الخميس 16 مايو 2024

حسن حسني.. «جوكر الفن» الذي أضحكنا وأبكانا

حسن حسني

فن30-5-2021 | 21:49

محمد أبو زيد

صاحب موهبة كبيرة، قادر على أن ينتزع الضحكة  من أوصال قلبك دون مجهود أو عناء من خلال "كوميديا الموقف"، لا يهمه إن سيكتب اسمه على التتر، أو حجم الدور ولكنه كان دائم البحث عن أدوار يعبر من خلالها إلي قلوب، وتترك بصمة في خلفه في كل دور يقدمه على الشاشة حتى ولو مشهد واحد.

تنوعت الأدوار والممثل واحدا تجده يقدم دور الشر ببراعة شديدة بينما يجعلك تضع يدك على قلبك من فرط الضحك، هو "الأسطى محمد" في "عفاريت الأسفلت" الحلاق الوحيد الذي لا تمل من حكاياته، و"ركبة" في "سارق الفرح"، الذي اقتنص به 5 جوائز، هو عم "بخ" الذي تحفظ إفيهاته وتضحك على مواقفه مع "اللمبي"، هو تميمة حظ جيل الشباب وعم الكوميديانات، و"جوكر" الفن الفنان حسن حسني
.

وُلد حسن حسني في 19 يونيو 1936، بحي القلعة  في القاهرة"، بدأت موهبته تلوح في الآفق، وفي المدرسة الإبتدائية عشق التمثيل ومن خلال مسرح المدرسة، قدم دور "أنطونيو" في إحدى الحفلات المدرسية ومن خلاله حصل على كأس التفوق بالمدرسة الخديوية، حصل على شهادة التوجيهية عام 1956، في إحدى لجان التقييم التي تشرف على مسابقات التمثيل في المدارس كان حاضرا الفنان  الكبير حسين رياض ضمن لجنة التقييم، ولفت أداء حسن حسني الفنان حسين رياض، حينها تيقن "حسني" أنه لا يجب أن يمتهن سوى التمثيل.

 

بداية الستينات بدأت رحلة حسن حسني عضواً في فرقة المسرح العسكري التابعة للجيش، ومع صدور قرار بحل المسرح تنقل بعدها إلي عدة مسارح ما بين القومى والحديث، ومع  فرقتي" جلال الشرقاوي" و"تحية كاريوكا"، وبالتزامن قدم في السينما عدة أفلام منها "لا وقت للحب، بنت الحتة"، ومع فرقة "حكيم" عدة مسرحيات منها "المركب اللي تودي، عرابي"، ومع بداية السبعينيات شارك في عدة أفلام لعل أبرزها " أميرة حبي أنا، سوق الحريم، مدينة الصمت".

كان حسني يعشق المسرح الذي وقع عليه طفلا، وتنقل بين خشباته، ومع المخرج سمير العصفوري حقق نجاح كبير في  مسرحية "كلام فارغ"  دفعه إلى الإنتقال إلي المسرح القومي، وعلى خشبة مسرحه قدّم عدة مسرحيات ناجحة، وبجانب المسرح قدم في السينما أدوار صغيرة في عدة أفلام منها "الكرنك، الحب تحت المطر، قطة على نار، المليونيرة"، لك يغيب التليفزيون عن ذاكرة حسن حسني وقدم عدة مسلسلات، لكن كانت الإنطلاقة الحقيقة مع  مسلسل "أبنائي الأعزاء شكرًا" ودخل من خلاله بيوت وقلوب الجمهور.

كان دائم البحث عن التنوع  في أعماله ويختارها بعناية شديدة، في فيلم "سواق الأتوبيس" مع عاطف الطيب، قدم نفسه في أول أدوار الشر بطريقة مختلفة وكان دوره  نقلة في حياته الفنية، ما دفع بعض المخرجين على حصره في تلك النوعية من الأدوار، حتى وقع في يده سيناريو فليم "سارق الفرح" ومن شدة إعجابه به طلب من المخرج داود عبد السيد أن يشارك به حتى ولو بدون أجر، وقدم دور القرداتي "ركبة" في واحد من أجمل أدواره، ليقتنص به  5 جوائز، وفيلم "المواطن مصري" مع عمر الشريف.

