عاقبت المحكمة التأديبية العليا بمجلس الدولة في القضية رقم 44 لسنة 62 قضائية عليا 4 مسئولين بشركة مصر للبترول على خلفية وقائع فساد مالي وإداري من العيار الثقيل بعد ثبوت إرتكابهم مخالفات جسيمة ترتب عليها إستيلاء مجهولين على منتجات بترولية قيمتها 5.3 مليون جنيه بذعم أن أحدهما مفوضًا عن الهيئة العامة للنقل النهري بالمخالفة للحقيقة
الحكم تضمن إدانة فكري علي عبد الحافظ، مدير عام مساعد مبيعات العملاء منطقة القاهرة بشركة مصر للبترول وأمجد عبد اللطيف إبراهيم، مفتش مبيعات تسويق العملاء بمنطقة القاهرة وناهد فتحي محمود، مدير إدارة خدمة العمليات والتسويق بالقاهرة وناهد عبد اللطيف عبد الحميد، مدير إدارة حسابات العملاء والوكلاء، وبراءة حاتم السيد سالم، مدير إدارة بإدارة خدمات العمليات والتسويق بمنطقة القاهرة
قالت المحكمة عبر أسباب حكمها أنه ثبت بالأوراق أن المحال الأول اتفق مع المدعو محمد أحمد حسين، على توريد كميات زيوت من منتجات الشركة محل عمله، ظنا منه بأن هذا الأخير يمثل الهيئة العامة للنقل النهري، ورغم أنه التعامل الأول بين الهيئة المذكورة والشركة محل عمله فقد اتخذ إجراءات تنفيذ الاتفاق والتوجيه بفتح الحساب الجاري وتوريد المنتجات محل الاتفاق دون إبرام أي تعاقد أو استيفاء النماذج والضمانات المقررة من تلك الهيئة، كما منحها ائتمانا لمدة أسبوعين من تاريخ تسلم الأصناف الموردة دون الرجوع إلى السلطة المختصة في منح هذا الائتمان والمتمثلة في مدير عام المنطقة ومدير عام السوق الداخلي، كما اعتد بصورة ضوئية من تفويض صادر باسم المدعو الشحات رأفت علي، متغافلا عن التحقق من صحته، وذلك كله بالمخالفة لأحكام لائحة التسويق بالشركة، وهو ما أدى إلى تسليم منتجات الشركة إلى هذا الأخير رغم انتفاء علاقته بالهيئة العامة للنقل النهري، وثبوت تزوير التفويض المقدم بشأنه، مما أدى إلى وقوع الشركة في براثن عملية نصب تيسرت سبلها بإهماله في الوقوف على تنفيذ أحكام لائحة التسويق بالشركة تنفيذا صحيحا وكاملا، وامتنع على الشركة والحال كذلك تحصيل المبالغ المذكورة سلفا والتي تُمَثل قيمة تلك المنتجات محل الاتفاق، وهو ما تَثبت معه في حق هذا المحال كافة المخالفات المنسوبة إليه حقا وصدقا
وبشأن المحال الثاني، فإن الثابت بالأوراق أنه أصدر طلب صرف الدفعة الأولى من تلك المنتجات المشار إليها وتسلمها المفوَّض المذكور بذات التاريخ، كما أصدر طلب الصرف الثاني بتاريخ 1/11/2017 وتم تسليم المفوَّض المذكور المنتجات محله، في حين أنه بتاريخ 2/11/2017 تم فتح الحساب الجاري للعميل، فكان يتوجب عليه عدم إصدار أي طلب بالصرف إلا بعد تمام إنشاء هذا الحساب المشار إليه، كما تراخى رسميا لمدة خمسة أيام عن متابعة المديونية المتمثلة في قيمة المنتجات المذكورة حتى تحريره المحضر المشار إليه سلفا بعد انتهاء مدة الائتمان الممنوحة في هذا الاتفاق والمقدرة بأسبوعين، متغافلا كذلك عن الوقوف على صحة الصور الضوئية للأوراق المقدَّمة في هذا الاتفاق، وهو ما يثبت معه في حقه ما نُسِب إليه من اتهامات
