الأحد 19 مايو 2024

رانيا محمود ياسين: أبي "فنان" ولم يحب كلمة "نجم".. أسرار تكشفها ابنته لأول مرة

الفنانة رانيا محمود ياسين ومحمود ياسين

فن3-6-2021 | 19:47

ولاء جمال

فى أول ذكرى لميلاد الفنان محمود ياسين كشفت ابنته الفنانة رانيا محمود ياسين لـ"بوابة دار الهلال" أجمل تفاصيله الإنسانية والفنية، وأقرب أفلامه إلى قلبه.

وتقول رانيا: "كان عنده لمسات رقيقة يفاجئنى بها لا أتوقعها؛ مثلا من ضمن الأشياء عندما يكون معى مصروفى وذاهبة إلى الجامعة أجده يجرى ورائى ويقول لى "خدى خدى خلى الفلوس دى معاكى"، أقول له: يا بابى أنا معايا مصروفى وكله تمام. يقول: "لأ معلش علشان لو حاجة إتعرضتى لها.. لو بنزين أو ما شابه"، ويكون هذا من وراء ماما، لكن "لهفته" و"جريه ورايا" وهو يعلم تماما أن معى ما يكفينى.. كانت لمسات جميلة منه.

وعن أكثر الأشياء التى زرعها فى رانيا تقول: جبر الخواطر.. والدى كان بيجبر بخاطر كل الناس، وعمرى ما شاهدته "زعّل" إنسان أو "كسفه" عندما جاء يطلب منه شيئا، فى البيت تعاملاته مع الناس العادية بجبر خاطر وتواضع مفرط.

وعن استيائه من بعض الأحوال التى طرأت مؤخرا على الوسط تقول رانيا: من مثالياته المفرطة جدا أنه لم يكن يصدق مثل هذه الأخلاقيات السيئة أساسا، فإذا قلنا له حدث كذا يقول "لأ.. مش معقول أكيد إنتم فهمتم غلط"، وعندما نؤكد له يقول "أنا قرفت جدا من اللى بتقولوه ده، يستحسن إن الذى أسمعه هذا لم يحدث وليس حقيقيا".. وتتابع رانيا: وعندما كنت أقول له فلان يأخذ أجر رقمه كذا.. يقول "إيه الأرقام دى"، فهم كجيل لم يكونوا حتى يتخيلوا هذه الأرقام التى يحصل عليها الشباب الجدد بالملايين، لأنه أحيانا يجد ممثلا نجح له فيلم أول ويحصل فى فيلمه الثانى على رقم خيالى بالنسبة له هذه مهنة نعم الناس تأخذ منها فلوس والفنان لابد أن يحصل على أجر جيد، لكن لم يكن يتخيل أن فى نجوم تأخذ أرقاما خيالية لايستوعبها عقله، لأن هذا الجيل تعب كثيرا وبنى نفسه طوبة طوبة فكان يفاجأ بهذه النقلة للنجم من فيلمه الأول لفيلمه الثاني.

وتتابع رانيا: هو كان عنده مثاليات مفرطة لأنه يحترم جدا الفن وحتى أنه كان يقول لي: كلمة "التمثيل" جاءت من مثل فيقول رب العالمين فى القرآن الكريم "ضرب الله مثلا ما بعوضة" وهكذا.. ففكرة التمثيل آتية من فكرة المثل.. إنك تمثلى شيئا بشىء، وكان يقول لى "أنا لا أحب شخص يستهتر بفكرة إن هذا الشخص ممثل.. لأن ربنا خلقنا أدوات لنمثل شخوصا تفيد الناس والمجتمع وتعطى جرس إنذار للناس أن هذا الشخص الذى تمثله نموذج جيد أو سيئ، أو هذا نموذج لابد أن نحذر منه، مما يعنى أن فكرة التمثيل عند والدى لها معنى عميق حتى أنه كان يكره كلمة "نجم"، كان يقول لى "أنا لا بحب النجومية ولا النجمكة، أنا أحب كلمة الفنان محمود ياسين أعتز بكلة فنان من أى شيء آخر". كان له مبادئ واحترام للمهنة ليس عاديا، وينظر لها نظرة على أنها رسالة فيها إخلاص وتفانٍ وعطاء وليس فكرة نجومية من الخارج وفقط.

وعن الأفلام تقول رانيا: حتى الأفلام التى كان يحبه الناس فيها والتى بها فتى الشاشة الأول والرومانسية لم تكن قريبة منه، ولكنه كان يحب الأفلام السيكو مثل "سونيا والمجنون" أو "على من نطلق الرصاص" و"الشريدة" و "الوهم"، وكان يعشق أفلام "أين عقلى" و"مع سبق الإصرار" و"الجلسة سرية"، هذه نوعية الأفلام التى كانت غالية على قلبه والتى بها الكاركتر الصعب.

