مدى قوة العمل، كما أهتم بالعمل مع مخرج جيد، أثق فيه وأؤمن بأنه سيظهرنى بصورة جيدة، وبالنسبة لدورى أفضل ألا يكون مكرراً وفى حالة التكرار أبحث عن نقطة اختلاف لأعمل عليها وأظهرها كما لو كنت أقوم بهذا الدور للمرة الأولى، وهذا من منطلق خبرتى وبمساعدة المخرج.
كيف تستعدين لتحضير روح الشخصية وتحويلها من الورق إلى الشاشة؟
فى البداية أحرص على قراءة السيناريو جيداً أكثر من مرة وأركز على الشخصية التى أقوم بها وعلاقتها بالشخصيات الأخرى، ثم بعد قراءة الدور واقتناعى به اختلى بنفسى بعض الوقت لأفكر بعمق، واضعة إطاراً للدور لكى يكون بارزاً ومختلفاً من حيث طريقة الأداء، يبدأ بحركة الجسم، ثم استكمل إطار الشخصية بتصميمات الملابس الخاصة بمساعدة مصمم الأزياء القائم على العمل.
شهدت فترة التسعينيات نجوميتك الحقيقية مع كبار كتاب الدراما التليفزيونية.. كيف شكلت تلك الفترة شخصيتك الفنية؟
لكل ممثل فترة توهج وتألق، وبالنسبة لى جعلتنى فترة التسعينيات أكثر نضجاً، وأضفت على بريقاً من النجومية، فقد حققت نجاحات متتالية مع ألمع كتاب الدراما، ومن بينهم فارس الدراما الرمضانية، الكاتب الكبير محمد جلال عبد القوى، الذى جسدت من خلال كتاباته أدواراً هامة صنعت نجوميتى و حصدت نجاحات ساحقة على المستوى الجماهيرى مثل «المال والبنون» و«سوق العصر» و«نصف ربيع الأخر» بالإضافة إلى أن نجاح الفنان يقترن بورق ومخرج جيدين، إضافة إلى ممثل يمتلك أدوات فنية جيدة تؤهله ليكون متميزاً، فلو توافرت تلك العوامل الهامة مع فنان لا يملك تلك الأدوات، مهما مُـنح من فرص فلن يجيد استخدامها.
ما الأدوات الفنية التى صنعت نجومية فادية عبد الغنى؟
الأدوات الفنية ليست حكراً على أحد، ويملكها كل فنان ولكن بنسب مختلفة، فهناك من يجيد استخدامها وهناك من لا يجيد، ومن أهم أدوات الممثل الناجح الوعى والإحساس بالشخصية التى يؤديها سواء تاريخية أو اجتماعية، وعليه أن يعرف كيفية الإمساك بخيوط الشخصية بكل تطوراتها، واستخدام الحواس أمام الكاميرا من النظرة لحركة الجسم، وأيضاً الصوت من العوامل الهامة جداً، وبالطبع امتلاكى لتلك الأدوات صنع نجوميتى.
كيف ترين الدراما الآن.. وهل لديها القدرة على تجسيد الواقع؟
من المؤسف والمخزى أن أرى الدراما فى بعض الأفلام تنقل الواقع المؤلم الذى نعيشه كما هو دون تجميل، أى أن ما يحدث فى المجتمع من تغيرات سلبية انعكس على الدراما، مثلاً أصبحت أشاهد الحارة المصرية فى أبشع صورها مليئة بالأسلحة بعد ما كانت السينما تظهرها فى أجمل صورها من الروح الحلوة الطيبة التى كانت تسودها، مما يعكس العلاقات المصرية فى أبهى صورها وقد يقع على عاتق الدراما مسئولية كبيرة وهي أن تغير من سلوك المجتمع، فلا تأخذ من سلوك المجتمع وتعرضه كما هو عليه.
هل افتقار الدراما للأعمال التاريخية والدينية أثر بالسلب على قيم وسلوك الشارع المصرى؟
فى رأيى الشخصى لا ينبغى أن ننتظر إحياء الأعمال الدينية والتاريخية لنبث بهما القيم والأخلاقيات لأن العمل الدينى ليس بالضرورة أحاديث دينية، ولكنه أعمق من ذلك بكثير، فهو نصائح وإرشادات وتنوير للفكر وحرية فى إطار العادات والتقاليد، ولذلك أعتبر أن كل عمل درامى يحتوى على تلك الأهداف ويحمل تلك الرسائل هو فى حد ذاته عمل دينى، وعلى سبيل المثال مسلسل «العصيان» به قدر كبير من القيم والأخلاقيات ولم يكن فى إطار دينى، بل اجتماعى، وكثير من الأعمال الأخرى التى شكلت وجدان الناس وخلقت بداخلهم الوازع الدينى وأيضاً الحس الوطنى .
