السبت 1 يونيو 2024

السفير رخا حسن: زيارة بلينكن هدفها تهدئة الوضع بفلسطين وليس حل القضية.. وصواريخ المقاومة أزعجت أمريكا (حوار)

السفير رخا أحمد حسن، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية

تحقيقات27-5-2021 | 00:35

محمد عاشور

جاءت زيارة وزير الخارجية الأمريكي لمصر اليوم، لتفتح الكثير من الأبواب والملفات الشائكة التي تسيطر على المنقطة العربية، خاصة أن الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ توليه مقاليد الحكم في البلاد، يحرص على إنهاء كافة الملفات التي تشكل تهديدا كبيرا للأمة العربية، خاصة دولة فلسطين الشقيقة التي شهدت اعتداءً غاشما من الاحتلال الإسرائيلي على مدار الأيام القليلة الماضية، أسفرت عن وفاة وإصابة المئات من المواطنين، ما دفع بعض الدول العربية وفي مقدمتهم مصر لإدانة هذا الاعتداء.

وأكد السفير رخا أحمد حسن؛ عضو المجلس المصري للشئون الخارجية؛ مساعد وزير الخارجية الأسبق، في حواره مع «دار الهلال» أن مصر لها دورا أساسيا في ملف مكافحة الإرهاب لا سيما عملية السلام، فإلى نص الحوار:

** في البداية حدثنا عن العلاقات المصرية الأمريكية؟

بلا شك العلاقات الأمريكية المصرية علاقات كثيرة، منها: «تعاونا اقتصاديا، وتجاريا، وعلميا وتكنولوجيا، ناهيك عن الاستثمارات الأمريكية في مصر، والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب، خاصة أن مصر لها دور أساسي في ملف مكافحة الإرهاب وعملية السلام، لذلك مصر أكبر دولة عربية تستطيع التواصل مع جميع الأطراف كما حدث في الأزمة الأخيرة والصراع بين حماس وإسرائيل.


** ماذا تعني زيارة وزير الخارجية الأمريكي لمصر؟

الزيارة السريعة لوزير الخارجية الأمريكي اليوم تفتح الكثير من الأبواب والملفات ولكنها لم تحل أي مشاكل، وكأن هدفها هو التسكين والتهدئة بحيث أن الشروط التي تورطت بها أمريكا مع سرائيل بالنسبة لحماس تباعد المفاوضات شيئا ما بالنسبة لوقف إطلاق النار الممتد، وأيضا تشمل الاتفاق على آلية إعادة الإعمار.

** وما تقييمك لدور مصر في وقف إطلاق النار بقطاع غزة؟

استطاعت مصر الوصول لحل وسط بوقف القتال إلى أن يتم التوصل لوقف إطلاق النار، كما أنها قدمت 500 مليون دولار لإعادة إعمار غزة، وبالتالي هي من الدولة المشرفة على إعادة الإعمار بقطاع غزة، وهو أمر يوفى بطلب إسرائيل وأمريكا أن تمويل إعادة الإعمار يذهب فعلا للإعمار وليس لحماس.

** كيف قرأت دور مصر في حل القضايا العربية؟

هناك علاقات استراتيجية بين مصر وأمريكا ممتدة لكافة المجالات، وأمريكا قوة كبرى ولها مصالح استراتيجية في الشرق الأوسط، كما أن مصر دولة لها وزنها كما رأينا في الأزمة الليبية، والأزمة الفلسطينية، ومشاكل أفريقيا والسودان، وبالتالي فاستمرار التواصل والتعاون بين البلدين أمر لابد منه.

** حدثنا عن موقف أمريكا تجاه القضية الفلسطينية؟

ما فعلته أمريكا كان عبارة عن رد فعل لما فعلته مصر تجاه القضية الفلسطيبنية، إذ شعرت أمريكا أن الشعب الإسرائيلي يشعر بعدم الأمان للمرة الأولى، وأن القبة الحديدية والصواريخ لم تصمد أمام أسلحة بدائية من حركات المقاومة الفلسطينية، وبالتالي فالبند الأول في أجندة بلينكن وزير الخارجية الأمريكي الذي أعلنه أكثر من مرة في إسرائيل وقبل وصوله هو ضمان  أمن إسرائيل، وكأن إسرائيل دعت بلينكن للفت النظر، كما أنه ناقش مع المسئولين الإسرائيليين كيفية تدعيم القبة الحديدية حتى لا تخترقها صواريخ حماس، وهو سبب دفع الإدارة الأمريكية بسرعة التدخل خاصة.

وفي عام 2014 في ظل رئاسة أوباما والعدوان الإسرائيلي على غزة، الذي استمر 52 يوما فكان التخوف الأمريكي بأن تطول الحرب في غزة كما حدث من قبل، خاصة وأن أثناء هذه الحرب 2021 على غزة أغلق المطار الدولي في إسرائيل ومنع الطيران إليها، وهو ما أثبت أن حماس قادرة على خلق إزعاج شديد بالرغم من الخسائر الفادحة التي تحملها الشعب الفلسطيني.

** في رأيك ما هو الواضح من الصورة؟

الواضح من الصورة أن بلينكن لم يأت إلى مصر لمناقشة لب المشكلة الفلسطينية وهي عملية السلام، وإنما جاء للتهدئة، وأراه جاء يحمل خرطوم مطافي وحقيبة إسعافات أولية ومسكنات»، ومن خلال تصريحاته فهو يريد مع إسرائيل تكبيل حماس حتى لا تستطيع القيام بأي أعمال معادية لإسرائيل، لكن السؤال: هل هذا ممكن؟، وبالتالي هذا يطيل عملية التفاوض على شيئين، وهما وقف إطلاق نار ممتد وتقديم تنازلات من الجانب الإسرائيلي، وثانيا الإعمار، إذ كيف سيحدث إعمار في غزة وهي تحت سيطرة حماس بالكامل بدون أن تمر المساعدات عن طريقها، ومن غير أن يكون لحماس أي تدخلات في المساعدات.

