السبت 18 مايو 2024

جنيه سلف جعله يتمنى الموت.. ننشر مذكرات بديعة مصابني عن نجيب الريحاني (الحلقة الثانية)

نجيب الريحاني وبديعة مصابني

فن8-6-2021 | 21:31

محمد أبو زيد

"كان النجاح الفني هو كل ما يرجوه من الحياة ولم تكن للنقود قيمة في نظره"، هكذا عبرت الراقصة السورية بديعة مصابنى،  عن رؤية زوجها الفنان نجيب الريحاني والذى تحل ذكرى وفاته اليوم، على تعامله مع الأموال.

وبعد وفاته بـ 12 يوما نشرت مجلة الإثنين - الكواكب حاليًا- في 20 يونيو 1949 مذكرات "مصابني" تتحدث فيها عن رحلة "الريحاني" ومعانته قبل دخول الفن، وعن زواجها منه وذكرياتها معه التي كانت يتخللها حوارا معه مصبوغا بخفة ظله المعتادة.

وتعيد بوابة "دار الهلال" نشر جزء من المذكرات كما هي دون تدخل.

الحلقة الثانية: ذكريات الحب والطلاق والكفاح 

إن ذكرياتي عن الريحاني لا تنتهي ولو كان في هذه الذكريات ما يسىء لخفف عني ما أشعر به من لوعة على فقده، أنها ذكريات الصبا والكفاح في سبيل الفن، كان النجاح الفني هو كل ما يرجوه من الحياة ولم تكن للنقود قيمة في نظره، كان نجيب المفلس لا يختلف في شىء عن نجيب الذي يملأ المال جيوبه.

امتلأ المسرح في أحد الأعوام بالمتفرجين أياما متوالية في الإسكندرية بعد ضيق شديد فقلت له مداعبة "أدي أنت نجحت أهو مش تقدم لي هدية بأه؟، وكان في جيبه عشرة جنيهات فتركني على الفور وعاد بعد قليل وقد اشترى بها كلها ساعة ذهبية لي، هذا الرجل الذي كانت حياته في البيت وفي المقهى وعلى المسرح حلقات متصلة من الفكاهة والدعابة لم يكن يطيق أن تجرح كرامته بكلمة أو اشارة وكان شديد الاباء، شديد الابتعاد عن كل موطن يلوح له أن كرامته قد تجرح فيه.

تعاقد مرة مع أحد المتعهدين لغقامة حفلات في البلاد العربية وركبنا القطار مع بقية أفراد الفرقة ولم يكن معنا نقود اعتمادا على أن المتعهد سيصاحبنا وأننا نستطيع أن نأخذ منه ما نريد ولكنه كان قد سبقنا إلي السفر، وفي القنطرة شعرت بالجوع وشعر هو أيضا، واشتد الجوع فسألت أفراد الفرقة أن يقرضونا شيئا ولكنهم كانوا مثلنا لا يحملون نقودا وأخيرا طلبت من رجل أجنبي كان يركب معنا ان يقرضني جنيها على أن أرده له متى وصلنا إلى القدس حيث سيكون متعهد الحفلات في استقبالنا.

وأخذت الجنيه وعدت إلي نجيب مبشرة بإنفراج الأزمة فكاد المسكين يغمي عليه، لقد أخرج منديله وجفف العرق الذي لمع على جبهته وقال لي "ياريتني مت قبل ما تعملي كده"، وكان أول ما فعله حينما وصلت إلي القدس أن رد الجنيه لصاحبه، لقد طلبت من نجيب الريحاني أن يطلقني ما دمنا لا نعيش معنا وكان في كل مرة يرفض كان يحاول أن يظل زوجي وأن يتفانى في الوقت نفسه في خدمة الفن فلم يستطع.

كان الفن عنده كل شىء، وكان اذا رأى أن يطلقني متأثرا بشدة إلحاحي، لم يجد الوقت الذي يمكنه من القيام بإجراءات الطلاق كانت خدمة الفن تستغرق كل وقته وقبل وفاته بأسبوع قال لي "أنا حاريحك فعلا حاريحك يا ستي، لم أكن أعلم أنه سيطلقني بهذه الطريقة القاسية، لا أذكر لنجيب الريحاني أنه قسا علي يوما من الأيام ولكنه جمع القسوة كلها وصبها على رأسي حينما تركني على ألا يعود".

 

الاكثر قراءة