هل الأمومة كانت سبباً فى اختفائك سينمائياً مثل فنانات جيلك.. وإلى أى مدى كانت نقطة فارقة فى حياتك الفنية؟
الأمومة لها الأولوية فى حياتى ولكن فى المطلق لا تستهوينى مسألة البطولة المطلقه. «أنا نجمة بالثلث ولا أحتاج أفيش سينما لكى أكون نجمة» فما يهمنى هو حب الناس وتقديرهم لفنى، وهذا فى حد ذاته منبع نجوميتى، فابتعادي عن السينما لم يكن عن قصد، ولكن ما يعرض على من أعمال غير مناسبة، وعندما يعرض على عمل جيد فلن أتردد أبداً.
ما أكثر أدوارك قرباً لقلبك ولشخصيتك الحقيقية؟
أعتز بجميع الشخصيات التى قدمتها سواء فى السينما أو التليفزيون، على سبيل المثال دورى فى «الوتد» وبالمناسبة كل الشخصيات بها شيء منى.. أنا خليط من «جنون أمال» على «عقل سعاد الأنصارى» على «خفة دم أم سوكة» لأن الإنسان دائماً خليط من الشخصيات.
من الفنان الذى توجد بينك وبينه كيميا تمثيلية؟
الفنان الجميل هادى الجيار، من أحب الشخصيات إلى نفسى وأحب العمل معه، هو بالفعل شخصية جميلة مريحة وممثل ذكى ويمتلك أدوات مختلفة، نحن على قدر كبير من التفاهم والاندماج وتنقلت أمامه فى عدة أدوار.
لكِ باع طويل مع الجوائز.. ماذا تمثل لك؟
حصلت على جوائز لا تعد ولا تحصى مثلاً فى «المال والبنون» و«نصف ربيع الآخر» و«حروف النصب» وغيرها من الجوائز التى أعتز بها كثيراً ومنحتى قدراً كبيراً من السعادة الكبيرة لأنها مؤشر بأنى أسير على الدرب الصحيح.
هل ترين مقولة الفن مرآة الشارع السياسى حقيقية فى ظل الظروف الحالية؟
ليس مطلوباً من الفن أن يعكس هذا الشارع الآن؛ لأننا عندما نتحدث فى السياسة تنقلب الدنيا. للأسف الحديث فى السياسة أحدث تقسيماً بالشارع، ونشر مشاعر الكراهية فيما بيننا، ولذلك علينا أن نؤجل السياسة إلى مرحلة لاحقة حتى يلتقط الشعب أنفاسه من كثرة الأحداث المتعاقبة، أما ما نحتاجه فعلياً من الفن فهو أن يكون مرآة للأخلاقيات وعودة بنا لترسيخ المبادئ والحب في نفوسنا.
كيف ترين المشهد السياسى الآن؟
أرى مصر فى أحسن حالاتها، ربنا كرمنا برئيس يستحق عن جدارة رئاسة مصر، فهو فخر للمصريين يكفى أنه كان وما زال قارب النجاة، رئيس نفخر به أمام العالم أنا لا أنكر أن هناك غلاءً، ولكن حق البلد علينا أن نحتمل قليلاً حتى نعبر هذه المحن وأنا شخصياً متفائلة فقد نشأت في مدينة الإسماعيلية وعاصرت معاناة مدن القناة في الحروب وهو ما شكل بوجداننا مشاعر لا توصف، وما ساعد على ترسيخ تلك المشاعر عوامل عديدة منها الأغانى الوطنية لعبد الحليم وأم كلثوم التى كنا نرددها فى البيوت والميادين، أعشق تراب بلدى لأبعد الحدود، لدرجة أننى أفتقد للأمان عندما أسافر خارج مصر، ورغم شقائها ومتاعبها إلا أننى أشعر بالدفء فى شوارعها والجدعنة بين أهلها.