وجه عبوس متهكم، يرتدي طربوش وبذلة وكرافتة يمشي يسخر من كل شيء حوله حتى نفسه، تملكه الفن من رأسه حتى أغمص قدميه، ما إن يقف على المسرح الذي يعشقه حتى تضج الصالة بالضحك، هو "حسن عاشور أبو طبق" الفقير الذي يبحث عن وظيفة ويقع في حب "لعبة"، وهو "حمام" مدرس اللغة العربية الذي يقف الحظ بجانبه ويعمل مدرس خصوصي لـ"ليلى" ابنة الباشا، هو أحد أهم فناني الكوميديا في تاريخ الفن المصري، أطلق عليه الكاتب المسرحي الفرنسي "أندريه جيد" لقب "موليير العرب"، هو الذي يضحكنا ويبكينا، الفنان نجيب الريحاني الضاحك الباكي.
اسمه "نجيب إلياس ريحانة" ولد في 21 يناير 1889 لأب مسيحي عراقي الأصل يعمل في تجارة الخيول، وأم مصرية من صعيد مصر أسمها "لطيفة"، وعاش في درب مصطفى بحي باب الشعرية، وأثر الحي الشعبي بشكل كبير في تشكيل شخصية "الريحاني"، التحق بمدرسة الفرير وتعلم الفرنسية، وبعد تخرجه عمل في بنك التسليف الزراعي، كان حلم التمثيل يراوده، ومن خلال فرقة الهواة زاول هواية التمثيل، والتحق بفرقة أسكندر فرح ثم تركها وكون فرقة خاصة بعد أن حول جراج الشانزليزيه بالفجالة إلي مسرح، وكانت أولى مسرحياته "خلي بالك من إيميلي" من إخراج عزيز عيد.
تعرف الريحاني في طريقه على بديع خيري وكانت نقطة تحول في حياته وكتب له مسرحية "على كيفك" والتي لاقت نجاحا كبير، وكرر التعاون معه في عدة مسرحيات أبرزها" الدنيا لما تضحك، حكم قراقوش، مشمش، الدلوعة"، وفي رصيده 33 مسرحية لعل أبرزها" الستات مايعرفوش يكدبوا، حكاية كل يوم، إلا خمسة، حسن ومرقص وكوهين، تعاليلى كشكش بك في باريس".
قدم الريحاني للسينما 10 أفلام ظهر في معظم أعماله بوجه عبوس متهكم، ويسخر من كل شيء حتى نفسه كان أولها "صاحب السعادة كشكش بك" 1931، وتوالت أعماله منها "أبو حلموس" 1947 للمخرج إبراهيم حلمي، و"سي عمر، لعبة الست"، سلامة في خير، أحمر شفايف".
كان آخر أعماله فيلم "غزل البنات" 1949 مع ليلى مراد، والفيلم إنتاج وإخراج أنور وجدي، وجسد دور "حمام" مدرس اللغة العربية والذي يعاني من سوء الحظ، حتى تأتيه الفرصة ليعمل المدرس الخصوصي لـ "ليلى" ابنة الباشا الثري.
كان الريحاني في الحياة شخصا انطوائيا وخجولا، وتزوج من الراقصة السورية الشهيرة "بديعة مصابني" وانفصل عنها، وتزوج من الألمانية "لوسي دي فرناي" وأنجب منها ابنته "جينا"، في أيامه الأخيرة أصيب بالتيفود الذي قضى عليه ليرحل عن عالمنا في 8 يونيو 1949، لم يكن نجيب الريحاني ممثلا يضحكنا ويبكينا ولكنه أحد أهم فنان كوميدي في تاريخ الفن المصري، وترك بصمة في الكوميديا تجعلنا نضحك كلما مر من أمام الشاشة.