كتبت : رشا صموئيل
نجمات تألقن فى التمثيل أمام الفنان الأسطورة والموسيقار العظيم فريد الأطرش فى أفلامه السينمائية التى حققت نجاحا كبيراً وكان لكل منهن طابع خاص وطعم مختلف جمع بين الأنوثة والإغراء والخجل والتحفظ، وقد تعلقت قلوب الملايين بتلك الصورة وظلت فى أذهانهم، غنى الأطرش لكل منهن أغنيات رومانسية مازالت تسكن فى وجدان كل واحدة منهن. التقت الكواكب بهؤلاء النجمات ليتحدثن عن فريد الأطرش الفنان والإنسان عبر السطور القليلة القادمة ..
فريد الأستاذ
النجمة ميرفت أمين بدأت حديثها عن الفنان القدير فريد الأطرش بنبرة غمرها الشجن قائلة: مهما تحدثت عن هذا العملاق لاأستطيع أن أفيه حقه فلا أستطيع أن أناديه إلا بالأستاذ على عكس عبد الحليم حافظ الذى كنت أدلله بحليم وهذا نابع من إ حساسى بروحه الشبابية، الأطرش لم يكن مجرد مطرب أو ممثل عادى بل فناناً عربىاً شاملاً ماهراً فى العزف على العود فكان يعزف على أوتار قلوبنا وبالطبع شرفت بالعمل معه من خلال فيلم (نغم فى حياتى ) الذى أعتبر دورى فيه إضافة كبيرة لتاريخى رغم أنه جاء بعد سنوات من الخبرة والصقل فى الأداء التمثيلى، ثم تستطرد أمين حديثها بفخر قائلة: لا أحد يتخيل مدى سعادتى عندما رشحنى المخرج العظيم هنرى بركات للتمثيل أمام الأسطورة فريد الأطرش بهذا الفيلم الثرى بمختلف العناصر المؤثرة من مناخ التصوير المتأجج بالحب والود، فضلاً عن المناظر الخلابة التى صورت بين بيروت والقاهرة. بالفعل كانت تجربة مشبعة تعلمت الكثير من خلالها ولكن ما أحزننى وقتها التدهور السريع الذى أصاب صحته خلال تصوير الفيلم لأنه كان يبذل مجهوداً مضاعفاً فى بروفات الأغانى بالإضافة إلي أنه كان مريضاً بالقلب وهذا يتضح فى المشاهد الأخيرة من الفيلم حيث أصيب بحالة إعياء شديدة لدرجة توقف التصوير كثيراً وبالرغم من هذا أصر على استكمال الفيلم للنهاية وفى نفس العام توفى فريد إثر أزمة قلبية أصابته فى بيروت، وكان خبر وفاته بالنسبة لى صدمة كبيرة استغرقت فترة لتجاوزها ولكن ما يصبرنى على فراقه أن ألحانه خالدة معنا تعيش فى وجداننا، ومن أكثر أغانيه التى أعشقها وأخلد إليها هائمة أغنية (ماليش غيرك).
إنسان عاشق للفن
أما الفنانة القديرة ليلى طاهر التى كانت من أصدقاء الموسيقار فريد الأطرش فقد تحدثت عن فنه وإنسانيته قائلة: أسعدنى الحظ بالتمثيل أمام الأستاذ فريد بفيلم (زمان ياحب) الذى يعد علامة هامة من علامات السينما المصرية وأيضا علامة فى تاريخى أنا شخصيا، وأتذكر اتصال مخرج الفيلم عاطف سالم من بيروت خصيصا ليعرض على الدور وبالفعل سهرت على قراءة السيناريو ومن شدة إعجابى وسعادتى به لم أخلد إلى النوم إلى أن أخبرته بالموافقة لأبدأ أجمل أيامى مع أول مشاهد التصوير برفقة باقة من أجمل وألمع النجوم منهم زبيدة ثروت ويوسف وهبى وغيرهما، أيضا كان الفيلم يجمع بين الفكرة الرائعة وجماليات الطبيعة لأن أماكن التصوير كانت خلابة بين لبنان وبيروت حيث الجبال والشواطئ والقصور، غير أن التمثيل مع العملاق فريد الأطرش له متعة خاصة على المستويين الفنى والإنسانى، فريد كان إنساناً بمعنى الكلمة عاشقاً للفن بالفعل. له فى اللحن والغناء أسلوب لا يضاهيه أحد، كما كان محباً للناس يتميز بالكرم الكبير وكان يفتح ذراعيه ومنزله بالدفء والحب لجميع الناس ويستمتع بصحبتهم ولا يفارقه فيها العود الذى يعزف عليه ونستمتع معه كثيرا.
