ترأس الأنبا تادرس، مُطران إيبارشية بورسعيد وتوابعها للأقباط الأرثوذكس، صباح اليوم الجمعة، القداس الإلهي من كاتدرائية القديسة العذراء مريم والملاك ميخائيل وسط مدينة بورسعيد.
جاء ذلك بحضور شعبي محدود بنظام الحجز المسبق لراغبي الصلاة وسط اجراءات احترازية وقائية للحد من انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد.
وتخلل صلاة القداس الإلهي، باقة من الترانيم والتسابيح الروحية بقيادة خورس من شمامسة الكنيسة القبطية الارثوذكسية، إذ شارك الصلاة، لفيف من مجمع كهنة الايبارشية.
كانت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، برئاسة قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، احتفلت أمس الخميس، بتذكار استلام جسد الشهيد مارمرقس الرسول، إذ قال القس شنودة وديع، راعي كنيسة القديسة العذراء مريم والأنبا إبرأم للأقباط الأرثوذكس بفيصل، إنه فى مثل هذا اليوم منذ عام 1684 للشهداء وفى حبرية البابا الراحل كيرلس السادس البابا الـ116، تسلم الوفد الرسمى رفات القديس العظيم مارمرقس الرسول كاروز الديار المصرية والبطريرك الأول للكرازة المرقسية من يد البابا بولس السادس بابا روما فى القصر البابوى بمدينة الفاتيكان.
وكان البابا الراحل كيرلس السادس، قد انتدب وفدًا رسميًا للسفر إلى روما لتسلم رفات القديس مرقس الرسول من البابا بولس السادس، وتألف الوفد من عشرة من المطارنة والأساقفة بينهم 3 من المطارنة الإثيوبيين ومن ثلاثة من كبار أراخنة القبط.
وطار الوفد البابوي الإسكندري إلى روما فى يوم الخميس 13 بؤونه سنة 1684 الموافق 20 من يونيو سنة 1968 م، فى طائرة خاصة أقلتهم ومعهم نحو 90 قبطيا من المرافقين كان من بينهم 7 من الكهنة وفى الساعة الثانية عشر من يوم السبت الموافق 15 من بؤونة ذهب الوفد البابوى السكندرى ومعه أعضاء البعثة البابوية الرومانية فى موكب رسمى إلى القصر البابوى بمدينة الفاتيكان وقابلوا البابا بولس السادس وتسلموا منه الرفات المقدس في حفل رسمي كان يجلله الوقار الديني ويتسم بالخشوع والتقوى وكانت لحظة تسلم الرفات المقدس بعد أحد عشر قرنا كان فيها جسد مار مرقس محفوظا فى مدينة البندقية (فينيسيا) بإيطاليا لحظة رهيبة بقدر ما هى سعيدة.
وفي اليوم التالى وهو الأحد 16 بؤونة الموافق 23 يونيو أقام الوفد البابوى السكندرى قداسًا حبريًا احتفاليًا بكنيسة القديس أثناسيوس الرسولي بروما خدم فيه جميع المطارنة والأساقفة العشرة والكهنة المرافقون، وحضر أعضاء البعثة البابوية الرومانية وجميع المرافقين من القبط وعدد كبير من الأقباط المقيمون بروما ومن الأجانب ومندوبي الصحف ووكالات الأنباء وكان قداسا رائعا رفع بروحانية عميقة، وبعد قراءة الإنجيل حمل المطارنة والأساقفة صندوق الرفات المقدس وطافوا به 3 مرات أنحاء الكنيسة ثم بخر المطارنة والأساقفة أمام الرفات بحسب ترتيب أقدمية الرسامة وكان الكهنة والشمامسة يرتلون الألحان المناسبة.
وعاد الوفد البابوى السكندرى ومعه أعضاء البعثة البابوية الرومانية يحملون الرفات المقدس في يوم الاثنين في موكب رسمى تتقدمه الدراجات البخارية إلى المطار، ومن هناك استقلوا طائرة خاصة قامت خصيصا من القاهرة ووصلت إليها فى العاشرة والنصف من مساء اليوم نفسه، وكان البابا كيرلس فى انتظار وصول الرفات وكان يصحبه مار أغناطيوس يعقوب الثالث بطريرك إنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس وعدد كبير من المطارنة والأساقفة الأقباط والأجانب ورؤساء الطوائف والأديان مصريين وأجانب وألوف من أفراد الشعب مسيحيين ومسلمين يرتلون وينشدون أحلى الأناشيد الدينية وكان المطار كله يدوى بالترانيم وعند مارست الطائرة صعد البابا إلى سلم الطائرة وتسلم من يد رئيس الوفد الصندوق الثمين الذى يحمل رفات مار مرقس الرسول وفى هذه اللحظة رأى الكثيرون وخاصة المطلون من شرفات المطار ثلاث حمامات بيضاء ناصعة البياض حلقت فوق الطائرة ولما كان الحمام لا يطير فى هذا الوقت من الليل.
