أكد الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار أن الفنون القبطية جسدت ببراعة رحلة العائلة المقدسة لمصر، حيث تحتوى أيقوناتها على عناصر مصرية مثل نهر النيل والمعابد والأهرامات وأبو الهول والصحراء والجبال والأودية والمراكب الفرعونية وكذلك رموز البيئة المصرية مثل الطيور والنخيل والأشجار وسنابل القمح والأسماك النيلية.
وقال ريحان، في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم بمناسبة ذكرى دخول العائلة المقدسة لمصر في الأول من يونيو، إن من أشهر نماذج تلك الأيقونات، أيقونة بالكنيسة المعلقة بمصر القديمة رسمها إبراهيم الناسخ ويوحنا الأرمنى تعود إلى القرنين 17- 18م وأيقونة بكنيسة أبى سرجة التى تضم المغارة الشهيرة التى لجأت إليها العائلة المقدسة وتوجد أمام باب المغارة رسمها أنسطاسى الرومى 1849م وأيقونة رحلة العائلة المقدسة بكنيسة أبو سيفين بمصر القديمة وأيقونة عودة العائلة المقدسة من مصر إلى فلسطين بنفس الكنيسة.
وأشار إلى أيقونة العائلة المقدسة والقديس يوسف النجار يحمل الطفل على كتفيه بكنيسة السيدة العذراء بالمعادى رسمها أنسطاسى الرومى 1833م، وأيقونة العائلة المقدسة بكنيسة العذراء بمسطرد تعود إلى القرن 16م، وأيقونة هروب العائلة المقدسة والمرسومة على النسيج والتي رسمها يوحنا الأرمنى بدير المحرق بأسيوط والتى تعود إلى القرن 18م.
وأوضح أن من أبرز الأيقونات التي جسدت رحلة العائلة المقدسة لمصر، أيقونة الدخول إلى أرض مصر، والتي صورت السيد المسيح وهو طفل صغير مقمط تحمله السيدة العذراء مريم فى حضنها بحب وحنان، وأيقونة العودة إلى الناصرة بفلسطين ويظهر فيها الطفل صبيًا يمشى على قدميه وهى تعبر عن صدق الفن القبطى حيث جاء السيد المسيح إلى مصر طفلًا وعاد صبيًا بعد أن قضت العائلة المقدسة فى مصر ثلاث سنوات و11 شهرًا.
ولفت إلى تصوير الفن القبطي للسيدة العذراء وهى تحمل الطفل وتركب على الدابة وهو حمار ذو لون رمادى من حيوانات أرض مصر وتبدو وكأنها تفكر فى كل ما حدث لها فى صمت وتأمل وتسليم كامل للإرادة الإلهية كما تصور القديس يوسف النجار شيخا مسنًا ممسكًا بعصا أو عكاز ويمشى على قدميه فى الأمام ليقود مسيرة الرحلة محتملًا مشقات السفر وأخطاره فى طاعة كاملة لما أمره به الملاك أن يأخذ الصبى وأمه ويهرب لأرض مصر، وأحيانًا يضاف للأيقونة ملاكا يرافق العائلة المقدسة كأنه ملاك حارس لها ويظهر بلون أبيض رمزا للنقاء وفى بعض الأيقونات يظهر ملاكين.
ونوه الدكتور ريحان إلى وجود هالات دائرية مقدسة تعلو رؤوس الأشخاص فى أيقونات العائلة المقدسة والأيقونات القبطية عامة، والتي تدل على أنهم قديسون، وأما السيد المسيح فيرسم فوق رأسه ما يسمى بـ"الهالة السيدية" وهى هالة داخلها علامة الصليب.
وقال إن الرسامين والفنانيين العالميين منذ العصور الوسطى وعصر النهضة حتى وقتنا الحالى استوحوا رحلة العائلة المقدسة إلى مصر وجسدوها فى أشهر لوحاتهم الفنية، ومن أشهرهم الفنان الاسبانى "بارتولومى استبيان موريللو" فى القرن السابع عشر الميلادى الذى قام بتصوير الأحداث التى مروا بها فنيا، بالإضافة إلى لوحة "الرحلة إلى مصر" للفنان الإيطالى" كارافاجيو" عام 1597م، كما صور الفنان الإيطالى "جيوفانى دومينيكوتيبولو" فى القرن 18م ، 27 لوحة متسلسلة عن تفاصيل الرحلة المقدسة لأرض مصر.
وكشف عن وجود كنيسة حديثة ببرشلونة تحقق دخلا كبيرا سنويا تحمل اسم "العائلة المقدسة ساغرادا فاميليا" بناها المهندس جودى منذ عام 1885م وهى بازيليكا على الطراز القوطى بشكل الصليب اللاتينى طولها 110م ارتفاعها 45م لها ثلاث واجهات رائعة، بكل واجهة أربع أبراج مرتفعة تمثل الأناجيل الأربعة وقبتين كبيرتين تمثلان السيدة العذراء والسيد المسيح وتتكون من عدة عناصر منها خمسة أروقة.
وتمر اليوم الثلاثاء الأول من يونيو، ذكرى دخول العائلة المقدسة إلى أرض مصر منذ أكثر من ألفي عام، والتي بفضلها تبوأت الكنيسة القبطية المصرية مكانة دينية خاصة بين الكنائس المسيحية في العالم، لارتباطها بهذه الرحلة المباركة لأرض مصر، على مدار أكثر من ثلاثة أعوام ونصف العام باركت خلالها العائلة المقدسة أكثر من ٢٥ بقعة في ربوع مصر المختلفة حيث تنقلت بين جنباتها من ساحل سيناء شرقا إلى دلتا النيل حتى وصلت الى أقاصي صعيد مصر.
بدأت رحلة دخول العائلة المقدسة من رفح بالشمال الشرقى للبلاد، مرورا بالفرما شرق بورسعيد، وإقليم الدلتا عند سخا بكفر الشيخ، وتل بسطا بالشرقية، وسمنود بالغربية، ثم انتقلت إلى وادي النطرون في الصحراء الغربية حيث أديرة الأنبا بيشوى والسيدة العذراء "السريان"، والبراموس، والقديس أبو مقار، و اتجهت بعد ذلك إلى منطقة مسطرد والمطرية حيث توجد شجرة مريم، ثم كنيسة زويلة بالقاهرة الفاطمية، ثم مناطق مصر القديمة عند كنيسة أبو سرجه في وسط مجمع الأديان ، ومنها إلى كنيسة المعادى وهى نقطة عبور العائلة المقدسة لنهر النيل ، وصولا إلى المنيا حيث جبل الطير، ثم أسيوط حيث يوجد دير المحرق وبه أول كنيسة دشنها السيد المسيح بيده، ثم انتقلت إلى مغارة درنكة، ثم العودة مجددا إلى أرض الموطن عند بيت لحم.