الأحد 5 مايو 2024

السيسى.. وبناء القدرة


عبد الرازق توفيق

مقالات25-6-2021 | 22:49

عبدالرازق توفيق

عندما تستطيع الدولة أن تجبر أعداءها وخصومها على التراجع والانصياع للمطالب المصرية.. فهذه هى القدرة.. عندما تتمكن الدولة من عبور أزماتها ومشاكلها، وتحولها إلى إنجازات ونجاحات أقرب إلى المعجزة.. فهذه هى القدرة.. عندما يحترمك العالم ويهابك.. فهذه هى القدرة.. فالقدرة عندما تفعل تؤثر دون صخب أو ضجيج.. 


القدرة تعنى أن تستطيع القيادة برؤية عبقرية إيجاد المستقبل الواعد لشعبها.. القدرة تعنى أن تهزم خصومك وأعداءك دون الاشتباك التقليدى.. بأن تضع خطوطاً حمراء.. لا يجرؤ أحد على الاقتراب منها.. «القدرة» الشاملة مجموعة من المكونات الفارقة تستند إلى قوة عسكرية رادعة ورشيدة.. واصطفاف شعبى.. ووعى حقيقى


لدى جموع المصريين.. القدرة الحقيقية ترتكز على ثقة واطمئنان كامل فيما تتخذه القيادة.. 


والإيمان بأنها لن تفرط أو تتهاون من خلال نتاج ومحصلة سنوات من الإنجاز والنجاح والإبداع.

أن تكون واثقاً من أدواتك وأوراقك ونجاحك فى تحقيق أهدافك.. أن يعرف الجميع قدرك وقوتك دون أن تتحدث أو تعلن أو تكثر من الضجيج والصخب والتهديد والوعيد، أن تستطيع أن تواجه أصعب الظروف وأعقد التحديات.. وأخطر التهديدات وتعبرها بنجاح.. وتحقق النصر.. وتحافظ على سلامتك وأمنك ومصالح وطنك.. ألا تهزك ريح الجوائح والأزمات، وتتعامل معها بثقة واقتدار، وتحمى شعبك.. تلك هى القدرة الكاملة التى تجبر خصومك على التراجع والانحناء لك ومخاطبة ودك.
القدرة ليست كلمة عابرة، بل محتوى ومضمون، ومكونات كاملة تشكل فى النهاية كياناً قوياً وصلباً وجبلاً شامخاً لا تهزه ريح، أو تجبره النوازع على الخضوع.. ولا تستطيع ألاعيب وأكاذيب الأقزام أن تؤثر فيه أو تنال منه.
للقدرة الكاملة حسابات دقيقة.. وجوهر ومضمون.. ومفهوم لتكون القدرة الشاملة والمؤثرة.. تنطلق منها قوة الردع والإخضاع دون اشتباك أو ضجيج أو مهاترات، أو حتى دبلوماسية الصوت العالى.. فالقدرة الحقيقية تتحدث بلسانها دبلوماسية حكيمة هادئة واثقة.. تجيد باحترافية الانتقال من مربع إلى مربع آخر فيما يشبه الأداء الراقى والتمكن فى لعبة الشطرنج «السياسي».


على مدار 7 سنوات نجحت مصر فى بناء القدرة الكاملة والشاملة والمؤثرة.. والطبيعى أن هناك مردوداً ونتائج وسياسات تنطلق من هذه القدرة على الصعيدين الداخلى والخارجى.. فالقوة والقدرة تمنحك مزيداً من قوة المواقف والسياسات وتستطيع أن تحسم وتحقق أهدافك دون حاجة إلى اللجوء إلى القوة العسكرية فيما يطلق عليه قوة الردع.. ومن أهم مكوناتها وأبرزها القوة والقدرة العسكرية.