** وهل تحل الانتخابات في فلسطين مشكلة وجود حماس على رأس السلطة في غزة؟

اليوم حماس شريك أساسي في فلسطين، وإذا أجريت انتخابات فالنتيجة معروفة من الآن، وموقف الأمريكان يدعو للدهشة نظرا لأنه تدخل في إطار تبني الموقف الإسرائيلي، مع العلم أنه قال من قبل أن من ضمن المهام القادمة أنه سيعمل على دعم العلاقات الفلسطينية الأمريكية، وأنه سيبحث بعثات قنصلية أمريكية في القدس الشرقية بالتعامل مع الفلسطنيين، وفتح مكتب منظمة التحرير في واشنطن.

** 75 مليون دولار من أمريكا لإعادة إعمار غزة.. ما تعليقك؟
 
بالنظر للمبلغ الذي قدمته أمريكا لإعادة الإعمار في غزة المثير للدهشة، تستغرب أن الولايات المتحدة الأمريكية صاحبة أكبر اقتصاد في العالم قدمت 75 مليون دولار فقط لإعادة الإعمار في غزة، بشرط موافقة الكونجرس الأمريكي عليها، وهذا يوضح أن الزيارة لها أهداف أخرى ولكنها مستترة تحت بعض الشكليات، خاصة وأن الزيارة بلينكن لمصر لم تستغرق أكثر من ثلاث ساعات، وكان من المفترض أن يكون هناك اجتماع منفصل بين وزير الخارجية الأمريكي ونظيره المصري سامح شكري، متسائلا هل تم هذا الاجتماع بالفعل أم أنه اكتفى بلقاءات على هامش لقائه مع الرئيس عبدالفتاح السيسي، كما أنه لم يأت لبحث كيف ستكون مجريات الأمور في المرحلة القادمة.

** وهل هناك استعدادات في إسرائيل حاليا لتمديد وقف إطلاق النار؟

لا توجد استعدادت في إسرائيل حاليا لوقف إطلاق النار، وذلك نظرا لعدم وجود حكومة إسرائيلية، إذ أنها لم تشكلها بعد الانتخابات ولا يعلم أحد من سيقوم بتشكيلها حتى الآن، كما أن الحال ذاته في فلسطين،  ومن المفترض أنها كانت ستجري انتخابات لكنها لم تقم بها، والأفضل لفلسطين تشكيل حكومة وحدة وطنية بدلًا من الانتخابات في الوقت الحالي.


** حدثنا عن العلاقات الثنائية بين مصر وأمريكا؟

العلاقات الثنائية بين مصر وأمريكا لا تشهد أي خلافات نظرا لأن كلا الطرفين في حاجة للآخر، وهناك مصالح متداخلة ومتشابكة مع بعضها، كما أن هناك تعاونا في مجالات كثيرة ومختلفة بين البلدين أكثر من نقاط الخلاف.


** وماذا عن أزمة سد النهضة؟

أزمة سد النهضة مع إثيوبيا ستظهر هل إدارة بايدن ستستفيد من الذي توصل إليه وزير الخزانة الأمريكي في عهد ترامب وتقوم بتعديله ومن ثم تقدمه للاتحاد الإفريقي، بحيث أن ملف جاهز ولا يستدعي البدء من جديد، كل هذا سيظهر خلال الأيام القليلة القادمة.


** الملف الليبي ملف شائك.. ما السيناريو المتوقع هناك؟

الملف الليبي، هو ملف معقد نظرا لأن بعض الأطراف تسعى لتأجيل الانتخابات الليبية، والبعض الآخر يرفع يديه عن القضية، لكن أمريكا ومصر يريدان أن تتم الانتخابات، ويبقى السؤال: هل ستتم في موعدها أم لا؟، وهو موضوع التشاور بمعنى أن كل طرف يحاول الضغط على الطرف الذي يؤيده بحيث أن نتوصل لأن تجرى الانتخابات في موعدها في ديسمبر، لكن هل ستجرى على القاعدة الدستورية القديمة أم الدستور الذي قدم في 2014 وأصبح جاهزا في 2016 ويحتاج فقط الآن للاستفتاء، وهل سيكون هناك استفتاء على الدستور قبيل الانتخابات؟ مع العلم أن الوقت ليس في مصلحتهم نظرا لضيقه؛ كما أن كل الظروف أصبحت في حال ضغط، ولهذا كان التشاور مع مصر باعتبار أنها الدولة صاحبة الدور الكبير في ليبيا.


** وهل حل الدولتين سيحل القضية الفلسطينية ويشكل سلام وأمان لإسرائيل؟

اتضح للولايات المتحدة الأمريكية وللعالم كله والعالم العربي في المقدمة أنه بدون حل القضية الفلسطينية لا سلام ولا أمان لإسرائيل، وأنها مهما تسلحت بكافة أشكال التسليح فلن توفر الأمان للشعب اليهودي وهو ما قاله الشعب الإسرائيلي نفسه، بأن مخباراتها فشلت ولم تنجح في حماية شعبها، ولهذا عزل نتنياهو رئيس المخبارات وعين غيره.