الإثنين 29 ابريل 2024

..وسقط "برقع الحيا"

مقالات6-6-2021 | 12:18

لم يكن إعلان الإخوانى "منصور عباس" تحالفه مع ائتلاف لحكم دولة الاحتلال مفاجئا، بل استقبلته بالحبور واستلقيت على أريكتى مزهواً استرجع تلك الأيام التى سبقت ثورة المصريين على تنظيم الإخوان المسلمين فى الثلاثين من يونيو، وكيف كانت أياما عصيبة أتعبت الروح والعقل، وهو يفكر فى كيفية الخلاص من هذا الفخ الكبير المحكم الذى التقمه البعض عقب أحداث 25 يناير.

كانت أياما تمتلئ بالغربة العميقة عاشها كل مصرى حر، وهو يرى تزاحم الكلاب للتراقص على جثة الوطن، لكن لم يغادرنا الأمل ونحن نتابع الأحداث المتلاحقة بأن ما نعيشه مجرد كابوس سنصحو منه وتعلقت القلوب مترقبة نهايته.

كان القلق عميقا ونحن نرى من يحاول تمزيق وحدة المصريين ويغير الشفرات الوراثية لحياتنا، ولا أنسى إقبال المصريين على توقيع استمارة "تمرد" فى كل شوارع مصر، وكيف تصاعد الحراك الشعبى دون تردد غير عابئ بتهديدات أولئك المستأجرين الذين ظنوا أنهم قادرون على تعليم المصريين الخوف.

 إن ما فعله الإخوانى "منصور عباس" لم يكن إلا حصادا لعظمة الثلاثين من يونيو وأثرها العميق الممتد داخل نفوس كل إخوانى، فلم يعد مجديا بعد السقوط المدوى ممارسة دور المهادن أو الراغب فى تطبيق شرع الله أو الانتصار للضعفاء فى الأرض، تلك المزحات الإخوانية التى كانوا يوزعونها فى خطاباتهم لاستمالة الناس، فهم اليوم وهم يضعون أيديهم فى يد حكام إسرائيل تخلوا عن رداء الخداع، وبات من الطبيعى وفقا لانتهازيتهم التى يرضعونها صغارا أن يفعلوا كل ما هو ممكن من أجل الثأر من المصريين الذين أسقطوا حلم عمرهم وهو حكم مصر، ومن هنا لم يعد لـ"برقع الحيا" أية وظيفة أو نفع.

من هنا تذكرت ذلك الزحف المقدس فى ميادين 30 يونيو فى كل ربوع مصر، تلك الخطوات التى حفتها السماء برعايتها وقدر الله لها أن تكون رمزاً لحفظ الله مصر وأهلها.

وأتذكر كيف ذاب الجميع عشقا فى حب مصر وكيف ساند بعضنا بعضا للتحرك، وكيف تزينت الشرفات بأعلام مصر وتزاحم هتاف تحيا مصر فى عنان السماء، وأتذكر الشيوخ والعجائز وهم يضعون "الكنبة" أمام البيوت للمشاركة والإعلان مجددا للجميع أن من يظن أن مصر ستخضع يوما لفرض الأمر الواقع هو واهم أو مخبول.

إن ما فعله الإخوانى "منصور عباس" هو نموذج مصغر مما كان سيحدث فى الخفاء من هذا التنظيم الفاجر الذى لا يراعى ولن يراعى فينا يوما إلاً ولا ذمة إن استمر فى حكم مصر.. ومن سخرية القدر منهم أنه فى اليوم الذى يهرول الإخوان إلى أحضان الكيان الصهيونى تهرول مصر لنجدة الأشقاء فى فلسطين، وشق غبار الصمت هدير آلات التعمير المصرية إلى أرضها وكلى ثقة بأن موجات 30 يونيو ستواصل المسيرة لتغير وجه الحياة فى غزة، ومن هنا سيتاح للأشقاء فى غزة أن يقارنوا بين من يتاجر بآلامهم ومن يسعى إليهم بصدق ومعقولية، وسيأتى اليوم الذى سيطارد فيه الفلسطينيون كل تلك تنظيمات الداخل التى سيدركون أنها ما هى إلا أذرع لأجندات تصفية حسابات دولية يدفع فاتورتها الباهظة من دمائه أبناء فلسطين بل والقضية برمتها.

كان أهالى غزة لفترة طويلة يرفعون صور الزعيم الراحل جمال عبد الناصر فى كل محنة تلم بهم، ولم يكونوا يرفعونها عشقا فى مصر بل كانوا يرفعونها لإلقاء اللوم على مصر فى فترات سابقة تم الترويح فيها من قبل تلك التنظيمات أن مصر باعتهم ولا تكترث لمعاناتهم، لكن مصر قبل 25 يناير ليست هى مصر اليوم بعد الثلاثين من يونيو، فقد طهّرت مصر ساحتها وشقت بصبر أبنائها طريق بناء الدولة القوية القادرة على تقديم إنجاز حقيقى على الأرض وليس مجرد "جعجعة" أمام الكاميرات.

رفع الغزاويون صور الرئيس السيسى وليس أحدا آخر، لأنهم اليوم أكثر قدرة على الفهم والتمييز، فاليوم أدركوا من هو القادر على مساندتهم، وأن هؤلاء الذين يزرعون بينهم الكراهية ضد مصر ما هم إلا انتهازيون حقراء أضاعوا عليهم عقودا كانت كفيلة أن تضعهم فى مكان أفضل بكثير.

إن من حق كل مصرى ومصرية شارك فى ثورة الثلاثين من يونيو ونحن نحتفل بذكراها هذه الأيام أن يقر عينا بتحركه التاريخى فى ذلك اليوم الذى لم يكن فارقا فى حياة المصريين وحدهم بل فى مسيرة أمة بأسرها، بات لزاما عليها اليوم أن تستمد من تحرك المصريين فى ذلك اليوم قوة دافعة للانضمام إلى موجات هدير الثلاثين من يونيو يوم النصر الكبير.. أما "منصور عباس" ومن على شاكلته فسيطويهم النسيان وتلاحقهم اللعنات.

Dr.Randa
Dr.Radwa