في الآونة الأخيرة ارتفعت معدلات التنمر، والتي يتعرض لها الكبار والصغار، على حد سواء، وساهمت وسائل التواصل الاجتماعي، على زيادة حدته وانتشاره، وكان آخرها ما تعرضت له الطفلة "مارلي مرقس" من التنمر، من زملائها خلال التقديم في المدرسة، بسبب شعرها الكيرلي.
وفي التقرير التالي نتعرف على سيكولوجية المنتمر، والآثار النفسية للتنمرعلى الأطفال، ودور المجتمع والأسرة في حماية الأطفال من التعرض للتنمر.
في البداية؛ أوضح الدكتور وليد هندي، الاستشاري النفسي، في تصريحات خاصة لـ"دار الهلال "، مفهوم التنمر قائلا: "التنمرهو سلوك عدواني متكرر، بهدف الإضرار العمدي سواء نفسيا أو جسديا، وهو شكل من أشكال الإيذاء، يمارس من قبل فرد، أو مجموعة أفراد تجاه طرف آخر؛ بشرط أن يكون أضعف، لأنه لو كان ندا له في القوة فلا يعتبر تنمرا.
وأضاف الدكتور "هندي"، أن التنمر موجود عبر العصور، وهو يعبر عن خلل في ميزان القوى بين المتنمر والإنسان الأضعف الذي يمارس عليه التنمر، وله عدة أشكال ،حيث يحدث في شكل مباشر مثل الدفع، و الصفع، والخنق، و الضرب بألة حادة ، أو بشكل غير مباشر من خلال السخرية من هيئة وملابس الشخص الأضعف والاستهزاء به، أو يأتي التنمر في صورة النبذ والتحديق فيه باشمئزاز.
وأضاف الدكتور "هندي "، أن أبشع صور التنمر، عندما يمارس على ذوي الاحتياجات الخاصة، سواء بالعنف المباشر، أو الغير مباشر، أو من خلال التنمر الإلكتروني، عن طريق نشر صور ة الشخص والسخرية منه على الفيس بوك؛ وهو ما انتشر مؤخرا .
وأوضح "هندي "، الآثار النفسية للتنمر قائلا إن للتنمرعواقب خطيرة ومتعددة على الشخص الذي يتعرض له منها؛ تعمق الشعور بالنقص والعجز، وزيادة الشعور بمشكلات عدم التكييف الاجتماعي، مما يصيبه بالتأزم النفسي، ويسبب له انسحاب اجتماعي تظهر في شكل إحباط ويأس واكتئاب، ناهيك عن متلازمة القلق التي تصيبه، حيث يتولد لديه شعور بالقلق الدائم من تكرار مواقف التنمر عليه، فضلا عن الشعور بالذنب، وكأنه هو المسئول عن الإعاقة أو الأشياء التي تعرضه للتنمر، بالإضافة إلى الصدمة النفسية في الآخرين، والشعور بالوحدة النفسية.
وعن نفسية الشخص المتنمر، قال الاسشاري النفسي، إن الشخص المتنمر صاحب سيكولوجية معينة، أما أنه شخص استبدادي، وسلطوي، أو حسود، أو متكبر، ونرجسي، أو يعاني من متلازمة قلق فيحاول أن يخفيه بالتنمر، وغالبا شخص مدمن أو هو شخصية عدوانية ويميل للقوة، أو يكون التنمر نتيجة المحاكاة و التقليد، وفي أحيان يكون صورة من صور إعادة السلوك عندما يكون قد تعرض المتنمر في الصغر للتنمر.
وعن الطرق التي يمكن أن نحمي بها الأطفال من التنمر، أشار الدكتور "هندي " إلى ضرورة تغليظ العقوبات على المتنمرين، وهذا يفيد في إصلاح نفسية الطفل الذي يتعرض للتنمر عندما يعلم أن الذي أذاه سوف يعاقب، مؤكدا على أهمية قيام الأم بالدعم النفسي لأبنائها، والعمل على جعلهم متميزون، ودعم الثقة في أنفسهم من خلال العناية بتعليمهم وتأهيلهم، والعمل على رفع قدارتهم النفسية والعقلية، فضلا عن الاهتمام بمظهرهم أو الأشياء الخاصة بهم، فإذا كان الطفل يعاني من ضعف السمع، فأبسط ما نقدمه له توفير سماعة، وإذا كان يعاني من إعاقة حركية، فمن الضروري أن توفر لها ما يساعده على الحركة، بالإضافة إلى أهمية الاهتمام بنظافتهم وملابسهم حيث لا يكونوا عرضة للسخرية من أحد ولا يكون من السهل التنمرعليهم.
ويأتي ذلك بالإضافة إلى الدعم النفسي للأطفال الذين يتعرضون للتنمر، مؤكدا على ضرورة تربية الأبناء بصفة عامة على التسامح، وحب الآخر، ونبذ العنف، والأنانية والحسد من أجل تخفيف حالات التنمر.