الثلاثاء 4 يونيو 2024

أحزان الأحد الدامى

11-5-2017 | 09:54

بقلم : إقبال بركة

رغم فداحة الخسائر البشرية ووحشية جريمتى الاعتداء على كنيستين فى واحد من أهم أعياد إخوتنا الأقباط، فإن إيمانهم بالله لم يتزعزع، ووطنيتهم وانتماؤهم لمصر لم تنهار.

مازلت غارقة فى بحيرة الحزن التى سقطت فيها منذ أغار الشيطان على مصلين فى يوم أحد الشعانين  «الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِّما رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ » ليحول بينهم وبين عبادة الله.

وقد انتابتنى حيرة كبيرة، كيف يقتل من يدعى الإسلام أبرياء لا يعرفهم ولم يسيئوا إليه من قبل، يرتكب جريمته بدم بارد وإرادة شيطانية متناسيا أو جاها العديد من الآيات القرآنية التى تحض المسلمين على التسامح وبقوله تعالى: « لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ ن يَسْتَكْبِرُونَ وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِّما عَرَفُواْ مِنَ الحقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا  فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ » المائدة / 82 ، هذا هو الإسلام الذى نشأت عليه وآمنت به منذ نعومة أظفارى وأنا فى حى الظاهر تحيط بنا الكنائس والمساجد من كل جهة يحتضن بيتنا المسجد وتطل شرفاته على كنيسة المارونية، كان أبى شديد التدين ملتزما بكل تعاليم الإسلام ويصلى أغلب الفروض فى الجامع الملاصق لبيتنا، ورغم ذلك  لم أسمع منه كلمة واحدة تحض على كراهية الآخر، مسيحيين أو يهود، وكان يردد الآية الكريمة: «قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له  مسلمون « » سورة البقرة - الآية: »136 ، لذلك ألحقنى وشقيقتى بمدرسة «سان جورج » فى نفس الشارع، وألحق إخوتى بمدرسة «القديس يوسف المارونية . »

ارتكبت الجريمة البشعة قبل ثلاثة أسابيع على زيارة  البابا فرنسيس لمصر والقاهرة والإعان بأن الحبر الأعظم سيقيم قداسا في العاصمة المصرية بحضور البابا تواضروس الثاني، وأن شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب يرحب به وسسيستقبله فى المشيخة ! وفى يوم الأحد السابع والأخير من الصوم الكبير الذي يسبق عيد القيامة وفى تمام التاسعة صباحا، موعد بداية الطقوس، وحيث يجتمع أكبر عدد من المصلين داخل  الكنيسة لحضور طقس «المناولة »، وضعوا قنبلة موقوتة بين الصفوف الأولى بهدف الإيقاع بأكبر عدد من  الضحايا ومن بينهم كبار الزوار و «قِسِّيسِين وَرُهْبَانًا »!  وفى نفس اليوم وقبلها بدقائق وحال تواجد قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية داخل الكنيسة المرقسية بالإسكندرية لرئاسة الصلوات فى قداس أحد السعف، فشلت محاولة أحد الخونة الإرهابيين اقتحام  الكنيسة لتفجيرها بواسطة حزام ناسف بسبب شجاعة ضابط الشرطة المكلف بحراسة الكنيسة الذى احتضن المجرم ونُسف معه، واستشهدت ثلاث شرطيات شابات كن يحرسن الكنيسة ولم يصب البابا بسوء والحمد لله.

ورغم فداحة الخسائر البشرية ووحشية جريمتى الاعتداء على كنيستين فى واحد من أهم أعياد إخوتنا الأقباط، فإن إيمانهم بالله لم يتزعزع، ووطنيتهم وانتماؤهم لمصر لم تنهار، بل ازدادت استقرارا وتشبثا بأرض أجدادهم، وإذا كان الهدف الأساسى للقتلة السفاحين هو التنغيص على أهل مصر وبث الفرقة بين أبنائها وإثارة الذعر بين الأهالى فإن ذلك لم يتحقق، بل العكس هو ما ظهر للعالم أجمع، فقد تعمق الترابط بين أبناء الوطن الواحد، وتمسكهم ببعض، وازدادت  كراهية الجيل الجديد من الشباب والأطفال لذلك التنظيم البغيض.