من أهم انعكاسات قدرة مصر، دبلوماسية «الخطوط الحمراء».. دولة تحدد لما نطلق عليه الأعداء والخصوم «خطوطاً حمراء» لا يمكن تجاوزها أو المساس بها.. ولا يجرؤ هؤلاء الخصوم على الاقتراب منها.. تلك هى القدرة الواثقة.
القدرة فى أهم مكوناتها ترتكز على الحكمة بعيداً عن التهور والاندفاع أو الخضوع إلى محاولات الاستدراج، والجر إلى ما يريد عدوك.. والقدرة تدعو أصحابها إلى الاطمئنان والهدوء أى أن مصالحهم مضمونة.. وحقوقهم مصونة.. وثراوتهم مؤمنة.. وحدودهم لا يستطيع أحد الاقتراب أو المساس بها.


هذه المقدمة الطويلة.. تكشف عن نجاح «مصرــ السيسي» خلال الـ7 سنوات الماضية فى بناء القدرة الشاملة والمؤثرة، وأيضاً الواثقة والرشيدة التى لا تتهاون، أو تفرط فى حق من حقوقها.. وهذه الحقوق عديدة ومختلفة، وترتبط بالداخل والخارج.. والتحديات والتهديدات والمخاطر على المستوى المحلى أو الإقليمى أو الدولى.. باختصار من أهم نتائج القدرة الشاملة.. أن الجميع يعملون لك ألف حساب.. ويفكرون ألف مرة قبل الاقتراب منك.. وما يُبدونه من توتر وضجيج وعنتريات وأصوات عالية يعكس لديهم حالة من الذعر والخوف والارتباك.. تكشف عمق وحجم الضعف والوهن فى قدرتهم تستفزهم وترعبهم حالة الهدوء والثقة.. والقدرة على التحرك والمناورة، خاصة فى عبقرية الدبلوماسية.. والتحرك بذكاء فى إطار «جيو سياسي».. قادر على إرباك الخصوم.. وقلب حساباتهم رأساً على عقب فى ظل اقترابك المحسوب بدقة حول من يقف ضد أهدافك وأمنك وحقوقك وثرواتك.


هناك شواهد ودلائل وواقع يكشف عمق القدرة لدى الدولة المصرية من خلال شبكة علاقاتها الدولية وشراكاتها والثقل والدور والمكانة والتأثير إقليمياً ودولياً.. وهذا الثقل نتاج جهد شاق، ومحصلة سنوات من النجاحات، وصولاً لامتلاك القدرة.
الحقيقة أن ذروة سنام وجوهر وعقل القدرة.. هى امتلاك قوة الردع، ومن يتأمل فى فلسفة الرئيس السيسى ورؤيته فى بناء القوة والقدرة يخرج بدروس عظيمة.. ومنهج عمل واستراتيجية متكاملة فى حماية الدول وأمنها القومى.. خاصة فى ظل إيمان القيادة السياسية بأن السلام والأمن والاستقرار لابد له من وجود قوة وقدرة تحميه وتعمل على استدامته، بل وتساهم فى إيجاد مناخ الأمن والاستقرار وتهيئة المجال لبناء السلام الحقيقى، خاصة أن الضعف يولد الأطماع، ويغذى المؤامرات والمخططات.. لذلك جاءت استراتيجية «العفى محدش يقدر ياكل لقمته».


بناء القدرة عند الرئيس عبدالفتاح السيسى عملية شاملة ومتكاملة، لا تقتصر على محور واحد.. ولا مجال واحد.. بل هى نسق متكامل مضى بناؤه فى تزامن وتوازى، ليشمل كافة المسارات.. فالرئيس منذ توليه المسئولية فى رئاسة مصر.. أدرك طبيعة التحديات والتهديدات والمخاطر، وأيضاً شخَّص الوضع فى المنطقة المضطربة، وما ستئول إليه خلال سنوات قادمة.. لذلك كانت ومازالت نظرته وقراراته الاستشرافية فى تطوير وتحديث الجيش المصرى وتزويده بأحدث نظم التسليح فى كافة التخصصات، خاصة أن بناء القوة العسكرية هو جوهر وأهم عنصر فى مكونات القدرة.. وترتكز عليه تحركات وسياسات وأهداف الدولة.. فبدون القوة الرادعة والرشيدة فى نفس الوقت ربما لا تكون هناك جدوى من التحركات والسياسات أو الخطوط الحمراء، فعندما تكون لديك القدرة على الفعل وهو ما يدركه عدوك.. فإن ذلك يحول بينه وبين أطماعه وأهدافه فى المساس والنيل من حقوقك وثروتك وأمنك القومى.


