السبت 18 مايو 2024

بالفيديو والصور.. "الهلال اليوم" في جولة بحمامات القاهرة الشعبية

10-5-2017 | 17:55

في تجربة مثيرة قام "الهلال اليوم" بجولة داخل الحمامات الشعبية بحي بمصر القديمة، التي تعكس ملامح تراثية أرخت لفترة مهمة من تاريخ مصر في فترة الحكم الإسلامي، حيث الجدران العتيقة الممزوجة بروائح بخار المياه والبخور المصرية، والأعشاب الطبيعية المستخدمة في عمليات التجميل.

ويرجع السبب في إنشاء تلك الحمامات إلى أن التجار كانوا يسافرون عن طريق البحر والصحراء مسافات طويلة ومتعبة، ولذلك كان الذهاب إلى هذه الحمامات من أجل الاسترخاء والتخلص من عناء ومشقة السفر.

وكانت مصر القديمة تضم وحدها 1350 حمامًا شعبيًا في العصر المملوكي، تقلص العدد إلى 16 حمامًا أثريًا وأهليًا في القاهرة، وأربعة حمامات فقط هي التي تعمل حتى اليوم وتقف صامدة في مواجهة " الجاكوزي والساونا ".

وتتكون معظم هذه الحمامات من بوابة خارجية متصلة بمدخل ينتهي بساحة "رسيبشن" لاستقبال الزبائن وحفظ متعلقاتهم، ثم مجموعة من الغرف الداخلية التي تتكون من "فسقية " أو"نافورة " يجلس عليها المستحم، ليتم تكبيسه "حك الجلد بقطعة قماش خشنة لإزالة الجلد الميت"، ثم غرفة بها دش، وأخرى للمغطس غزيرة البخار، وسقف أثري، مع مصدر للمياه والبخار، إضافة إلى بيت الحرارة الذي يحتوي على مغطس وحوض ممتلئين بالمياه شديدة السخونة، تصل إليهما عبر بئر للمياه موجود أسفل الحمام، ويتم تسخين هذه المياه بالمستوقد الذي يوجد بجوار الحمام أو بداخله.

أما عن الأدوات المستخدمة في برنامج هذه الحمامات فمعظمها بدائي، يأتي في مقدمتها الحجر الأحمر الذي يستخدم في حك القدمين لتنعيمهما، بالإضافة إلى الصابون المصنوع من زيت الزيتون، إضافة إلى ليفة مصنوعة من قطع القماش الخشن لتدليك الجسم لإزالة الخلايا الميتة، فضلًا عن  أواني تسخين المياه.

وعن طقوس العمل وبرامج الحمامات؛ قال زينهم أحمد عبدالعزيز صاحب حمام الملاطيلي "مرجوش" الموجود بشارع أمير الجيوش بباب الشعرية، إن برنامج دخول الحمام يستمر لساعتين، حيث يبدأ الزائر بأخذ حمام ساخن لمدة عشر دقائق، بعدها يتم الجلوس في غرفة البخار، من أجل فتح مسام الجسم لمدة 15 دقيقة، يعقبها حمام بارد من أجل التخلص من الإفرازات والعرق الذي يسد مسام الجلد، بعدها تأتي مرحلة الجلوس في المغطس المليء بالماء الساخن لبعض الوقت، ثم عملية الاسترخاء على "مسطبة" من الرخام، ترتفع مترًا واحدًا عن الأرض، وتجري عليها عملية التدليك، يعقبها "دش" ساخن بالماء والصابون لمدة ربع ساعة، وبعد الانتهاء من الحمام يتم تناول مشروب دافئ أو وجبة من الفواكه التي تنعش الجسم.

وأوضح زينهم، أن الخامات المستخدمة في الحمام الشعبي معظمها خامات محلية مثل: "قشر البرتقال والليمون المهروس وخشب الصندل وبعض الفواكه ومسحوق الترمس والذرة الممزوج بزيت الزيتون أو السمسم".

وحول تسمية حمام الملاطيلي بـ"مرجوش"، قال زينهم، يعود تاريخ بناء هذا الحمام إلى العصر الفاطمي, وتحديدًا في عهد الحاكم بأمر الله الذي أمر ببناء 365 حمامًا آخر, بعدد أيام السنة, وذلك ليقوم السلطان بالاستحمام كل يوم في حمام مختلف, إلا أنه أغلب هذه الحمامات تم غلقها ومنها ما تم هدمه ولم يتبقى سوى "الملاطيلي"، موضحًا أن ذلك الحمام كان من نصيب بدر الدين الجمالي الذي تنسب له حي الجمالية, والذي كان ملقبًا بأمير الجيوش الجواني، ومن هنا اختصر اللقب فسمي "مرجوش"، وبعده وصلت ملكية الحمام لإبراهيم شلبي, وهو الشخص الذي أجر ذلك الحمام لجده الأكبر "سيد الملط" وذلك عام 1861، ومن هنا جاءت تسميته بحمام الملاطيلي.

وحول الأسعار قال مالك حمام مرجوش الشعبي، إنه بـ 70 جنيه يتم عمل "تكييس" وهو عبارة عن تدليك بغرض إزالة الجلد الميت، بالإضافة إلى عمل حمام بخار للجسم كله ، وبـ 100 جنيه يتم عمل "تكييس" بالإضافة إلى حمام بخار للجسم كله، مع عمل سويت لإزالة الشعر من كل الجسم، فضلًا عن عمل "ماسك" ترمس للوجه ليساعد على تفتيح لون البشرة وإزالة البقع الداكنة في الوجه، أما بـ 150 جنيه فيتم عمل "تكييس" بالإضافة إلى حمام بخار للجسم كله، مع عمل سويت لإزالة الشعر من كل الجسم، وعمل "ماسك" ترمس للوجه، فضلا عن عمل "حمام مغربي" عبارة عن وضع طمي مغربي على الجسم كله.

