السبت 8 يونيو 2024

حساب لكل مواطن فى البنك بدون مصاريف إدارية هل تنجح مبادرة البنك المركزى؟

10-5-2017 | 13:12

بقلم –  عزت بدوى

معظم المصريين وخاصة البسطاء منهم لديهم قناعة تامة أن «البلاطة « هى الملاذ الآمن لمدخراتهم وتحويشة عمرهم وأن التعامل مع البنوك مقصور على أصحابه فقط، بل لديهم استعداد لتسليم تحويشة العمر إلى المحتالين والنصابين من أصحاب شركات توظيف الأموال وغيرهم ممن يطلق عليهم المستريحون، بحثاً عن الكسب والربح السريع من أن يقوم بإيداعها لدى البنوك خشية «الحسد» تارة وخشية أن تفتح عليهم أبواب جهنم من القيل والقال، والسؤال عن مصدر هذه الأموال، ومن أين اكتسبوها، وفيما ينفقونها تارة أخرى، ولقلة العائد عليها من البنوك تارة ثالثة، وخشية خضوعها للضرائب ومصادرتها إذا ما وقعوا فى أى خلاف مع أى جهاز حكومى تارات وتارات،

 

بل يلجأ المصريون من البسطاء وأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة للبنوك فى الحصول على تمويل مشروعاتهم، خشية أن تلتهم فوائد البنوك أرباحهم القليلة وتستولى على مشروعهم ذاته، ناهيك عن الضمانات والمستندات الرسمية والأوراق والشهادات التى تطلبها منهم للموافقة على منحهم الائتمان، مما يدفعهم إلى رفع شعار «البعد عن البنوك» غنيمة إذا أقرضتك التهمت أرباحك بالكامل وإذا أودعت أموالك لديها تعطيك الفتات عليها!

وفى المقابل فإن البنوك ترى فى أصحاب المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر والمتوسطة تشكل عليها عبئاً ضخماً يحتاج إلى جيش جرار من الموظفين لمتابعتهم لضمان حقوق أموال البنوك التى هى فى الأصل أموال المودعين بالبنوك لديهم، وأن العائد من إقراض هذه المشروعات لا يتناسب مع ما ينفق على متابعتها ومراقبتها عن كثب، والأخطر من كل ذلك هو غياب الثقافة المالية والمصرفية فى التعامل مع البنوك لدى الغالبية العظمى من بسطاء المصريين حتى المتعلمين والمثقفين منهم وغياب هذه الثقافة والتى يقع العبء الأكبر منها على البنوك ذاتها لتقصيرها فيها، وعدم توعية المواطنين بها تجعل من السهل تحويل المتعاملين إلى ضحايا بحسن نية وتضعهم على القوائم السوداء للبنوك لمدد قد تصل إلى ٥ سنوات من أجل جنيه واحد تأخر فى سداده عن موعده لمدة ثلاثة أشهر فى بطاقته الائتمانية، بل قد يفاجأ المواطن بوضع اسمه على القوائم السوداء المحظور عليها التعامل مع البنوك بدون أن يستخدم بطاقته الائتمانية ذاتها وبدون أن يحصل على أى جنيه واحد من البنوك لمجرد أن موعد تجديد بطاقة الائتمان قد «حل» دون أن يسدد مصاريف تجديدها فى الموعد المحدد، معتقداً أنه طالما يستخدمها أو يسحب بها أموالاً من البنوك فلا شيء عليه، وكم من المصريين على القوائم السوداء بالبنوك لعدم علمهم بالإجراءات الصحيحة التى يجب عليهم مراعاتها فى تعاملاتهم مع البنوك!

مبادرة البنك المركزى الأخيرة التى أطلقها فى الأسبوع الماضى، التى حملت شعار الشمول المالى لتحقيق التنمية الاقتصادية فى المجتمع، والتى تشارك فيها الغالبية العظمى من البنوك العاملة فى مصر جاءت بعد تهيئة المناخ لكسر هذا الحاجز من عدم الثقة بين المواطنين والبنوك، والذى هو فى حقيقته فى غير صالح الطرفين بل فى غير صالح الاقتصاد المصرى بالكامل، فلا يعقل فى دولة يبلغ سكانها أكثر من ٩٣ مليون نسمة، وناخبوها يتجاوزون رقم الـ٥٣ مليون ناخب نجد أن من يتعاملون مع البنوك لا يتجاوز عددهم ١٠ ملايين عميل وبما لا يتجاوز ١٥٪ من السكان وهو رقم هزيل جداً، بل لا يعقل والعالم أجمع يودع التعامل النقدى الكاش فى معاملاته اليومية وينخرط فى المدفوعات الإلكترونية والتعامل غير النقدى سواء فى التحويلات أو المدفوعات، بينما المصريون تتم معظم تعاملاتهم نقداً أو بالكاش رغم ما يمثله ذلك من تكلفة مالية باهظة من جهة بخلاف المخاطر التى تحيط بهذه التعاملات.

مبادرة البنك المركزى والتى حشدت لها البنوك كافة إمكانياتها البشرية والتكنولوجية تأتى بعد خلق مناخ مناسب لها سواء من توفير ماكينات الصرف الآلى فى الشوارع والمصالح الحكومية والأندية وغيرها بعد تحويل مرتبات ٦.٥مليون موظف حكومى لصرفها من خلال هذه الماكينات بل من صرفها نقداً ليمكنهم التعامل عليها بالدفع والتحويل والشراء وغيرها إلكترونياً بدلاً من الكاش كما جاءت بعد أن كشفت عمليات الاكتتاب فى صكوك قناة السويس الجديدة نحو ٣٠ ألف عميل دخلوا البنوك لأول مرة لشراء شهادات استثمار قناة السويس الجديدة بمدخرات كانوا يحتفظون بها فى منازلهم بإجمالى ٢٧ مليار جنيه.

المبادرة الجديدة والتى امتدت إلى النجوع والقرى فى الأرياف عبر شاحنات تتنقل للبنوك لتقديم خدماتها للبسطاء فى هذه الأماكن البعيدة سواء من قروض لمشروعات صغيرة أو متناهية الصغر أو قروض صغيرة لمشروعات حرفية أو شهادات ادخار بعائد يتراوح ما بين ١٦.٥ و ٢٠٪ تستهدف فئات المهمشين من الجهاز المصرفى كالمرأة أو الشباب وأصحاب المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر والمتوسطة لخلق فرص عمل للشباب ومحاصرة البطالة فى المجتمع وتحسين مستوى معيشة المواطنين وحشد المدخرات لتمويل المشروعات وزيادة الإنتاج لخفض الأسعار بجانب تحويل المجتمع المصرى من التعامل الكاش إلى المجتمع غير النقدى ودخول الاقتصاد غير الرسمي، والذى يمثل نحو ٧٠٪ من الاقتصاد المصرى إلى القنوات الرسمية، خاصة أنه تم رصد ٢٠٠ مليار جنيه لدى الجهاز المصرفى بمبادرة من الرئيس عبدالفتاح السيسى لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة بفائدة مدعمة لا تتجاوز ٥٪ سنوياً.

 

 

    الاكثر قراءة