توضح رانيا: والدى كان عنده جانب من الثقافة والنضج الكبير ولا أعلم هل كان هذا عشق للثقافة.. بالتأكيد هذا الجيل كله مثقف لكن والدى كان مولعا بالثقافة، فكانت القراءة أكبر متعة بالنسبة له.. لو جلس يقرأ بالأيام لا يمل، وكان يأتى بالعشرين جريدة فى البيت وبلغات مختلفة مثل الأهرام ويكلى ويقرأها جميعا، ولأنى كنت فى كلية آداب قسم لغة إنجليزية كان يقول لى "أنا جبتلك الأهرام ويكلى علشان الترجمة"، وهو يكون قرأها وظل يقرأ كل هذا الكم الكبير من الجرائد لفترة قريبة جدا، فهو كان مولعا بالثقافة والإطلاع ويهتم جدا باللغات وهذا من أسباب أنه لم يجعلنى أدخل "معهد فنون مسرحية"، لأنه كان يريد أن أحتفظ باللغة، وقال لى "أدخلى آداب إنجليزى وسوف تدرسين أدب ونقد ومسرح ولن تكونى بعيدة عما يدرسونه لكن باللغة الإنجليزية".

وعن طقوسه فى عمله تقول رانيا: أولا السيناريو الخاص به ليس به أى مكان فاضى من كم الملاحظات التى يكتبها لنفسه على هوامش السيناريو، وقد عملت معه فى مسلسل "العصيان" وكان مثل التلميذ الشاطر الذى يطلقون عليه كلمة "دحاح" ويلقبونه بـ"الحوت" لأنه يذاكر بشكل جيد جدا، ذلك غير احترامه والتزامه كان "حفّيظ" يقف "يكر" مشهد بالثلاث صفحات وباحترافية وتقل ومخارج ألفاظ واضحة إلى هذا الحد كان " صنايعى " محترف مجرد قطع الكاميرا عليه يكون داخل الشخصية. عن إنسانياته تقول رانيا... كان يتعامل بأدب شديد إذا ناولته مجرد كوب ماء يقول لى " حبيبتى ربنا يخليكى الله يحفظك..الله بحفظك " فأقول : يابابى دى مجرد كوباية مياه، وإذا قدمت له شاى مثلا أجد إمتنان فوق الوصف " ياحبيبتى أنا تعبتك معايا " فهو يتعامل مع الناس بإنسانية مفرطة، مثلا فى آخر سنتين إذا خرجت والدتى وأنا جالسة معه أقدم له الأكل يقول" إنتى جيتى من بيتك وعملتيلى الأكل...!! وياترى بقى الأكل ده إنتى جايباه من بيتك ولاعملتيه هنا " فأقول له " والله ياحبيبى من بيتكم " فيرد قائلا " طب إنتى كلتى " فأقوله آه، فيقول لى " لاء أنا مش هاكل إلا لما أشوفك بتاكلى " ويظل يقول لى إيه اللى جابك وتعبتى نفسك ليه وليه لازمتها.

ونحن بالأساس نسكن بجانب بعض أنا بمر من بين البيتين بالبيجامة يحسسنى إنى فتحت عكا لأنى أحضرت له طعام والدتى أساسا التى جهزته قبل أن تخرج مجرد قدمته له، هو كان يحب أن لايتعب أحد على الإطلاق مثلا المساعدة عندنا فى البيت لكن أجده يأخذ قميصه ويكويه وأقول " يابابا خليها تكويه لك.. فهى بتعرف تكوى " فيقول " لاء..لاء.. أنا أحب أعمل حاجتى بإيدى " وأجده ياحبيبى يقف يتصبب عرقا ويكوى، كل شيء كان يعمله لنفسه، أنا إبنته وكان يتضايق جدا إذا أحضرت له شيئا ولاحتى التى تعمل معنا فى البيت كانت تقول له: يا أستاذ أعملك كذا... فيقول " ياستى كتر خيرك..كتر خيرك..كتر خيرك".

تروى رانيا عن الفترة التى كان الفنان محمود ياسين فيها مدير المسرح القومى وتقول... عندما كنت أدخل القومى كنت أشعر أن جدران المكان والطاقة التى به تحب محمود ياسين وقلت له هكذا فى إحدى المرات فقد روى لى المخرج عصام السيد أنه عندما كان مديرا للمسرح القومى ويأخذ راتبه كان لايخرج محمود ياسين من باب القومى إلا وراتبه عن آخره وزع على الناس، كل العمال والموظفين يعشقون محمود ياسين ويحلفون به وبأخلاقه. وكان دائما مايكتب على لافتات العرض كامل العدد فكانت فترة مزدهرة جدا للمسرح القومى.      

الاكثر قراءة