ظهرت في الأونة الأخيرة مشكلة النفايات الإلكترونية، نظراً لأن غالبية المجتمع لاتدرك كيفية التخلص الآمن منها لما تحتويه من معادن ومواد كيميائية سامة وضارة بالإنسان والبيئة والتربة والمياه في حالة تركها بالمنزل أو حرقها أو إلقائها في مصارف المياه أو دفنها، لذا ناقشت "الهلال اليوم" خبراء البيئة للتعرف على كيفية التخلص الآمن منها، وأبرز المشكلات التي تسببها ومخاطرها، وكيفية استثمارها وإعادة تدويرها، والتجارب الدولية التي نجحت في هذا المجال.
وفي البداية؛ يقول الدكتور عبد المسيح سمعان، وكيل معهد البيئة للبحوث والدراسات البيئية: "النفايات الإلكترونية مشكلة حديثة جدًا ولم يكن أحدًا في العالم يفكر فيها قبل ذلك لأن حجمها في السابق كان قليلًا نظرًا لأن الأجهزة الإلكترونية كانت معمرة تعيش 30 أو 40 سنة، ولكن مع التطور المذهل في التكنولوجيا يتم تغير الأجهزة الإلكترونية باستمرار رغم كونها مازالت صالحة للاستخدام، ونشتري أجهزة أحدث منها، وهناك تحدي كبير في كيفية إدارة هذه المخلفات من البطاريات والموبيلات والشاشات وغيرها".
وتابع: "للأسف المجتمع المصري مازال لديه ثقافة الكراكيب مثل تركها فوق الدولاب أو البلكونة أو غرفة الأطفال، ولا نقوم بالتخلص منها، ومع تركها بالمنزل وبفعل عوامل الرطوبة والحرارة تخرج منها عوادم وأبخرة غير مرئية نظرًا لأن بها مواد كيميائية كالرصاص والأنتيموم والكادميوم وكلها مواد سامة تضر بالجهاز التنفسي والجلد والجسم كله، فلابد من ترك ثقافة الكراكيب".
واستطرد: "التعامل الحالي مع النفايات الإلكترونية أن يتم تجميعها وفصلها واستخراج المواد البلاستيكية منها وإعادة تدويرها بشكل بدائي، ولكنها تبقى جهود أشخاص وليس مصانع، ومن الخطورة بمكان إلقاء النفايات الإلكترونية في القمامة ودليل ذلك أن البطاريات تجد مكتوبًا عليها علامة x بجوار صندوق قمامة، كما أن حرقها يتسبب في كارثة حيث تتحول إلى أكاسيد ضارة بالإنسان والبيئة والتربة".
وأشار إلى أن التخلص منها يتطلب ما يُعرف بـ"إدارة المخلفات الإلكترونية" على مستوى المواطن والمُنتج والدولة، مضيفاً: "يجب على المواطن إذا كان لديه جهاز إلكتروني أن يُحسنه كزيادة الرمات له وإدخال تطوير عليه واستخدامه بدلًا من تركه بالمنزل مع الكراكيب وفي ذلك توفير للأموال وتجنب المخلفات والعوادم التي تضر بالإنسان، وأيضًا ثقافة الصيانة باستمرار وللأسف نحن نفتقدها ولا نلجأ إليها الإ عندما يتلف الجهاز نهائيًا، وبالطبع هي تقوم بإطالة عمر الجهاز، وهناك ثقافة التبرع بالأجهزة في حال قيام المواطن بشراء موديل أحدث يقوم بالتبرع بالجهاز القديم لإحدى المؤسسات الخيرية أو أطفال أو أسرة محتاجة".
ولفت: "المجتمع يفتقد لثقافة التخلص الآمن من النفايات الإلكترونية فيوجد نشرة على كل جهاز جديد حول كيفية التخلص منه ولا نقوم بقراءتها، ويوجد لدينا مصنعًا في مدينة 6 أكتوبر يقوم بإعادة تدوير الأجهزة عن طريق شرائها من المواطنين بأسعار زهيدة، لكن المواطن لا يسعى للذهاب إلى المصنع نظرًا لبعد المسافات، والحل أن تتواجد جمعية أهلية في كل منطقة تشتري الأجهزة من المواطنين بأسعار أقل وتبيعها هي للمصنع بسعر أعلى وبذلك نخلق فرص عمل في كل منطقة".
وأوضح: "كما أن دور المُنتج هو توفير مهندسين وفنيين للصيانة وبشروط مُخفضة حتى يُقبل الناس عليها، والتطوير نحو التصميم الأخضر للأجهزة كي لا تُحدث آثاراً ضارة بالبيئة، أما مسئولية الحكومة فتتمثل في توفير المصانع لإعادة تدوير المخلفات الإلكترونية، وفرض الرقابة على الأجهزة المستعملة المستوردة لأن خطورتها تتمثل في كونها غير معمرة لأنها سبق استعمالها وفي حال تلفها نتخلص منها ولا تقبل تصليحها مما يزيد كمية المخلفات الإلكترونية في الدول النامية مقارنة بالدول المتقدمة لأنها تبيعها لنا مستعملة وتتخلص منها ولا يوجد من نبيع هذه المخلفات له مرة أخرى، وتوفير أماكن لدفن النفايات كصندوق في كل كلية بالجامعة لجمع المخلفات الإلكترونية، ووضع حوافز للمصانع الخضراء عن طريق توفير الخامات وغيرها حتى نصل الى أجهزة آمنة".
ولفت: "فكرة استخراج المعادن النفيسة كالذهب والفضة منها يتطلب حجم هائل من النفايات يتم استخراج كميات بسيطة منها، وتتطلب نوع معين من الفنيين، ومن أكثر الدول ذات التجارب الناجحة في تدوير المخلفات الإلكترونية الهند والصين".
واتفقت الدكتورة عزة حسين، نائب رئيس مجلس إدارة جمعية أصدقاء الإنسان والبيئة ومسئول لجنة الشباب، معه حيث أكدت: "النفايات الإلكترونية تحتوي على معادن نفيسة يمكن استخراجها ولذا يجب فتح مصانع لإعادة تدوير النفايات مرة آخرى بدلاً من رميها في القمامة، وللأسف إعادة التدويرغيرمستغل بالشكل المناسب حتى الآن سوى مصنع واحد بمدينة 6 أكتوبر، وإذا تم استغلالها بالشكل الأمثل سيساعد ذلك على تشغيل الشباب وافتتاح مصانع جديدة وتقليل المواد المستوردة من الخارج وحماية البيئة من التلوث".
وتابعت: " يجب توعية المحتمع من خلال حملات قومية وبالتركيز على الفئات الأكثر استخداماً وهم الشباب والوصول إليهم عن طريق التوعية بالجامعات، ثم الأطفال وتلاميذ المدارس الذين لا يدركون خطورة النفايات كلمس البطارية باللسان للتأكد من كونها مشحونة ولما تحتوي عليه من سموم".
ولفتت: "لا يتم التخلص من النفايات الإلكترونية بالطرق السليمة في مجتمعنا، وفي النهاية تذهب إلى مصانع غير حاصلة على موافقات بيئية، ولابد من وجود جمعيات أهلية تقوم بجمعها من كل منطقة سكنية".