على مدار السنوات الماضية انتشرت العديد من الفيروسات في جميع الدول العربية والأوروبية، أخر هذه الأوبئة كورونا والفطريات بكافة أنواعها التي أصابت ملايين المواطنين ووفاة الكثيرين منهم، ما دفع البعض على مواقع التواصل الاجتماعي أن الساعة قد اقتربت نتيجة هذه الفيروسات، وذهب عن ذهنهم أن الفيروسات والأوبئة موجود من قديم الأزل، وكانت في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم، والأنبياء والرسل ضربوا أروع الأمثلة في طريقة التعامل مع هذه الفيروسات، وليس من حق المرء التدخل في تدابير الله عز وجل، فلله في خلقه شؤون، لا نعلم عنها شيئ، وأن الإنسان خُلق للعبادة وإطاعة اؤمر الله، والبعد عن طريق الشيطان.
التفكير في الرجوع إلى الله
قال الدكتور خالد البكري أستاذ الفقه والشريعة بجامعة الأزهر، إن الابتلاءات التي تصيب الإنسان تجعله يفكر في الرجوع إلى الله وإعادة ترتيب حياته بالشكل الذي يرضي الله سبحانه وتعالى، لافتا إلى أن هذه الابتلاءات ليست بالضرورة أن تكون عقابا، فقد يعطيها الله للإنسان ليعلو قدرة ويزيد إيمانه، أو ليمحو ذنوبه بالصبر عليها، فكل عطايا الله خيرًا.
وأضاف أستاذ الفقه في تصريحات لـ«دار الهلال»، أن الأوبئة والفيروسات لا تمثل ابتلاء بالمرة، فهي منتشرة منذ بدء الخلق، لافتا أن الأنبياء والرسل ضربوا أروع الأمثلة في طريقة التعامل مع هذه الفيروسات، مشيرا أن المرء ليس من شأنه التدخل في تدابير الله عز وجل، فلله في خلقه شؤون، لا نعلم عنها شيئ، وأن الإنسان خُلق للعبادة وإطاعة اؤمر الله، والبعد عن طريق الشيطان، وأن كل ما يدور في عقل الإنسان من أفكار سلبية هي وساوس من الشيطان، لينحرف به لطريق الضلال، فلا علاقة لنا بعلامات الساعة.
علامات الساعة
وأوضح أن لكل إنسان ساعة قيامة صغرى وهي لحظة وفاته، يجب أن يعمل لهذه اللحظة، لافتا أن الإنسان إذا وفاته المنية فماذا ينفعه الأوقات التي ضاعت في التفكير بعلامات الساعة فالوقت الذي يضيعه المرء في غير الاجتهاد لرضا الله، يُسأل عنها أمام الموقف العظيم، أن سعي الإنسان الدائم للتعلم بما يفيد الناس هو أنفع العبادات، وهذا ما يحث عليه الإسلام، حيث وصف رسولنا الكريم صل الله عليه وسلم، «العلماء بأنهم ورثة الأنبياء، وأمة يملئاها علماء يفيدون ويعمرون في الأرض أفضل آلاف المرات من أمة بها أناس يتعبون لله فقط، وأن كل ابتلاء يصيب الإنسان هو اختبار من الله له ليرفعه بها درجة.
موجوده منذ قديم الأزل
قال الدكتور سالم عبد الجليل أستاذ الثقافة الإسلامية بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، إن كل الفيروسات موجودة في العالم منذ قديم الأزل، وستظل موجوده ولا ينبغي أن نبالغ في كيفية وجودها ونردد أنها من علامات الساعة، لافتا أن علامات الساعة لا تعد ولا تحصى فهي كثيرة جدا، وبعضها ظهر أيام بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم، فمسألة الوقوف أمام الأشياء العديدة التي تحدث في حياتنا من ظهور فيروسات وغيرها هذه من الأمور التي بها بشكل كبير وتحميل الأمور مالا تحتمل.
وأضاف أستاذ الثقافة الإسلامية، في تصريح خاص لـ«دار الهلال»، أن الفيروسات موجودة وستظل موجودة إلى أن تقوم الساعة وهذا شيئ طبيعي، لافتا إلى أن الذي يفرق بين المسلمين وغير المسلمين هو أن المسلمين يدركون جيدا أنه لمواجهة هذه الفيروسات تحتاج إلى معالجة معنوية أكثر من احتياجنا للمعالجة المادية، لافتا أن المواجهة المعنوية هي التقرب إلى الله سبحانه وتعالى بالاستغفار، والدعاء ولا يلغي هذا أن نجتهد بالاكتشاف وبالبحث عن العلاج والأدوية التي نتقي بها مخاطر هذه الأوبئة.
محاصرة هذه الأوبئة
وأشار إلى أنه قد سبقنا العالم الغربي في ذلك بدليل أن اللقاحات التي يتداوى بها الناس هذه الأيام في العالم العربي والإسلامي غالبها من الغرب أن لم تكن كلها، وبالتالي علينا أن نجتهد بالبحث العلمي حتي يكون لنا سبق في محاصرة هذه الأوبئة وعلاج هذه الفيروسات ونضرب المثل للعالم أننا كأمة إسلامية نستطيع أن نقدم لهم ما يحتاجون آليه لمواجهة تلك الفيروسات، ولا يفيدنا أو يفيد العالم في شيئ أن نقف ونتسأل هل هذه من علامات الساعة أم لا؟، موضحا أنه يجب أن ننتبه كمسلمين في البحث عن علاجات وكل ما هو مفيد للبشرية، ويكون لدينا سبق في هذه الأمور، فضلا عن الجانب المعنوي الذي سبق وأن أشارنا إليه وهو التقرب إلى الله بالدعاء والاستغفار لعل الله سبحانه وتعالى يرفع عنا هذا البلاء.