فى اعتقادى أن قرار الرئيس السيسى فى بنائه القوة والقدرة العسكرية وهى القاعدة التى تنطلق منها القدرة المتكاملة، والتى تحميها أيضاً وتهييء المجال لاستدامتها، يحتاج دراسات وبحوثًا عميقة، فهو من أعظم قرارات الرئيس السيسى على الإطلاق، وفيه إدراك عبقرى للمتغيرات والمعطيات فى المنطقة المضطربة، وطبيعة اللاعبين فيها.. وتشخيص الأطماع.. وأيضاً التحديد الدقيق للتهديدات البعيدة.. والمسافات الموجودة عليها.. وبالتالى وضع الآليات والإمكانيات والقدرات للوصول إليها قبل أن تدخل مناطق التهديد لأمن مصر القومى.


من أهم مقاييس القوى العظمى فى العالم، رضينا أو لم نرض، هى القوة العسكرية.. ورغم قوة مصر إلا أن سياساتها وتحركاتها تظل تتمتع بأعلى درجات الحكمة، وأيضاً يتميز الجيش المصرى رغم إمكانياته وقدراته وصلابته، بأنه جيش رشيد يحمى ولا يهدد.. يصون ولا يعتدى.. فلسنا طامعين فى أحد.. ولا نتدخل فى الشئون الداخلية.. فقط قوتنا وقدرتنا هى للدفاع عن أنفسنا وحماية حقوقنا وثرواتنا المشروعة وأمننا القومى باتساع نطاقاته على كافة الاتجاهات الاستراتيجية.


تأتى القدرة الاقتصادية التى مكنت مصر من عبور أزماتها ومشاكلها المستعصية خلال العقود الماضية من أهم مكونات القدرة الشاملة.. ولا يخفى على أحد أن رؤية الرئيس السيسى لبلوغ القدرة الاقتصادية اتسمت بالعبقرية والشجاعة.. والفلسفة العميقة والمصارحة والمكاشفة.. وكان أهم وأبرز خطوة للوصول إلى القدرة الاقتصادية والإصلاح الاقتصادى الذى يعد إعادة بعث للاقتصاد المصرى.. وخلص الشعب من طوفان الخوف والأزمات والمعاناة.. وجعل مصر تقف على أرض صلبة تمتلك قوة التحمل والمواجهة للصدمات ومجابهة الجوائح والأزمات العالمية.. وإيجاد المستقبل الواعد والفرص الثمينة لدى الاقتصاد المصرى.. وتجسدت القدرة الاقتصادية فى العبور الاقتصادى من جائحة كورونا بسلام.. ولعل إشادات المنظمات الاقتصادية العالمية.. وتحقيق الاقتصاد المصرى معدل نمو ضمن اقتصادات محدودة فى العالم.. يؤكد القدرة الاقتصادية لمصر.. وأيضاً ما انعكس على تحسين ظروف وأحوال المصريين المعيشية وإنهاء عقود الأزمات والقضاء على الطوابير هو تجسيد حقيقى للقدرة الاقتصادية المصرية.
أيضاً من أهم مكونات القدرة للدولة.. حالة  الاحتشاد والالتفاف حول القيادة السياسية.. والاطمئنان والثقة فى قدرتها على العبور بالوطن إلى بر الأمان.. وضمان حقوق الدولة والمواطن.. والحفاظ على مصالحها.. وحماية وتأمين حدودها وسيادتها.
هذا الحجم الكبير من الثقة الشعبية والتفاف المصريين حول الرئيس السيسى قوة مضافة.. ومكون استثنائى لعناصر «القدرة».. فهناك علاقة فريدة بين القيادة والشعب أساسها شرعية النجاح والإنجاز والثقة والاطمئنان تولدت على مدار 8 سنوات من المواقف الشريفة والوطنية والشجاعة من الرئيس السيسى تجاه شعبه.. وهو القائد الذى دائماً يراهن ويعول على قدرة المصريين فى مواجهة أى تحدٍ.. وهو أيضاً القائد الذى يرجع كل ما تحقق فى مصر من ملحمة فى البناء والأمن والاستقرار إلى عمل وصبر ووعى شعبه.. إذن ثقة الشعب واطمئنانه وحبه وتقديره لقيادته تمنح «القدرة» طابعاً خاصاً وفريداً.. وترسخ حالة الهدوء والثبات واتخاذ القرارات الصحيحة فى مواجهة التحديات والتهديدات.