كريم ولطيف
تتحدث بكل حب وتقدير عن الفنان فريد الأطرش قائلة: بالفعل فقداننا لهذا العملاق هو فى حد ذاته فقدان للفن الراقى، فقد كان قيمة فنية متعددة المواهب بين التمثيل والغناء والعزف والشعر، فنه كان يسرى فى دمه وروحه ، له فى اللحن والغناء أسلوب لا يضاهيه أحد وكنت أشاهده من بعيد وأتمنى فى نفسى لو مشهداً صغيراً أمامه وبالفعل تحقق لى ما أصبو إليه ورشحت لدور البطولة أمامه فى فيلم (شاطىء الحب) الذى كان بمثابة محطة حب فى مشوارى الفنى إخراج هنرى بركات عام 1961 ومهما تحدثت عن روعة التمثيل أمامه فمازلت عاجزة عن التعبير ولكن أقل ما يقال عن الحالة التى عشتها فى هذه التجربة أننى كنت فى حالة نضج فنى وإنسانى لأنه بأخلاقياته الرفيعة وفنه المتميز جعلنى أسمو فوق العادة وأنا شخصيا أعتز كثيرا بالأغانى التى وقفت أمامه فيها ومنها أغنية (قالتلى بكرة) ولكن من الطريف أننى لم أكن أعلم ماذا أفعل أمام فريد مع طول الأغنية بالطبع كنت أتمايل فى رومانسية ولكن كنت أستنفد كل التعبيرات الممكنة قبل انتهاء الأغنية ، وبالنسبة لإنسانيته أقول إنه كان مشهوراً بالكرم مع العاملين والفنيين فى الاستديو وكان يتعامل مع معجباته بلطف شديد وإلى الآن يعيش الأطرش فى وجدانى وأشتاق من آن لآخر أن أسمع صوته الذى يشجينى، لأنه كان بالفعل شخصا محبوبا وقد تجلى هذا فى مشهد جنازته التى احتشد الناس فيها من ميدان التحرير حتى عمر مكرم .
تنا فس حليم وفريد
فيلم (رسالة من امرأة مجهولة) هو الفيلم الوحيد الذى جمع ملك العود الفنان فريد الأطرش والفنانة القديرة لبني عبدالعزيز وتقول:يعتبر ثانى أفلامى بالسينما بعد فيلم "الوسادة الخالية" الذى كونت من خلاله علاقة صداقة قوية مع الفنان عبد الحليم حافظ، كانت علاقة تتسم بالحب والاحترام المتبادل لدرجة أنه كان هناك مشروع فيلم ثان معه ولكن تزامن عرضه مع قبولى لفيلم رسالة من امرأة مجهولة مما تسبب فى غضب حليم لدرجة أنه حاول إقناعى بالابتعاد عن الفيلم من خلال النقاد والصحفيين والفنانين و لكن لاقتناعى الكبير بالدور رفضت شتى المحاولات وأذكر وقتها أن الأستاذ كامل الشناوى كتب كلمة قاسية ضدى.
