أعلن الرئيس إيمانويل ماكرون الخميس عن تقليص كبير للوجود العسكري الفرنسي في منطقة الساحل حيث تكافح باريس المسلحين الجهاديين منذ ما يقرب من عقد.
وقال ماكرون في مؤتمر صحافي إن عملية "برخان" الحالية ستنتهي، ليصير الوجود الفرنسي جزءا من القوة الدولية "تاكوبا" التي سيشكل "مئات" من العسكريين الفرنسيين "عمودها الفقري".
وتنشر فرنسا حاليا 5100 عسكري في منطقة الساحل التي تمتد عبر إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وتشمل ستة بلدان.
وأضاف الرئيس الفرنسي "حان الوقت، التزامنا في الساحل لن يستمر بنفس الطريقة. سنبدأ تغييرا عميقا لوجودنا العسكري في منطقة الساحل".
وأوضح أن تفاصيل خطة العمل ستنشر في الأسابيع القادمة.
تعود بداية عملية "برخان" إلى الانتشار الفرنسي الأولي في يناير 2013 حين سعت باريس لمعالجة انعدام الاستقرار المتزايد في المنطقة الذي تسبب فيه مسلحون إسلاميون.
على مدى سنوات، حاول ماكرون إقناع الحلفاء الغربيين بالمساعدة في تحمل عبء المعركة ضد الإرهاب لمنع المتطرفين الإسلاميين من استغلال الغضب إزاء الفقر والحكومات غير الفعالة.
وقد سلط مقتل الرئيس التشادي في نيسان/أبريل والانقلاب الثاني في مالي الشهر الماضي، الضوء على التهديد الذي يمثله استمرار عدم الاستقرار السياسي في المنطقة.
شدّد إيمانويل ماكرون على ان الانسحاب سيعني إغلاق القواعد الفرنسية والاقتصار على القوات الخاصة التي ستركز على عمليات مكافحة الإرهاب والتدريب العسكري.
تتكون عملية "تاكوبا" التي من المنتظر أن تتولى المهمة من "برخان"، حاليا من حوالي 600 عنصر من القوات الخاصة من دول الاتحاد الأوروبي، نصفهم فرنسيون، يتمركزون في مالي ويشارك فيها أيضا 140 عنصرا سويديا وعشرات من الإستونيين والتشيكيين.
ولم تنجح فرنسا في حشد دعم كبير للعملية من حلفائها الأوروبيين.
وشرح الرئيس الفرنسي أن خفض حضور بلاده العسكري تقرر لأن "الوجود الطويل لفرنسا... لا يمكن أن يكون بديلا عن الاستقرار السياسي".
وشدد على أن فرنسا لا يمكن أن تشارك في بناء الدول وأعرب عن إحباطه من الشركاء المحليين، ولا سيما مالي.
وقال في هذا الصدد "لا أعتقد أنه يمكننا أن نحل مكان شعب صاحب سيادة من أجل بناء بلده له".
رغم بعض النجاحات التي حققتها قوة "برخان" الفرنسية بما في ذلك مقتل زعيم تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" عبد المالك دروكدال العام الماضي، واصل المتمردون شنّ هجمات دامية.
وأودت جهود مكافحة التمرد بحياة 50 عسكريا فرنسيا، ما أدى إلى دعوات في فرنسا لمراجعة مهمة "برخان".
كما أن وجود القوات الفرنسية في منطقة الساحل مرفوض من بعض السياسيين والسكان المحليين الذين يعتبرونه نكوصا استعماريا.
وقد يفرض إعلان ماكرون ملف الأمن في الساحل على جدول أعمال اجتماع زعماء مجموعة السبع في بريطانيا من الجمعة إلى الأحد، وقمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في بروكسل في 14 حزيران/يونيو.
ينظر العديد من السياسيين والخبراء الغربيين إلى منطقة الساحل على أنها تمثل خطرا كبيرا بسبب القوة المتزايدة للجماعات الجهادية هناك، فضلا عن موقعها كمفترق طرق لتهريب الأسلحة والبشر.
حذّر قادة محليون في المنطقة من أنهم سيتعرضون إلى مصاعب شديدة لمنع المتمردين من تحقيق المزيد من الانتشار في حالة الانسحاب الفرنسي السريع.
مذاك، قُتل رئيس تشاد المخضرم والحليف المقرب للفرنسيين إدريس ديبي إيتنو، بينما تسبب انقلاب مالي في تدهور العلاقات مع باريس بشدة.
الأسبوع الماضي، علقت فرنسا عملياتها العسكرية المشتركة مع القوات المالية وتوقفت عن تقديم المشورة الدفاعية، في انتظار "ضمانات" بأن الحكام العسكريين للبلاد سينظمون انتخابات في شباط/فبراير وعدم التفاوض مع جهاديين.
وأضاف ماكرون "لا يمكننا تحمل الغموض. لا يمكننا إجراء عمليات مشتركة مع قوى قررت التحدث مع جماعات تطلق النار على شبابنا".
كما دان الرئيس الفرنسي اعتراف المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) التي تضم 15 دولة بالزعيم العسكري المالي الكولونيل أسيمي غويتا الذي أدى اليمين الدستورية كرئيس انتقالي الثلاثاء.
وقال إن الاعتراف "بانقلابيّ" يخلق "سابقة سيئة".