لم يتوقف حسن حسني عن العمل يوميا، وفي التسعينيات، شارك في عدة مسلسلات أبرزها " رأفت الهجان 2، النوة، بوابة الحلواني"، وفي "أرابيسك" قدم دور "وفائي" الأب الطيب.

وما بين السينما والتليفزيون كان الحنين إلي المسرح يدفعه إلي خشبة المسرح فقدم عدد من المسرحيات أشهرها " اعقل يا مجنون، على الرصيف، جوز ولوز، حزمني يا".

كان كبارالمخرجين يدركون حجم موهبة حسن حسني ويسندون له الأدوار الأشد صعوبة، تجده مع عاطف الطيب في "البريء" و" الهروب".

 بينما مع محمد خان في "فارس المدينة" و "زوجة رجل مهم"، ومع رضوان الكاشف في "ليه يا بنفسج"، و"المغتصبون" مع سعيد مرزوق، بينما مع  المخرج أسامة فوزي يبهرك بأداءه في "عفاريت الأسفلت" في دور"الأسطى محمد" الحلاق الذي لا تمل من حكاياته، كان قدرا على أن يبكيك وينتزع منك الضحكة بسلاسة.

في مطلع الألفية كان حسن حسني على موعد مع الشهرة والمكانة التي يستحقها، وساند عدد من الشباب في بدايتهم السينمائية وقدم مع الراحل علاء ولي الدين "عبود على الحدود" و"الناظر" التي ما زالت إفيهاته تعيش بينا حتى الآن، وتجده يقف مع عامر منيب في "سحر العيون"، ومع هاني رمزي في "محامي خلع" و"غبي منه فيه".

 كان حسن حسني هو تميمة الحظ للشباب والأب الروحي لهم، لم يتوانى لحظة في الوقوف جانبهم وممساندتهم وأصبح القاسم المشترك في العديد من الأفلام، كانت أولى بطولات محمد سعد في السينما مع حسن حسني في "اللمبي" الذي حقق إيردات خيالية، ليقدما سويا "اللي بالي بالك" وتتوالى الأعمال في "بوحة، كركر، عوكل"، كان النجون الشباب يتفائلون بوجوده الذي يضمن لهم نجاح أفلامهم، مع كريم عبد العزيز "الباشا تلميذ"، ومع السقا "أفريكانو" ومع أحمد عيد "ليلة سقوط بغداد"، ومع هنيدي "عسكر في المعسكر"، و"يانا يا خالتي".

كان وجوده جواز مرور لعبور بوابة النجومية، فتجده مع أحمد مكي في "إتش دبور"، ومع محمد إمام في "البيه الرومانسي" و"كابتن مصر" وكون مع أحمد حلمي ثنائي في عدة أفلام في "ميدو مشاكل، زكي شان" وكانت آخرأعماله "خيال مآتة".

مشوار طويل تجاوز النصف قرن بين السينما والمسرح والتليفزيون ورسم البسمة على وجوه الملايين، كان تكريمه وحبه من الجمهورهو الذي يعنيه طوال حياته، حتى جاء التكريم من مهرجان القاهرة في دورته الأربعين، ليقف حسن حسني على المسرح ممسكا بجائزة فاتن حمامة التقديرية تكريميًا له عن مشواره الفني، ولم يستطع منع دموعُه وهو يقول "أنا سعيد أوي أوي وفرحان أوي أوي إنهم لحقوا يكرموني وأنا عايش، والله بكلمكم جد عشان أفرح بالتكريم ده وأنا وسطكم، بشكر رئيس المهرجان، وكل القائمين عليه، بشكركم شكرًا جزيلًا".

ما بين السينما والتليفزيون أقتربت أعمال حسن حسني من 500 عمل فني، وفي 30 مايو 2020، رحل عن عالمنا عن عمر يناهز 89 عاما، إثر إصابته بأزمة قلبية، ولكنه ترك خلفه دعوات محبيه، وأبتسامة على الوجوه كلما مر من أمامك على الشاشة، وإفيهات نتبادلها دون أي تحضير مسبق لأنها تعيش بداخلنا وأحببناها من حسن حسني دون غيره.