الأربعاء 27 نوفمبر 2024

مقالات

انقلاب المعايير

  • 24-6-2021 | 14:36
طباعة

 

هناك بعض الآباء والأمهات متخصصون فى تدمير أبنائهم دون دراية أو وعى منهم، فهو يزرعون بداخلهم كل شيء عدا القيم الدينية والأخلاقية. ففى دنيا هولاء أصبح كل شيء - تقريبا - مباح.. نداءات غير مباشرة ومباشرة باستبدال المال محل الأخلاق والمحسوبية محل الاجتهاد وأصبحت ماركة السيارة تحدد قيمة من يستقلها والملبس يحدد قيمة من يرتديه.

 

هناك من زرع فى أبنائه فكرة أن كل شيء قابل للبيع والشراء، الشرف والوظيفة والشهادة وكل شيء مقابل بضعة آلاف من الجنيهات، وأبناء هؤلاء يخرجون علينا بكل عُقد النقص التى زرعها فيهم آباؤهم وأمهاتهم.. قيمتك فى سيارتك، فى ملابسك، فى أحدث الهواتف المحمولة؛ لأن ذلك ما يستطيعون امتلاكه نظير بيع الجسد والشرف.. فلا أصل لهم ولا نسب. لذا يحاربون الأخلاق والقيم والأصل بكل ما يمتلكون من أسلحة، ولا مانع من محاولة شراء بعض المناصب والشهادات المزيفة مثلهم.

 

هناك لقب "سفير السلام" بـ"خمسمائة جنيه"، و"مستشار العلاقات الأسرية" بـ"ألف جنيه"، مع منح وسام وتكريم من خلال حفل فى إحدى صالات الأفراح الشعبية، كذلك شهادات التقدير من مركز السلام والتنمية المصرى العربى الإقليمى الدولى والذى يترأسه شخص يسبق اسمه لقب "دكتور"، وهو فى الأساس ترزى حريمى حاصل على دبلوم المدارس الثانوية الصناعية بجدارة، ويكون الحفل فى كافيه تمتلكه زوجته "الخادمة" التى أصبحت ما بين ليلة وضحاها "سيدة أعمال".

 

هناك من لا يمتلك من حطام الدنيا سوى بعض الميراث من عائلته أو عائلة زوجته، فيقوم بشراء سيارة مستعملة فارهة لا يمتلكها إلا أصحاب المليارات ولكن بسعر أرخص من السيارة الزيرو موديل العام، ثم يقوم بتأجير فيللا لمدة يوم فى الأسبوع أو الشهر مدعيا أنها فيللته الخاصة مع توجيه دعوات أسبوعية أو شهرية لبعض الشخصيات المهمة والمرموقة والتى صعدت من السلم الخلفى الذى يكسوه العار، وذلك لتقديم ما لذ وطاب إليهم مما تشتهيه الأنفس والشهوات من فتيات وسيدات من قاع المجتمع، مع ضرورة تواجد عدد من الكومبارس وفنانات المشهد الواحد أو مذيعات الحلقة الواحدة فى قنوات بير السلم، وبعض الشخصيات المرموقة. وطبعا يتم وضع هذه الصور والفيديوهات على صفحاتهم فتنتشر انتشار النار فى الهشيم، ومن خلال هذه الحفلات يصبح نجم مجتمع مزيف كزيف أشياء كثيرة حولنا.. ولما لا.. وهو قد نجح فى "تعريف" هذا المسئول على هذه الفتاة و"قاد" هذه السيدة إلى أحضان هذا الباشا المزيف. 

 

أن إستمرار هؤلاء فى الانتشار والسماح لهم بأن يكونوا قدوة لشباب لا يستطيع التفرقة بين الخبيث والطيب هو أمر بالغ السوء، وعلى النخبة والمثقفين التكاتف لوضع النقاط فوق الحروف.

وإلى شباب الغد وحماة المستقبل.. يا من سوف تحملون أمانة الوطن فوق رؤوسكم.. أعلموا جيداً أن قيمتكم فى التمسك بتعاليم دينكم وحرصكم على مكارم الأخلاق والقيم، قيمتك ليست فيما ترتديه من ثياب ولكن قيمتك فى علمك وثقافتك وحكمتك ورجاحة عقلك وأحلامك وطموحاتك.. اجعل نظرتك للأشياء تتناسب مع قيمتها لأنها تحدد إلى حد كبير قيمتك. فإذا كان تقييمك للأشخاص بما يمتلكون فستكون فى يوم ما سلعة تباع وتشترى، وإذا كان تقييمك لهم بمناصبهم فأنت شخص هوائى لا مبدأ لك لأن المناصب ليست دائمة وستزول يوما ما..

أنا لا أقلل من قيمة ما سبق ولكن لا تجعل منها أسس حياتك ومعيارك لتقييم الاشخاص، فهى مجرد كماليات - ليس أكثر - للشخص بشرط أن تتوافر الأسس وهى الدين والأخلاق والمبادئ.                         

أخبار الساعة

الاكثر قراءة