الأربعاء 27 نوفمبر 2024

مقالات

الهوية المصرية والابتكار

  • 8-6-2021 | 13:17
طباعة

يعد الابتكار والإبداع أهم عناصر التنمية الاقتصادية في المستقبل، وفقاً لهارفارد بيزنس ريفيو يُعرف الابتكار (Innovation)  على أنه خلق قيمة من خلال تطبيق حلول جديدة لمشاكل ذات معني وينظر إلى الابتكار على أنه تطبيق لحلول أفضل وغير تقليدية ويتم الابتكار من خلال توفير منتجات وعمليات وخدمات أكثر فعالية .

مؤشر الابتكار العالمي يعد أهم مؤسر عالمي في الابتكار 

يقيس المؤشر أداء الابتكار في الدول عبر مدخلات ومخرجات الابتكار، وذلك من خلال مؤشرات فرعية وهما مؤشر مدخلات الابتكار الذي يقوم على خمسة ركائز تشمل (المؤسسات، ورأس المال البشري والبحوث، والبنية التحتية، وتطور الأسواق، وتطور الأعمال) ومؤشر مخرجات الابتكار الذي يتفرع إلى (المخرجات المعرفية والتكنولوجية، والمخرجات الإبداعية) ترتيب مصر بمؤشر الابتكار العالمي وصل المرتبة 92 عالميًا عام  2019 وتراجعت مصر في مؤشر الابتكار إلى المركز  96 من بين 131 دولة في 2020 .

 أعتقد أن الهوية الوطنية هي محدد رئيسي وهام في عملية الابتكار والتنمية الاقتصادية ومصر لديها ارث عظيم في هذا الإطار، في عهد القدماء المصريين الابتكار أسس دولة قوية واقتصاد عظيم قائم علي أركان متعددة من صناعة وتجارة وزراعة، فقد كان هناك أسس علمية وبحث علمي ومعرفة حقيقة، يمكن القول أن ابرز نموذج للشخصية المصرية المبدعة والمبتكرة هو العبقري إمحوتب وهو مهندس هرم زوسر المدرج ويعد أول مهندس معماري في التاريخ كما انه أول طبيب  حيث ألف مخطوطات بردية في الطب والعلاج كما انه له إسهامات في التحنيط وعلم التشريح والفلك ، كما قام إمحوتب باختراع الكثير من العقاقير الطبية، وله مخطوطة تسمي "إدوين سميث" وهي موجودة في "متحف بروكلين تشيلدرين" في نيويورك تصف المخطوطة 48 من الحالات المرضية وحتي تشخيص بعض أنواع السرطانات والكسور والإصابات، كما أنه أسس مدرسة لتعليم الطب في مدينة ممفيس، كل هذا بخلاف انه كان سياسي بارع وله دور في الدولة .

زهرة اللوتس من أهم الزهور المستخدمة في مصر القديمة لأهميتها الاقتصادية  لارتباطها بالزراعة والصناعة، فقد تم صنع العطور الملكية بالإضافة إلى أنواع عديدة من مستحضرات التجميل المختلفة والمساحيق المخصصة للحفاظ علي الجسم ونضارة البشرة، إلى جانب استخدامات أخرى وحالياً تستخدمها بكثرة الشركات العالمية، وقد اكتشف القدماء المصريين أن زهرة اللوتس تحتفظ بنظافتها وإن زُرعت في أقذر المناطق والأنهار ولذلك أعتقد أنها تعد رمز من رموز الإبداع في مصر القديمة والتي ترمز للهوية الوطنية المصرية.

" من التحنيط إلى التخبيط".. أعتقد أن التحنيط يعد نموذج فريد للابتكار والمعرفة في مصر القديمة حتي الأن علم التحنيط يظل لغزا ليس فقط لعدم اكتشاف أسرار عالم التحنيط ولكن لكونه مزيج بين علوم مختلفة ومتقدمة، الشخصية المصرية القديمة والتي كانت عامل مؤثر في الحضارة الإنسانية تحاول في التاريخ الحديث استئناف واستعادة الحضارة المفقودة ولن يتحقق هذا الحلم بالروتين والفساد والإهمال بل بالعلم والمعرفة والعمل والثقافة، فالإنسان المصري مبدع بالفطرة ولديه طاقات إبداعية هائلة ولكن لابد من إتاحة الظروف والبيئة التي تساهم في النجاح وليس إهدار الطاقة في بيئة ليست مناسبة .

 هرم التكنولوجيا كمسمى يربط بين التاريخ العظيم وواقع نسعي لتغيرة ومستقبل افضل نريد أن نعيشه ، هو مشروع ضمن " مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا " حيث يعد هرم التكنولوجيا همزة الوصل بين مجال الأبحاث والتطوير والسوق، وربط العلم بسوق العمل حيث يعمل هرم التكنولوجيا على مد الخريجين الموهوبين ورجال الأعمال في مجال التكنولوجيا بفرصة تطوير صناعات وتقنيات جديدة في إطار تقديم مساعدات فنية ومالية لتطوير الصناعة، صحيح أن هناك بطئ في تنفيذ مشروع مدينة زويل بالرؤية التي طرحها الدكتور زويل نفسه ولكن هناك جهود فعلية على أرض الواقع فقد تم بالفعل في عام 2018 افتتاح مكتب دعم الابتكار ونقل وتسويق التكنولوجيا "TICO"  ويعتبر المكتب يعتبر النواة الحقيقة لتحقيق حلم الدكتور زويل في "هرم التكنولوجيا" حيث يعمل المكتب على مساعدة الباحثين في صياغة طلب براءة الاختراع ومحاولة تبسيط الإجراءات المطلوبة.

كما أن مصر لديها رؤية استراتيجية قومية للعلوم والتكنولوجيا والابتكار وفقاً لرؤية مصر 2030 تهدف الرؤية للوصول إلي مجتمـع علمـي مصـري يعتمـد فـي البنـاء والتنميـة علـى أجيـال دائمـة التعلـم و تنتـج المعرفة وتسـتخدمها لتقديـم حلـول علميـة لمشكلات المجتمع فـي إطـار منظومـة داعمـة للابتكار ومحفـزة للاقتصاد المبنـي علـى المعرفة، تقوم وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بالعديد من المبادرات الكبيرة بهدف تحفيز الإبداع والابتكار وريادة الأعمال كما أنها تواصل إنشاء مراكز الإبداع والابتكار وريادة الأعمال في العديد من الجامعات المصرية حيث تم إنشاء بالفعل مراكز في العديد من الجامعات المصرية .

 لابد من تشكيل ثقافة الابتكار من خلال التعليم فالهدف الرئيسي من التعلم هو الإنتاج والتفكير بعقلية متميزة تسعى لخلق حلول غير تقليدية، والإعلام والدارما فعمل درامي واحد يساعد ويساهم في التفكير الإيجابي والإبداعي يكون له تأثير مباشر علي الملايين بدلاً من إنتاج أعمال فنية لا تخرج علي إطار التسلية فقط دون هدف حقيقي، بالإضافة إلى دور المجتمع المدني والحكومة كلها عوامل تساهم في تشكيل ثقافة الابتكار والإبداع والتي تحتاج إلى إعادة تأهيل في المجتمع المصري .

فتشجيع الابتكار يؤدي إلى حلول جذرية للمشكلات القومية الكبرى، أناشد بضرورة تعظيم الاستفادة بالعلماء المصريين في الخارج وتبني كافة الأفكار لمواكبة التطور التكنولوجي والاقتصادي.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة