الخميس 16 مايو 2024

نزار قبانى: لا تسألونى ما اسمه حبيبى؟!

11-5-2017 | 10:01

بقلم: إيمان حمزة

أدرك منذ صغره قيمة الكلمة ومغزها ومعنها، وقد اجتمع شعره على تحرير المرأة وتحرير الوطن، فالشعر عنده خبز يومى.

لا تسألونى ما اسمه حبيبى؟! ترونه فى ضحكة ورقة الفراشة.. فى البحر فى تنفس المراعى وفى غناء كل عندليب.. لا لن أبوح باسمه حبيبى.. كلمات تغنت بها قيثارة القمر وجارة الوادى فيروز بصوتها الملائكى.. تحلق بنا برهافة المشاعر بقصيدة نزار قبانى، شاعر مأ الدنيا برومانسية وجمال أشعاره عن المرأة والحب والوطن، غنى له العندليب عبد الحليم حافظ أجمل قصائده، من بينها قارئة الفنجان: قالت يا ولدى لا تحزن فالحب عليك هو المكتوب.. فحبيبة قلبك يا ولدى نائمة فى قصر مرصود.. من حاول فك ضفائرها مفقود مفقود مفقود يا ولدى، وغنت له صوت الحب نجاة: ماذا أقول له لو جاء يسألنى إن كنت أكرهه أم كنت أهواه.. وهل يملك الأمر تغييرا لمجراه، وغنت له الصوت الحالم ماجدة الرومى قصيدة الجريدة: كان هناك جالسا يطالع الأخبار.. يا ليت هذا الرجل المسكون بالأسرار فكر أن يقرأنى ففى عيونى أجمل الأخبار.. وبعد لحظتن غاب فى الزحام مخلفا وراءه الجريدة وحيدة.. مثلى أنا وحيدة!.

الحب عنده مملكة واحدة تمتد حدودها بن حب الوطن وتحرير الشعوب من الاحتال والاستعمار وظلم الطغاة.. وكان دائما ينادى بتحرير المرأة من استعمار الرجل فا حرية لأوطان تستعبد فيها المرأة، ونذر نفسه وأشعاره لإعادة الاعتبار إليها كإنسان وتصحيح علاقة الرجل غير الحضارية مع المرأة، وقد أدرك كل هذا فى صغره عندما صدمته فاجعة انتحار شقيقته الكبرى اعتراضا على زواجها قهرا برجل لا تحبه، وعندما تفجرت موهبته الشعرية هادرة قوية وهو لم يتعد السادسة عشر من عمره فجعل قضيته الأولى هى تحرير المرأة ومحاربة كل التقاليد التى قهرتها، كان ذلك فى الثلاثينيات من القرن الماضى ونادى بإعادة الاعتبار للمرأة فى كل نواحى الحياة والإيمان بقدراتها وإتاحة الفرصة لها فاعتبره المجتمع الولد الشرير الذى جاء ليثور على التقاليد، فاحبته المرأة لأشعاره التى غزت القلوب كما أحبه الشباب والرجال لأشعار الحب والوطن التى أثرت حياتنا بأكثر من 35 ديوانا من الشعر والنثر كأسطورة أدبية تهز الوجدان وتخرج عن المألوف لتحطم التقاليد.

ونزار قبانى الذى ولد مع تفتح الزهور وياسمين الربيع وبالتحديد مع عيده 21 مارس 1923 فاكتسب منها رومانسية المشاعر ولكنه تعلم أيضا فى صغره السياسة وحب الوطن من خال والده الذى اكتشف أنه يمتهن صناعة الحرية كثائر من أفراد المقاومة الشعبية ضد الاحتال الفرنسى.. فكان صانع الحلوى خطيبا مفوها يلهب حماس أهل الريف والأحياء فى حديقة بيته فى المدن المجاورة للثورة ليعتقله جنود الاحتال أمام عينا نزار فأدرك منذ صغره قيمة الكلمة ومغزها ومعنها، وقد اجتمع شعره على تحرير المرأة وتحرير الوطن، فالشعر عنده خبز يومى له ولكل الناس يتعلم منهم ويرى وجهه من خلالهم ليغير الناس ولا يتعالى عليهم، يعبر عن همهم وأفراحهم وأحزانهم وأحلامهم، ويقول عن نفسه أنا شاعر أواجه الناس ببساطتى وبخبزى الشعرى أدخل كل بيت عربى فى محاولة لرسم الابتسامة على القلوب والوجوه ولأحقق الانتصارات من أجل ملاين الشعب العربى، فالشعراء يحملون أوطانهم على أجنحة قصائدهم وفى قلوبهم وما أشقى الأوطان التى لا تحرسها كلمات الشعراء، فالوطن مكتوب فى دواوين الشعراء كالفرزدق وجرير والمتنبى وأبو تمام وأبو فراس الحمدانى وأحمد شوقى وغيرهم من الذين خلدوا تاريخ الوطن العربى بأشعارهم.. كما خلد شكسبير الوطن الإنجليزى، وخلد شعر فاليرى وبودلير ورامبو الوطن الفرنسى، وكما هو الحال للوطن الفارسى الموجود فى قلب رباعيات الخيام، فنادى كشاعر للعروبة ثائرا ضد احتال الوطن بكل أشكاله وهب بعروبيته غاضبا ينادى بقيام الشعب العربى من نومه الطويل لكسر كل القيود ليستعيد قوته وأمجاده، أحب مصر التى عمل بها فور تخرجه في كلية الحقوق بسوريا، وعمل دبلوماسيا لباده فى عواصم كثيرة حول العالم بن بيروت ولندن ومدريد وجنيف، وكان أولهم مصر عام 1945 ، فاعتبر القاهرة محطة التنوير والثقافة فى العالم العربى، وانتهت حياة حبه وعشقه لزوجته مع موتها فى انفجار السفارة العراقية لتزلزل كيانه ويرثيها بقصيدته الشهيرة «بلقيس » ليعتزل الشعر الرومانسي مع رحيلها، واتجه إلى جنيف ثم لندن متفرغا للشعر السياسى ويرحل عن دنيانا فى 30 أبريل 1998 فتحية حب وتقدير لنزار قبانى الذى خلدته أشعاره.