ونزل البابا كيرلس يحمل صندوق الرفات على كتفه بين ترتيل الشمامسة ويتبعه موكب ضخم من كتل بشرية تعد بالألوف يرنمون مع الشمامسة فرحين متهللين حتى أن رئيس البعثة البابوية الرومانية ذهل من تلك المظاهرة الدينية الكبيرة وأعرب عن تأثره البالغ بتدين الأقباط وعظيم إجلالهم وإكبارهم للقديس مرقس وقال أن ما رآه فاق كل تقديره فما كان يتوقع بتاتا أن يكون استقبال رفات مار مرقس بهذه الحماسة الروحية البالغة خاصة وان الجماهير ظلت منتظره بالمطار منذ الخامسة مساء - حيث كان مقررا وصول الطائرة - إلى الساعة الحادية عشرة مساء أو يزيد.
وعاد البابا فى سيارته ومعه صندوق الرفات إلى الكاتدرائية المرقسية الكبرى القديمة بالأزبكية ووضع الصندوق على المذبح الكبير المدشن باسم مار مرقس وظل الصندوق هناك إلى اليوم الثالث لوصوله. وفي صباح يوم الأربعاء 19 بؤونة الموافق 26 يونيو فى نحو السادسة صباحًا حمل البابا صندوق الرفات وأتى به فى سيارته الخاصة إلى دير الأنبا رويس الذى كان يعرف بدير الخندق والمقامة علي أرضه الكاتدرائية المرقسية الجديدة التى افتتحها البابا كيرلس بحضور الرئيس جمال عبد الناصر رئيس جمهورية مصر العربية والإمبراطور هيلاسلاسى الأول إمبراطور أثيوبيا فى اليوم السابق مباشرة وأعنى به الثلاثاء 18 بؤونة الموافق 15 يونيو ووضع البابا رفات مار مرقس على مائدة فى منتصف شرقية هيكل الكاتدرائية الجديدة، وظل كذلك طوال مدة القداس الحبري الحافل الذي رأسه البابا كيرلس السادس واشترك معه البطريرك مار أغناطيوس يعقوب الثالث بطريرك إنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس وعدد من مطارنة السريان والهنود والأرمن الأرثوذكس وحضر القداس الإلهي جلالة هيلاسلاسي الأول إمبراطور أثيوبيا وعدد كبير من رؤساء الأديان ومندوبى الكنائس والطوائف من مختلف بلاد العالم وعدد من أفراد الشعب يزيد على 6 آلاف نسمة.
وبعد القداس نزل البابا فى موكب رسمى يحمل صندوق الرفات إلى المزار الجميل المعد له تحت الهيكل الكبير ووضع الصندوق في جسم المذبح الرخامى القائم فى وسط المزار وغطي بغطاء رخامي ومن فوقه مائدة المذبح وأنشدت فرق مختلفة ألحانا مناسبة تحية لمار مرقس بسبع لغات مختلفة أي بالقبطية والأثيوبية، والسريانية، والأرمنية واليونانية واللاتينية والعربية.
وُلد القديس مرقس فى القيروان فى بلدة تُدعى ابرياتولس، من أبوين يهوديين من سبط لاوى، اسم والده أرسطوبولس، ووالدته مريم امرأة تقية لها اعتبارها بين المسيحيين الأولين فى أورشليم وتعلم اليونانية واللاتينية والعبرية وأتقنها، حيث هجمت بعض القبائل المتبربرة على أملاكهم فتركوا القيروان إلى فلسطين وسكنوا القدس، وسافر إلى مصر وأسس كنيسة الإسكندرية بعد أن ذهب أولًا إلى موطن ميلاده "القيروان" ومن هناك انطلق إلى الواحات ثم الصعيد ودخل الإسكندرية عام 61 ميلادية من بابها الشرقى.