السبت 23 نوفمبر 2024

مقالات

إعلام الجمهورية الجديدة

  • 30-5-2021 | 17:39
طباعة

تابعت باهتمام كبير المؤتمر الصحفي للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية التي أعلنت فيه عن تدشين مرحلة جديدة من العمل يبتعد عن منطقة الخسائر ويضه أقدامه في مربع تحقيق الأرباح .. تلقيت هذا الحدث من منظور أوسع وهو السعي حثيثا إلى بناء إعلام يليق بالجمهورية الجديدة، وهي الأمنية التي كانت تحلق في آفاق النفوس وتبعث الأسئلة تلو الأخرى عن سبل تحقيقها على أرض الواقع لتتكامل الصورة الكبرى التي ننشدها وهي مصر الدولة المدنية الحديثة.

الشىء الملهم الذي يدفع إلى التفاؤل أن الحديث عن منظومة إعلامية تتجرد من الهوي وتنفك عن براثن "الشلة" وشراك المجاملة تحول من حديث ذي شجون بين صناع الإعلام إلى حديث المصريين على اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم فقد كان الجميع يشعر بالغربة العميقة مع ما يقدم إليه من دراما كانت أبعد ما تكون عن مجتمعنا بل وأخذتنا إلى دروب لا يوصل أي منها إلى ما نطمح إليه من ريادة فنية وإعلامية.

إن العقل والوجدان المصري تألم طويلا من الارتزاق الفني من البعض الذين تجرءوا على قيمة الفن فحولوه إلى مجرد استثمار أو أداة لتحصيل النقود فبات المجتمع تحت سطوة غربة أحدثتها دراما لم تكن يوما تشبهنا أو تتحدث بلساننا .

إن التحول بساحة صناعة الدراما والإعلام إلى مسار مؤسسي منضبط كان حلما يراود المخلصين الذين تطلعوا دوما إلى يوم تقل فيه الفجوة بين ما حققته الدول المصرية على أصعدة ريادتها في المنطقة وهو ما لم يكن ليتأتى إلا بتحديث وإعادة بناء أركان قوتنا الناعمة التي لم يكن لها سند إلا فتح أبواب المنافسة وتمهيد الطرق للمبدعين دون هوى أو واسطة.

لقد آن الأوان أن نتحرك كمبدعين وشركات إنتاج في اتجاه واحد عازمين على أن نغادر دون رجعة ساحة المحاباة والتناحر الذي استدعته مرحلة سابقة لينتهي هذا المهرجان السخيف من الأجور المبالغة التي كانت تستفز المصريين وتؤجج مشاعرهم.

إن التحرك المصري على الصعيد السياسي والاقتصادي والعسكري واستعادة دور مصر كمحرك رئيسي فاعل لأحداث المنطقة يستلزم إعلاما يليق بهذا التطور في مسيرة الوطن وأصبحنا في حاجة إلى الصحافة والإعلام والدراما التي تعكس تلك الريادة والتي تنتشل الشخصية المصرية من فخ الريبة والارتباك ودراما العشوائيات وأوهام دراما القصور و"الكمبوندات" إلى آفاق الثقة في مستقبل ترتسم ملامحه يوما تلو الآخر.

آن الأوان أن نحقق المعادلة الصعبة التي توفر لنا التوازن ما بين الرغبة في امتلاك إعلام منافس بنّاء يحمل أجندة وطنية وبين الرغبة في تحقيق الربح فالارتكان إلى عبارة الإعلام الوطني لا يحقق ربحا ارتكان إلى عجز عن الاستمرار وهو ما يخلق لغيرنا مساحة جاهزة للعبث والتخريب والمقامرة.

إن الرغبة في استصراخ الموهوبين وتعظيم الانطلاقة الأولى لمسيرة الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية كانت إشارة واضحة في المؤتمر الفارق في مسيرة المنظومة الإعلامية المصرية حيث أشار حضور الكيانات التي تدير الإعلام المصري صدق النوايا والإعلان دون مواربة أنه لم يعد هناك موقع لمن يرغب في العمل وفق منطق "الوان مان شو" ونحن على أعتاب الجمهورية الجديدة التي تسعي إلى امتلاك أسباب القوة على جميع الأصعدة.

بالطبع سنسمع أصواتا حائرة أو شاكة أو مترقبة تحت وطأة المصلحة أو المجد الشخصي هذا طبيعي ومنطقى ومقبول لكن بلا شك ومع مرور الوقت ستتحول الشكوك إلي يقين والترقب إلى طاقة عمل وفي النهاية سيكون لدينا منظومة ثابتة التأسيس راسخة الأقدام ومنظومة إعلامية دافعة تليق بالجمهورية الجديدة التي لن ينعكس بريقها على حياة المصريين وحدهم بل ستكون النموذج الأسمى التي تتطلع إليه المنطقة بأسرها.

الاكثر قراءة