الأحد 22 سبتمبر 2024

علاقات تاريخية وتنسيق متبادل.. العراق ومصر "حصن الأمان" للأمة العربية

الرئيس السيسي أثناء وصوله العراق

تحقيقات27-6-2021 | 12:19

أماني محمد

تعكس زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العراق، تاريخا ممتدا من التعاون والتنسيق، في ظل ما يمثله البلدان من مكانة تجعلهما "حصن الأمان" للأمة العربية بأسرها. 

تاريخ العلاقات المصرية العراقية

كانت العلاقات المصرية العراقية على مر العصور ممتدة وصلبة منذ فجر التاريخ، حيث استمدت قوتها ومتانتها من العلاقة بين حضارة مصر الفرعونية وحضارة بلاد الرافدين العراق، فتأثرت الحضارتين ببعضهما البعض وتفاعلتا معا حيث أخذت بلاد الرافدين قد أخذت عن مصر نظام الهرم المدرج في بناء معابدها، كما أخذت الحضارة المصرية نظام استخدام الأختام وفن رسم الحيوانات المجنحة منها.

وظل العلاقات بين البلدين ممتدة، ففي العصر الحديث ارتبطت مصر والعراق بعلاقات وثيقة تمتد إلى أوائل القرن العشرين عندما حصل كلا البلدين على استقلالهما من بريطانيا وأقيمت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين اللذين كانا من المؤسسين لجامعة الدول العربية في منتصف أربعينيات القرن الماضي، ثم عقدا البلدان العديد من الاتفاقيات الاقتصادية مثل السوق العربية المشتركة والاتفاقيات العسكرية مثل اتفاقية الدفاع العربي المشترك ومشروع الوحدة الثلاثية.

مواقف تاريخية بين البلدين

خلال حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، كان عبد الناصر أول المهنئين بإسقاط النظام الملكي العراقي في 14 يوليو 1958، وأعلن أن أي اعتداء على العراق الجمهوري يعد اعتداءا على الجمهورية العربية المتحدة، ثم عاد بعد ساعات إلى دمشق وقبل أن تهبط به الطائرة في مطارها ابرق للقيادة العسكرية العراقية الجديدة مباركا انتصار الضباط الأحرار العراقيين فى السيطرة على الحكم.

وكان للقوات العراقية دور في حرب 1967 مع القوات الجوية العربية، واستطاعت هذه القوة تنفيذ العديد من الواجبات في العمق الاسرائيلي من قاعدتي (الوليد) و(الحبانية) ضد (تل أبيب ونتانيا وكفر سركين) وأحدثت بها خسائر فادحة، وفي يوم 5 يونيو 1967 حال نشوب الحرب تحرك اللواء الآلي العراقي الثامن من مقره الدائم في الرمادي إلى الأردن بقيادة العميد الركن حسن مصطفى النقيب وتم وضع اللواء بامرة الفريق الركن عبد المنعم رياض قائد الجبهة الشرقية في الأردن.

كما ساندت العراق مصر وسوريا أثناء حرب أكتوبر 1973، وكان الجيش العراقى ثالث أكبر جيش عربي في الحرب بعد الجيش المصري والسوري، مما ساهم في تحرير سيناء وهضبة الجولان من الاحتلال الإسرائيلي.

لكن تأثرت العلاقات بين البلدين في أعقاب توقيع مصر اتفاقية السلام مع إسرائيل عام 1978، لكنها عادت فيما بعد إلى قوتها في ظل ما قدمته مصر من دعم مادي ودبلوماسي للعراق أثناء حربها مع إيران، واستمر التواصل بين كبار مسئولي البلدين حتى دعا العراق إلى عودة الدور الطبيعي لمصر بين الدول العربية فى عام 1983، وبالفعل في يناير 1984 نجح العراق في قيادة جهود عربية لاستعادة مصر عضويتها في الجامعة العربية.

ومنذ عام 1990 لم يزر أي رئيس مصر العراق، وذلك بعد انضمام مصر لتحالف الأمم المتحدة لإخراج العراق من الكويت، لكن عادت العلاقات بين البلدين في عهد الرئيس السيسي إلى قوتها واستمر التواصل والمباحثات المشتركة بين البلدين، بشكل دائم، وتعتبر مصر الآن الشريك التجاري الرئيسي للعراق.

 

العلاقات المصرية العراقية بعد 30 يونيو

وبعد ثورة 30 يونيو تحسنت العلاقات بين البلدين بشكل كبير على المستوى السياسي، ففي 4 يوليو 2013، بعث رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، رسالة تهنئة إلى المستشار عدلي منصور، بمناسبة تسلمه منصبه الجديد رئيسا مؤقتا لمصر، وبعد نجاح الرئيس السيسي في انتخابات رئاسة الجمهورية وتوليه مقاليد الحكم، استقبل في 9 يونيو 2014 خضير الخزاعي نائب رئيس جمهورية العراق، حيث أكد خلال تلك الزيارة أنَّ مصر داعمةً لوحدة العراق وأمنه وعروبته، فيما أكد الخزاعي تطلع العراق إلى تفعيل التعاون مع مصر في مجالات ثلاثة رئيسية: مكافحة الإرهاب، التعاون الاقتصادي، والتشاور السياسي.

كما رفضت مصر بشدة إجراء استفتاء كردستان العراق فى 2017، واتخاذ أي إجراءات أحادية قد تزيد من تعقيد الموقف، وبشكل يؤدي إلى زعزعة استقرار العراق وتغذية مناخ الفوضى والتوتر في المنطقة، ودعت جميع الأطراف لضبط النفس والدفع بالحوار البناء كأساس للتوصل إلى تسوية شاملة ومرضية بشأن القضايا العالقة بين بغداد وأربيل.

وعقب فوز الرئيس السيسي برئاسة الجمهورية للمرة الثانية بعث رئيس العراق  فؤاد معصوم برقية تهنئة إلى السيسي، مؤكدا حرصه على مواصلة العمل المشترك لمزيد من القوة لعلاقات التعاون التاريخية بين بلدينا وبما يخدم المصالح المشتركة لشعبينا الشقيقين ويسهم فى تعزيز الامن والسلام والتعاون في المنطقة.

مباحثات مصرية عراقية

في يناير2015، زار رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، والتقى بالرئيس السيسي، حيث أكد أهمية تعزيز الجهود المشتركة لمكافحة ظاهرة الإرهاب، مثمناً على جهود العبادى للوفاق بين كافة أطياف الشعب العراقي للتصدى لخطر داعش، والجماعات المتطرفة.

وفي 7 مارس 2016 زار الرئيس العراقي فؤاد معصوم، للمرة الأولى بعد تولي الرئيس السيسي رئاسة مصر، حيث بحث الجانبان سبل التعاون والتنسيق بين البلدين في ما يتعلق بمكافحة التنظيمات الإرهابية والأمن إلى جانب التحديات الداخلية والإقليمية التي تواجه حكومة بغداد في المرحلة الراهنة.

واستمر التنسيق بين قادة البلدين سواء عبر المحادثات الهاتفية أو اللقاءات الثنائية بين المسئولين في البلدين، وزيارات الوفود المتبادلة ففي يناير 2018 زار المهندس إبراهيم محلب مساعد الرئيس للمشروعات القومية والاستراتيجية بزيارة للعراق، استقبله حيدر العبادي رئيس وزراء العراق، حيث سلمه محلب رسالة من الرئيس السيسي تؤكد دعم مصر للعراق واستعدادها للمشاركة في جهود الإعمار.