أما في باب الخلق على مقربة من متحف الفن الإسلامي ومديرية أمن القاهرة، يقع حمام "البارودي" في حارة "العلوة"، والذي يرجع تاريخه إلى 150 عام ، بحسب ما أكدته هويدا عبدالفتاح المدير العام للحمام، والتي أوضحت أن إطلاق إسم "البارودي" على ذلك الحمام جاء نسبة إلى الشاعر المصري محمود سامي البارودي أحد أبناء هذا الحي، حيث تبرع بهذا الحمام التاريخي وجعله وقفًا لله تعالى قبل موته من بين أملاك كثيرة داخل هذا الحي.

وأوضحت المدير العام لحمام "البارودي"، أن هذا الحمام مخصص للسيدات فقط حيث لا يوجد به قسمًا للرجال، ومن ثم يبدأ العمل فيه من الثامنة صباحًا حتى الخامسة مساءًا ، مشيرةً إلى أن الحمامات الشعبية أو "البلدية" لا  تعد مراكز تزيين وتجميل فحسب، بل تعتبرها الكثير من السيدات مكانًا مناسبًا للعلاج الطبيعي والاسترخاء، وعلاج الكثير من أمراض العظام، كما تقدم أيضًا خدمات تجهيز العرائس التي تتنوع بين التدليك وأقنعة البشرة والجسم ورسم الحناء وغيرها من متطلبات تجهيز العروس، خاصةً أنها تمتاز بأسعارها المنخفضة، ولذا يقبل عليها محدودو ومتوسطو الدخل، لافتةً إلى أن تجهيز العروس لديها تبدأ أسعاره من 200 جنيه، ولا تتعدى الـ 500 جنيه، مقارنةً بمراكز التجميل الحديثة التي قد تصل تكلفتها إلى أكثر من 2000 جنيه.

وأوضحت هويدا، أن أسعار ماسك الطمي المغربي 50 جنيهًا، وماسك الترمس 25 جنيهًا، بينما يصل سعر السويت الدراع 20 جنيهًا، والجسم كله للعروسة 120 جنيهًا.

كما التقت "الهلال اليوم" في جولتها بمحمد إبراهيم الشهير بـ"عوكل" صاحب حمام "الأربع" قديمًا، "عوكل" حديثًا، الذي يقع علي بعد أمتار خلف أبراج النايل سيتي بكورنيش النيل بمنطقة الوكالة بحي بولاق أبو العلا، ليحدثنا عن الأقسام التي يتكون منها الحمام الشعبي فقال : "يتكون أي حمام من عدد من الأقسام .. القسم الأول منها يسمى (المشلح أو المسلخ) وهو المكان المعد لخلع الملابس قبل دخول الحمام ويتكون من طابق أرضي وآخر علوي تنشر فيه مناشف الحمام حتى تجف".

 أما القسم الثانى ويسمى "بيت أول"، وهو معد لجلوس رواد الحمام، بحيث تتعود أجسامهن على الحرارة قبل الاستحمام.

 أما القسم الثالث ويسمى "بيت الحرارة" والذى يعلوه بخار كثيف يجعل الرؤية ضبابية حيث بقية مراحل الاستحمام التي تبدأ بالمرور علي المغطس الحراري، وفيه يجلس الزبائن في حوض مكسو برخام ، وممتلئ بماء شديد السخونة، يصل إلى منطقة الصدر فقط، وبعد أن يأخذ المستحم كفايته وتتفتح مسام جلده يخرج منه، ثم تأتي مرحلة التكييس، وتليها مرحلة التدليك الذي يستخدم فيه الماسكات الطبيعية، وبعد التدليك يتعرض المستحم لـ"دش ساخن وآخر بارد" في إحدى الغرف الجانبية حتى تغلق مسام الجلد مرة أخرى.

وحول تاريخ الحمام وسبب تغير اسمه من حمام "الأربع" إلى "عوكل"، قال إبراهيم، إن هذا المكان كان ملكًا لوزارة الأوقاف ويبلغ عمره حوالي 500 عام، تحول إلى خرابة يسكنها الهوام والحيوانات، فقام بتأجيره من الأوقاف عام 1999 لمدة 99 عاما، وقام بتجديده وتغير اسمه، مضيفًا أنه منذ فترة طويلة كان يخصص يوم في الإسبوع للسيدات وكان يسمى الحمام باسم اليوم الخاص بالسيدات، وباعتبار أن اليوم الذي كان مخصصًا للسيدات كان الأربعاء، سمي الحمام بحمام الأربع، لافتًا إلى أن الحمام به قسمين حاليا، قسم للسيدات ويعمل يوميًا من 6 صباحًا حتي 6 مساءًا، وقسم الرجال ويعمل من 6 مساءًا حتي 6 صباحًا.

واختتم "عوكل" كلامه موضحا أن القاهرة كان بها 28 حمامًا شعبيًا أغلق معظمها بسبب الإهمال، وبعض الأعمال الخارجة عن القانون.

وعلي بعد أمتار من حمام عوكل التقت "الهلال اليوم" بـ"محمد مشمش" المدير العام لحمام "التلات" الشهير باسم صاحبه "مشمش"، وينقسم الحمام إلى دورين الأول خاص بالسيدات، بينما الدور الثاني للرجال، لكن ظروف المبنى القديم اضطرت صاحبه لإخضاعه لأعمال الصيانة والترميم، استعدادًا لفتحه في شهر رمضان المبارك.