أثرت مواقع التواصل الاجتماعي بشكل كبير على المجتمع المصري، خاصة بعد انتشرت انتشارا موسعا لدى الشباب والأطفال، التي كان لهم النصيب الأكبر في الاشتراك بها أو تحميلها على هواتفهم المحمولة، وجاء في مقدمة هذه البرامج الـ«تيك توك»، الذي يعد أحد أهم التطبيقات بالنسبة للشباب في الوقت الحالي، لأنهم يستخدمونه في بث فيديوهات عبر مواقع التواصل، تربح هذه الفيديوهات من خلال اليوتيوب وتدخل لهم أرباحا كثيرة، في ظل عدم وجود قيود تحمي الأسر المصرية من انتشار هذه التطبيقات.
لها تأثير على الشباب
قالت النائبة ابتهاج أسامة، عضو مجلس النواب، إن انتشار برامج التيك توك وما شابهها على وسائل التواصل الاجتماعي كانت لها النصيب الأكبر في التأثير السلبي على الشباب الذى أصبح كل ما يشغله هو تحقيق مكاسب سواء كانت مادية أو تحقيق شهرة، لافتة إلى أن وجود تلك البرامج بمثابة قنبلة موقوتة داخل كل بيت يسمح بتداول مثل هذه البرامج غير الهادفة بالمرة، مشيرة إلى أن تلك التطبيقات تلعب بعقول الأطفال والشباب وتغير المفاهيم والمعتقدات التي نشأنا عليها.
وأضافت عضو مجلس النواب، في تصريح خاص لـ«دار الهلال»، أن تلك البرامج بدأت بلعبة تجذب أطفالنا وتحقق لهم هوس الشهرة الذى بات يلاحق كل طفل وشاب هذه الأيام، لافته إلى أن تلك التطبيقات صممت في الأساس لكشف كل ما هو داخل البيت، حيث يقوم الشاب بتصوير نفسه وعمل فيديو يتحدث فيه عن تفاصيل حياته بكل مكان داخل البيت، مشيرة أنه يقوم باستخدام ألفاظ ومصطلحات غير لائقه لتحقيق تواجد وانتشار، مشيرة إلى أن ذلك ساعد على إنشاء جيل تافه بفكر سطحي كل أفكاره متجهه لقصات الشعر، واستعارة ألفاظ غريبة عن مجتمعاتنا، وبالتالي خلق طرق مبتكرة لارتكاب الجرائم بكافة أشكالها، مؤكدة أن الحد من انتشار تلك التطبيقات ووضع القيود التي تقنن استخدامها امر حتميا لا يحتمل التأجيل، ولعل البداية يجب أن تكون من الأسرة.
السبب الرئيسي في المشاكل
قال الدكتور تامر عبد المنعم خبير تكنولوجيا التعليم والتنمية المهنية، إن مواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي غيرت الكثير من المفاهيم والسلوكيات لدى جميع المجتمعات على اختلاف مستوياتها الاجتماعية والاقتصادية والحضارية، لافتا أن الهدف منها هو سهولة التواصل بين الأفراد المتباعدين جغرافيًا وحل مشكلات المسافات بين البشر بغرض الاطمئنان على ذويهم، أو مشاركة الأحداث الشخصية، حتى كانت السبب الرئيسي في بعض المشاكل التي تواجه المواطنين في حياتهم اليومية.
وأكد عبد المنعم، خلال تصريح خاص لـ«دار الهلال»، أن تطبيقات التواصل الاجتماعي ومواقعها بمسميات مختلفة وما لبث أن اختفى بعضها وانتشر البعض الآخر حتى اشتهرت مواقع، مثل: الفيس بوك وتوتير وغيرها من البرامج التي كان انتشارها سبب في العديد من المثالب والمشكلات، من ضمن ثوراتها التي أثرت سلبًا بشكل كبير تطبيق مقاطع الفيديو القصيرة تيك توك، الذي انتشر كالنار في الهشيم، وأصبح المنصة الأشهر لنشر الفيديوهات التافهة أو البذيئة أو التي تؤثر على أخلاقيات قطاع كبير من صغار السن من خلال الألفاظ والمشاهد غير الأخلاقية.
وأشار إلى أن تربية الأطفال ونموها لم تصبح بيد الأسرة والمدرسة والمسجد أو الكنيسة، والنادي وجماعات الأقران ووسائل الترفيه مثل التليفزيون والإنترنت، بل أصبح في يد مواقع التواصل الاجتماعي التي فيها من المشكلات أكثر من الإيجابيات، مؤكدا أنه يجب أن يكون هناك تحرك سريع من كل الكيانات والمؤسسات الحكومية والمجتمعية، بل والدولية لحماية أبنائنا وتسليحهم ضد الأفكار والمعتقدات التي قد تسلبهم روحهم وأمنهم النفسي والعقلي والاجتماعي والديني وتسلخهم من مجتمعاتهم التي يعيشون فيها.
تحقيق مكاسب مادية
قال الدكتور أحمد مهران مدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية، إن انتشار برامج الفيديوهات مثل «تيك توك» وما شابهها أثرت سلبيا على المجتمع، لافتا أن معظم من يستخدم هذه البرامج والتطبيقات هم الجيل الجديد تحت 18 عاما، حيث تقوم هذه الفئة بتصوير فيديوهات بعضها يكون غير لائق لاستخدامهم ألفاظًا خارجة في محاولة منهم لجذب أعلى عدد من المتابعين، ومن ثم تحقيق مكاسب مادية سريعة وسهلة.
وأضاف الخبير القانوني لـ«دار الهلال»، أن هذه البرامج أصبحت وسيلة الثراء لدى البعض من محترفي تصوير الفيديوهات، حيث يقومون بإنتاج فيديوهات مثيرة للجدل، وبالتالي يحقق أكبر نسبة مشاهدة لتحقيق أعلى المكاسب قد تصل لآلاف الدولارات، لافتا إلى أنه للأسف القانون المصري لا يملك التصدي لهذه النوعية من المواقع والبرامج، مشيرا إلى أن هناك اتفاقيات وقوانين دولية تدير عمل هذه المواقع، موضحًا أنه إذا كان القانون المصري يستطيع ذلك فكان من الأحرى حجب المواقع الإباحية، فالمشرع المصري لم يستطع ذلك لأنه مرتبط باتفاقيات دولية وحقوق ملكية.
وتابع: تطبيق «تيك توك» وأشباهه وجدت سوقا كبيرا بمصر، ولا تستطيع أي حكومة أن تمنع ترويج أو تداول أو بيع أو عرض أو حذف هذه البرامج لمن يحملها على تليفونه، مؤكدا أنه يجب أن يكون دورنا لمواجهة تلك البرامج بالتوعية المستمرة للأبناء بالبعد عنها، وعدم الانسياق وراء المحتوى التي تعرضه، لافتا إلى أن فكرة حذف البرنامج نفسه من محركات البحث ممكن، مثلما أغلقت السعودية «فيسبوك»، فلا تستطيع أن ترى التطبيق على محركات البحث، لكنه وللأسف من الصعب تحقيق ذلك وفقا للاتفاقيات المبرة بين الحكومة والشركات المالكة، فضلا عن أن هناك مؤسسات تدير هذه البرامج وتحقق لها انتشارًا، وبالتالي زيادة في كمية الإعلانات التي تروجها تلك البرامج وفقا لنسب المشاهدة.