قوت القلوب الدمرداشية هي ابنة لأحد شيوخ التصوف فى مصر مؤسس الطريقة الدمرداشية عبد الرحيم الدمرداش ، ولدت السيدة قوت القلوب عام 1892، وتوفيت عام 1968 فى إيطاليا، وترجع أصول قوت القلوب إلى المماليك الذين عاشوا فى مصر وأصولهم من القوقاز.
ساهمت قوت القلوب ووالدها عبد الرحيم الدمرداش، في التبرع بالمال اللازم لبناء مستشفى الدمرداش الشهيرة في مصر، كما أن الأرض التى تقع عليها جامعة عين شمس الحالية جزءً من أوقافها.
كانت السيدة رغم تربيتها الدينية المحافظة، لكنها كانت غاية فى التفتح والرؤية التقدمية، فكانت تهتم بالفنون والآداب والموسيقى، كما كانت تحب السفر والرحلات، وتقضي إجازاتها السنوية فى أوروبا بين فرنسا والنمسا.
أحبت رجلا كان أقل منها فى المكانة الاجتماعية وتزوجته، إلا أنها اشترطت لنفسها حق العصمة؛ أى تطليق نفسها منه أنى تشاء، ولم يستمر زواجها طويلا، وأنجبت من زوجها ثلاثة أبناء وابنة واحدة، وحرصت قوت القلوب على تعليم أبنائها تعليما جيدا.
تعد "قوت القلوب" من أوائل سيدات المجتمع المصري اللائي اهتممن بالثقافة والأدب، وفتحت بيتها لكل أبناء المجتمع البارزين من الرجال والنساء، لتكون صالونا أدبيا عُرف باسمها.
مات والدها وترك لها ميراثا ضخما والمستشفى الخيري المعروف بمستشفى الدمرداش، التي اشتهرت بعلاج فقراء مصر، وقامت " قوت " بمواصلة مشوار أبيها الخيري، وتبرعت لتلك المستشفى الشهيرة بما يعادل 50 ألف جنيها من الذهب، كما كانت تتبرع بألف جنيه سنويا لكلية طب عين شمس للإنفاق على البحوث التى كان يجريها الدكتور "بول غليونجى" على الغدد الصماء.
فتحت "قوت القلوب" مكتبتها الخاصة التى تضم 8 آلاف كتاب لطلاب الجامعة، وكانت تنفق على بعض الطلاب لإتمام تعليمهم، وتبرعت بألفى جنيه لإنشاء مكتبة طبية فى مستشفي الدمرداش .
وكانت تقوم بطبع بعض الكتب على نفقتها، كما كانت تخصص جوائز للمبدعين من شباب الأدباء، وأوقفت جزء من أموالها كجائزة أدبية، نالها أديب مصر العالمى "نجيب محفوظ" فى بداياته وقيمتها عشرون جنيها.
ويذكر أن الغرب عرف "قوت القلوب" ككاتبة وروائية مصرية وذلك حين بدأت كتاباتها في سن 45، وقد نشرت كتابها الأول عن دار المعارف باللغة الفرنسية في عام 1937، تحت عنوان «مصادفة الفكر»، وفى العام نفسه نشرت روايتها "حريم" دار جاليمار الكبري وهى الدار نفسها التى نشرت فى العام نفسه ترجمة "الأيام" للدكتور طه حسين .
ونظرا لكون أعمالها الأدبية باللغة الفرنسية والتى كانت تجيدها العائلات الأرستقراطية قبل يوليو 1952، فكان ذلك سببا في كونها أديبة مغمورة على المستويين العربي والمصري، رغم ما تحظى به أعمالها من اهتمام في العالم الغربي.
تُرجمت روايات "قوت القلوب" إلى لغات عالمية عديدة، منها الألمانية والإنجليزية ومن أعمالها "حريم" 1937، "زنوبة" 1947، "ليلة القدر" 1954، "رمزة" 1958، "حفناوى الرائع".
عندما قامت حركة يوليو 1952 كانت السيدة لا تزال علامة بارزة في مجال أعمال البر والخير، وكانت من أبرز مؤيدي حركة يوليو من الأرستقراطيين، إلى أن حركة يوليو اتهمتها بتهريب مائة ألف جنيه من أموالها وتم هدم قصرها بميدان التحرير.
وجدير بالذكر أنها لم تجد مفرا سوى الهجرة إلى إيطاليا، إلى أن توفيت في روما عام 1968.