وبشأن المحالة الثالثة، فقد تبين بأنها أصدرت كتابها موَجَّها إلى إدارة حسابات العملاء محل عمل المحالة الرابعة يفيد فتح حساب جارٍ، في حين قطعت الأوراق بأنها اتخذت هذا الإجراء دون توافر أي من المستندات اللازمة لفتح هذا الحساب بالمخالفة لأحكام لائحة التسويق بالشركة محل عملها والتي أوجبت الاحتفاظ بأحد أصول تلك المستندات بإدارة خدمات العمليات والتسويق محل عملها، مما يسَّر عدم تدارك أمر تزوير التفويض الممنوح للمفوَّض المذكور واستمرار تنفيذ التوريد إليه دون إبرام تعاقد من الأساس، وهي المخالفة الثابتة في حقها ثبوتا يقينيا بما يلا يدع مجالا لشك، فيصدق عليها القول بإهمالها في أداء ما هو منوط بها من واجبات وظيفية
والمحالة الرابعة، صدرت عن الإدارة محل عملها وبعلمها فواتير استلام المفوض المذكور للمنتجات المنوه عنها سلفا، رغم عدم إيداع أصل المستندات اللازمة لإصدار تلك الفواتير، وذلك بالمخالفة لأحكام لائحة التسويق بالشركة محل عملها التي أوجبت الاحتفاظ بأحد أصول أوراق التعاقد لدى قطاع الحسابات إدارتها، وهو ما ثبت في حقها ثبوتا يقينيا
وبشأن المحال الخامس، فإن ما نُسِب إليه أنه أخطر المحال الثاني شفاهة برقم الحساب المزمع تخصيصه لصالح الهيئة العامة للنقل النهري، رغم عدم استيفاء الأوراق اللازمة لفتح الحساب، وعدم فتح الحساب رسميا، فإن أوراق الدعوى وتحقيقاتها أفادت بأن المحال قد أخطر المحال الثاني فعليا برقم الحساب المشار إليه قبل إصدار خطاب رسمي من الإدارة محل عمله بتمام إنشاء الحساب، إلا أن واقع الحال قد أفاد بأن هذا الإخطار الشفهي كان بناء على طلب المحال الثاني بمناسبة وظيفته كمفتش مبيعات تسويق العملاء، وهو أمر لا يعد سرا من الأسرار التي يُحظر الإدلاء ببيان عنها للمحال الثاني بصفته، ومن البديهي أن يكون المحال على علم برقم الحساب المزمع تخصيصه لصالح الهيئة المذكورة إذ تُتخذ إجراءات إنشائه بالإدارة محل عمله وثابت بسجلاتها، فلم يرتكب والحال كذلك إفشاءً لسر وظيفي مقصور عليه أو على أعضاء الإدارة محل عمله دون غيرهم، ولم يكن لإدلائه به أو امتناعه عن هذا الإدلاء من أثر في ارتكاب باقي المحالين المخالفات المنسوبة إليهم، ومن ثم فإن إخطاره المحال الثاني بهذا البيان لا يعد خروجا على مقتضى الواجب الوظيفي
وأنتهت المحكمة إلى مجازاة المحال الأول فكري علي عبد الحافظ، بالوقف عن العمل لمدة ستة أشهر، وبمجازاة المحال الثاني أمجد عبد اللطيف إبراهيم، بخصم أجر شهر من راتبه، وبمجازاة المحالة الثالثة ناهد فتحي محمود، بغرامة تعادل مثل الأجر الوظيفي الذي كانت تتقاضاه في الشهر عند انتهاء خدمتها، وبمجازاة المحالة الرابعة ناهد عبد اللطيف عبد الحميد، بعقوبة اللوم، وببراءة المحال الخامس حاتم السيد سالم، مما نُسب إليه