ولكن الحقيقة أن تصميمى على عمل هذا الفيلم كان نابعاً من عدة عوامل جذبتنى أولها حبى الجم لفريد الأطرش وأيضا أهمية دورى لأنه كان دسما جداً ويكفى أيضاً أنها كانت رواية من روايات يوسف السباعى، أتذكر عندما ذهبنا لتصوير مشاهد بلبنان فوجئت بتمتع الأطرش بشعبية هائلة وحب كبير لم أكن أتخيله على الإطلاق، حب يفوق مشاعر المصريين تجاهه وبالفعل حقق الفيلم نجاحاً كبيراً جدا فاق توقعى وأذكر موقفاً طريفاً حدث حيث فوجئت وعندما كنت علي متن إحدى الطائرات بسيدة تتقدم نحوى وتهدى لى أبياتاً من الشعر أخذت أقرأها متوقعة أنها للوسادة الخالية وإذا بى أفاجأ أنها بمناسبة فيلم رسالة من امرأة مجهولة، ثم تختتم لبني حديثها قائلة: بالرغم من حالة التنافس التى كانت بين حليم وفريد بين الكواليس إلا أن صورة هؤلاء العمالقة مازالت خالدة فى أذهاننا لأنهم القيمة الحقيقية والإبداع الفنى الذى نعيش معه بكل حالاته.
حنجرة ذهبية
بادرتنا الفنانة الكبيرة ليز سركسيان الشهيرة بإيمان قائلة: فتح لى الحظ ذراعيه عندما قدمت أول أدوارى أمام الفنان ذي الحنجرة الذهبية فريد الأطرش من خلال فيلم (الحب الكبير) ووفاء لذكراه لا عيب فى أن أعترف أن من رفعنى وقدمنى للجمهور هو فريد الأطرش ولم يكن الراحل عملاقاً بفنه فقط ولكن فى إخلاقياته أيضاً.. وعلى قدر نجوميته كان متواضعا ومحبا للخير وكانت أخلاقه حقا أخلاق ملوك، فهو ينتمى إلى آل الأطرش وهم امراء وإحدى العائلات العريقة فى جبل الدروز بسوريا ،صوته الكروان مازال يأسرنى وموسيقاه تملأ وجداننا نشوة وحباً ، كان يحظى بجماهيرية كبيرة فى العالم العربى بل الأفريقى فهو حقا أبرع من عزف على العود وصعد السلم درجة درجة وعلى كل درجة نضح عرقا غزيراً .
إيمان.. سمراء الشاشة
عن هذا العملاق الكبير نختتم حديثنا بالفنانة القديرة إيمان التى قالت:إن الفنان، بل أخى الكبير فريد الأطرش هو أول من اكتشفنى، فقد التقينا من خلال عزومة عند أحد الأصدقاء المشتركين وفوجئت به يعرض على التمثيل ولكنى رفضت فى الحال خوفا من صرامة والدى واكتشفت بعد ذلك أن الأطرش عرض التمثيل أيضا على والدى ولكنه رفض وأجابه فى حدة «من فضلك لا تعرض التمثيل على ابنتى مرة أخرى» ولكن مع مرور الوقت استهوتنى الفكرة ووجدت نفسى ارتدى ثوب الجرأة وبدأت المعارك لإقناع أسرتى بالتمثيل وبالفعل كانت أولى تجاربى فى التمثيل أمامه من خلال فيلم (قصة حبى) عام 1955 إخراج المخرج المتميز هنرى بركات وغنى لى أغنية (قدام عنيه) التى أعتز بها كثيرا ومن هنا توالت أعمالى السينمائية.
وتضيف: فريد الأطرش على المستوى الشخصى كان ملاكا يتسم بالنقاء وحسن الخلق وبسيطاً جدا ومتواضعاً، ومن الطريف أنه من كثرة تواجدنا معا ظهرت إشاعات أن هناك قصة حب بيننا ولكن هذا كان عارىاً تماما من الصحة لأنه كان بمثابة أخى الكبير الذى كان يشعر بالمسئولية تجاهى لدرجة أنه كان دائما يوصى زوجى علىّ، وقد عشت معه أجمل أيام شبابى. بالفعل هذا العملاق يستحق منى ومن جماهيره العريضة كل التقدير والاحترام.