حالة الوعى الحقيقى لدى المصريين تمثل مكوناً رئيسياً ومهم فى حجم قدرة الدولة.. فالشعب الواعى للتحديات والتهديدات والقارئ لخطوات وتحركات الدولة والواثق فى أدائها وشرفها.. والشعب المدرك لما يحاك لوطنه كل ذلك يسفر ويؤدى إلى طريق الاحتشاد والاصطفاف والالتفاف حول الوطن والقيادة.


القدرة ليست كلاماً إنشائياً.. ولا شعارات جوفاء.. ولا صوت عالى.. ولا صخب التهديد والوعيد.. ولكنها تظل دائماً قدرة على الفعل والتأثير والحماية وعدم التهاون والتفريط.. دولة لا تعرف إلا الفعل والإنجاز والنصر تتحرك بذكاء وعبقرية.. تملأ كل الفراعات ولا تترك أمورها للصدفة.. مع كل تحرك يصفق لها الجميع.


القدرة أن تحقق طموح شعبك.. القدرة أن تمتلك دائماً القدرة على تجاوز الخطر والتهديد.. القدرة أن تستطيع أن تعبر الصعب والمستحيل.. القدرة أن تظل دائماً الرقم الأعظم والأهم فى معادلة المنطقة.. القدرة أن يكون القائد والشعب على قلب رجل واحد.. القدرة أن تستطيع أن تعبر إلى المستقبل.. القدرة أن تجعل العالم يهابك ويحترمك.. لم تكن سياسات «الخطوط الحمراء».. ودحر الإرهاب.. وتطهير وتعمير سيناء.. والمستقبل الواعد للاقتصاد المصرى.. وحالة الالتفاف والاصطفاف الشعبى حول القيادة والحفاظ على ثرواتنا وحقوقنا فى شرق المتوسط.. وتراجع دول معادية وخصوم ومحاولاتها مخاطبة ود مصر وحالة التوهج للدولة المصرية على الصعيدين الداخلى والخارجى.. واحترام العالم لمصر ومعجزة الـ7 سنوات من فراغ.. كل ذلك يرتكز على امتلاك القدرة العسكرية على الردع ما هو إلا إعلان حقيقى للقدرة المصرية الشاملة والمؤثرة التى ترتكز على ثقة واطمئنان ورضا شعبى.. وأيضاً حالة وعى غير مسبوقة.. إذن للقدرة مفهوم شامل.. تشير إلى أننا أمام دولة قوية صلبة تدخل فى عداد الدول التى تتجه نحو أن تكون قوة عظمى على الصعيد الدولى بعد أن أصبحت القوة الإقليمية الأولى فى المنطقة.


الحقيقة أن الفضل للرئيس السيسى فى بناء القدرة المصرية الشاملة وفق حسابات وخطوات وإجراءات دقيقة ومحددة ومتزامنة تعكس رؤية عبقرية قادت مصر إلى أعلى درجات الثقة والاطمئنان وضمان حقوقها وثرواتها والحفاظ على أمنها القومى.


تحيا مصر